ما زلنا ندفع ثمن أخطاء جونسون في "بريكست"، والاتحاد في خطر
2024-02-04
أندرو غرايس
أندرو غرايس

رتب ريشي سوناك جزءاً آخر من الفوضى التي خلفها بوريس جونسون. كان من الممكن، بل كان ينبغي، أن تكون الصفقة التي أعلن عنها في مجلس العموم اليوم لتقليص عمليات التفتيش الحدودي على البضائع المتجهة من بريطانيا العظمى إلى إيرلندا الشمالية جزءاً من صفقة جونسون في شأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. ولكن لا يمكن للمرء أن يصدق أن رئيس الوزراء آنذاك لم يفهم التفاصيل، كما أخبرني أحد كبار موظفي الخدمة المدنية في ذلك الوقت، أو كان يعلم بأنه يخلق حدوداً تجارية في البحر الإيرلندي، لكنه كان يكذب بهذا الشأن.

في الواقع، لا تزال المملكة المتحدة بأكملها تدفع ثمن صفقة جونسون مع الاتحاد الأوروبي. أصبحت عمليات التفتيش التي تطاول الواردات من النباتات واللحوم والمنتجات الحيوانية الأخرى القادمة من الاتحاد الأوروبي، والتي تأخرت في خمس مناسبات، سارية المفعول اليوم – بعد مرور أربع سنوات بالضبط على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. قد نشهد ارتفاعاً في الأسعار ونقصاً في محال السوبرماركت نتيجة لذلك.

انتصار آخر لجونسون. ليس لدى سوناك القوة داخل حزبه للتعامل مع تبعات تلك الكارثة، على رغم أنها تضر باقتصاد المملكة المتحدة. من المرجح أن تقع المهمة على عاتق حكومة حزب العمال، التي ستتماشى مع قواعد الاتحاد الأوروبي.

يستحق سوناك وكريس هيتون هاريس، وزير إيرلندا الشمالية، الثناء لإقناع الحزب الاتحادي الديمقراطي بالعودة لحكومة تقاسم السلطة – وإن بعد عام مما كانا يأملان حين وضع سوناك اللمسات الأخيرة على اتفاق إطار وندسور مع الاتحاد الأوروبي.

دائماً ما تدور عجلات الحزب الديمقراطي الوحدوي ببطء، وقد ألحقت مقاطعة الحزب لمدة عامين لجمعية المقاطعة وسلطتها التنفيذية الضرر بالحزب. كما ألحق متحجرو التفكير في الحزب الاتحادي الديمقراطي الأذى بالحزب من خلال معارضة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وهو ما صوت شعب إيرلندا الشمالية ضده. لم يكن التودد إلى المحافظين مفيداً للحزب الديمقراطي الوحدوي – فقد خانهم جونسون.

كان على زعيمهم جيفري دونالدسون الفوز ببعض التنازلات للتفوق على المتشددين داخل حزب يرى الخيانة في كل حدب وصوب. من المفهوم أن دونالدسون يقوم بتعديلات كبيرة من شأنها أن تقلل من الفحوصات الجمركية وتسمح لإيرلندا الشمالية بالاستفادة من الصفقات التجارية المستقبلية في المملكة المتحدة.

وعلى رغم ادعاء دونالدسون أنه "لن يكون هناك أي فحوصات أو أي أوراق جمركية" على البضائع التي تتحرك داخل المملكة المتحدة، يبدو أن الحزمة لا تلبي مطالبه الأصلية.

ولكن بمجرد موافقة مجلس العموم على إطار وندسور، فإن دونالدسون لن يحقق تلك المطالب أبداً. يجب أن تكون التعديلات كافية لإبعاد منتقديه من الحزب الديمقراطي الوحدوي. ولكن، مثلما حل الحزب الديمقراطي الوحدوي محل حزب أولستر الوحدوي بزعامة ديفيد تريمبل بعد توقيعه على اتفاق الجمعة العظيمة، قد يطوق المتشددون مثل حزب الصوت الوحدوي التقليدي الحزب الديمقراطي الوحدوي.

تطلبت خطوة دونالدسون في نهاية المطاف الشجاعة، لكنه كان على حق في استعادة الحكم الذاتي. تواجه الخدمات العامة في إيرلندا الشمالية صعوبات كبيرة بعد توقف دام عامين، ولن تحل منحة الحكومة البريطانية الحتمية البالغة 3.3 مليار جنيه استرليني المشكلات المتراكمة، لا سيما في ما يتعلق بأجور القطاع العام.

بالنسبة إلى سوناك، فإن هذه الخطوة لا تخلو من الأخطار. فهو يمكن أن يفتح على نفسه جبهة أخرى في معركته مع منتقديه اليمينيين، الغاضبين بالفعل من أن مخططه في رواندا ليس صارماً بما فيه الكفاية وأن اقتراحه برفع السن القانونية للتدخين "غير محافظ". يخشى المحافظون المتشككون في الاتحاد الأوروبي أن تمنع صفقة الحزب الديمقراطي الوحدوي المملكة المتحدة من تجنب لوائح الاتحاد الأوروبي، التي من المفترض أن اتفاق خروج جونسون الصعب أتاحها. ويصر الوزراء على أن المملكة المتحدة لا يزال لديها الحق في الاختلاف عن مسار تلك اللوائح، لكن اتفاقية الحزب الديمقراطي الوحدوي تجعل من غير المرجح أن تستخدم ذلك الحق. كما هو الحال في رواندا وإطار وندسور، من المحتمل أن يتلاشى تهديد التمرد اليميني.

إلا أن الصفة لن تنهي التهديد لبقاء المملكة المتحدة في صورتها الحالية. رأى دونالدسون أن عدم وجود حكومة مفوضة فاعلة من شأنه أن يقوض الاتحاد من خلال بناء الدعم لإيرلندا موحدة. لكن استراتيجيته تنطوي على مقامرة. فمع فوز شين فين بأكبر عدد من المقاعد في انتخابات الجمعية الأخيرة، ستصبح نائبة رئيسه ميشيل أونيل وزيرة أولى في وقت لاحق من هذا الأسبوع، وهي المرة الأولى التي يشغل فيها القوميون هذا المنصب – وهي لحظة رمزية للغاية. وقد يفوز الشين فين أيضاً في الانتخابات المقبلة في إيرلندا، وهو يتصدر حالياً استطلاعات الرأي هناك. وسوف يعزز فرصه في الجنوب إذا حكمت أونيل بمسؤولية في الشمال.

من شأن الإمساك بالسلطة على جانبي الحدود أن يضع قضية إيرلندا الموحدة بقوة على جدول الأعمال. تقول رئيسة شين فين، ماري لو ماكدونالد، إن استعادة تقاسم السلطة في إيرلندا الشمالية جعل إيرلندا الموحدة قاب قوسين. لم يعد هدفها المتمثل في إجراء اقتراع في الجانبين في شأن توحيد البلدين بحلول عام 2030 يبدو احتمالاً بعيد المنال. وتلتزم حكومة المملكة المتحدة بإجراء تصويت إذا كان هناك دعم شعبي ثابت له في الشمال. وعلى رغم أن الأحزاب النقابية مجتمعة تشغل مقاعد أكثر من القوميين في الجمعية، إلا أن فترة من الحكومة المستقرة بقيادة شين فين قد تغير ذلك. يمكن أن يصبح الاحتمال بعيد الأجل لوحدة إيرلندا احتمالاً متوسط الأجل.

وبالمثل، لا ينبغي أن تخفي اضطرابات الحزب الوطني الاسكتلندي أن دعم اسكتلندا المستقلة لا يزال عند مستوى 45 في المئة تقريباً الذي سجل في استفتاء عام 2014.

ربما ينعكس هذا لصالح حظوظ حزب العمال الآن، ومن المفترض أن يحصل على 20 مقعداً اسكتلندياً في الانتخابات العامة. لكن المطلعين على حزب العمال يعترفون سراً بأنه إذا استعاد الحزب السلطة في وستمنستر، فسيتعين عليه العمل بجد لوقف القوميين من بناء الدعم للاستقلال من خلال "سياسة المظالم"، كما فعلوا عندما كان حزب العمال في السلطة آخر مرة.

الكفاح من أجل إنقاذ الاتحاد لم ينته بعد، لقد بدأت للتو.

*هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن موقع الأمة برس-اندبندنت عربية-



مقالات أخرى للكاتب

  • هوس سوناك بمشروع الترحيل إلى رواندا يؤدي إلى انقسام حزبه
  • سوناك أمام خيارات انتخابية صعبة
  • ماذا تعني نتائج الانتخابات المحلية للأحزاب البريطانية الرئيسة؟






  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي