هوس سوناك بمشروع الترحيل إلى رواندا يؤدي إلى انقسام حزبه
2023-12-13
أندرو غرايس
أندرو غرايس

تضاعفت كلفة الخطة الفاشلة التي وضعتها الحكومة من أجل ترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا، لتصل إلى 290 مليون جنيه استرليني، لكن ريشي سوناك لا يزال يبدد مزيداً من الجهد والوقت لتفعيل مشروع بات بحكم الميت. لقد رفع أهميته بحماقة إلى مرتبة بات عندها يشكل أكبر اختبار لسلطته كرئيس للوزراء.

لو لم يتعهد سوناك "إيقاف القوارب"، ووعد بدلاً من ذلك بتخفيض عدد تلك التي تعبر القنال الإنجليزي، لربما كان ذلك قد عاد عليه باعتراف ببعض الفضل في تراجع [عدد القوارب الصغيرة الآتية عبر القنال الإنجليزي بنسبة] الثلث لهذا العام. لقد أبرم اتفاقاً ناجحاً مع ألبانيا لإعادة [المهاجرين الذين جاءوا من طريقها]. ولو أن رئيس الوزراء قد بذل في سبيل تأمين اتفاقات مماثلة لها الجهد نفسه الذي قام به في شأن خطة رواندا، لكان حقق نتائج أفضل بكثير يستطيع الآن التفاخر بها.

ومع هذا، يعطي رئيس الوزراء الناخبين الانطباع بأن كل البيض موجود في سلة رواندا، وذلك على رغم أن المحكمة العليا قد أصدرت حكماً جاء فيه أن الخطة غير قانونية، كما تعترف وزارة الداخلية بأنه "من غير الممكن تقدير" ما إذا كانت الخطة ستمنع المهاجرين فعلاً من عبور القنال الإنجليزي.

لقد أصاب جيمس كليفرلي، وزير الداخلية، عندما قال إن مشروع رواندا "ليس خاتمة الأحزان أو الجزء الأكثر أهمية" من الجهود الرامية إلى منع عبور القوارب. وقد أدى رد الفعل العنيف المتوقع من جانب جناح اليمين إلى ردع سوناك عن أن يحذو حذو كليفرلي [ويخفف الانطباع بأن الخطة ستكون وصفة سحرية] مع أنه كان ينبغي عليه أن يفعل.

وكان من الصعب دائماً على سوناك أن يحظى بدعم حزبه الذي تنهشه صراعات مختلفة، في المحاولة الثالثة للحكومة لإنجاح مشروع غير قابل للتنفيذ. وأشعل سوناك هذا الأسبوع من جديد حروب "بريكست" عن غير قصد، إذ إن الزعيم الذي كان من المفترض أن يوفر الاستقرار أصبح مثل تيريزا ماي. فهي لم تتمكن من ردم الهوة بين جناحي اليسار واليمين في حزب المحافظين فيما كانت تكافح من أجل تنفيذ قرار مغادرة الاتحاد الأوروبي. ويواجه الآن الحل الوسط الذي يسعى إليه سوناك في شأن رواندا، خطر التعرض لا لمصير ذاته.

هناك كثير من أوجه التشابه [بينهما، فسوناك الآن، كما كانت ماي] رئيس الوزراء المضطرب الذي يدعو إلى الوحدة في حزب المحافظين قبل إجراء اقتراع حاسم في مجلس العموم وسط تكهنات بأن نوابه سيفرضون التصويت على سحب الثقة منه كزعيم للحزب. وإذا فرض منتقدو سوناك ذلك، فمن المؤكد أنه سيفوز في التصويت، لكنه قد يتعرض لإصابة قاتلة. قبل خمس سنوات بالضبط، نجت ماي من مثل هذا التصويت بيد أنها استقالت بعد خمسة أشهر.

المقاتلون لا يزالون على حالهم. فهناك المؤيدون لأوروبا في حقبة تيريزا ماي وهم أعضاء في "مجموعة الأمة الواحدة" القوية التي تتألف من 100 نائب، والتي تخشى أن يذهب مشروع قانون سلامة رواندا إلى أبعد مما ينبغي. في المقابل، يعمل المتشككون في أوروبا الذين أسقطوا ماي، أنفسهم على إثارة تمرد جديد لجناح اليمين، لأن المشروع لا يذهب بعيداً بشكل كاف، وذلك أساساً لأنه لا يمنع المهاجرين من الدفع بطعون قانونية فردية بموجب الاتفاق الأوروبية لحقوق الإنسان ضد إرسالهم إلى رواندا. لقد أصبح الانسحاب من الاتفاق الأوروبية لحقوق الإنسان بمثابة "بريكست جديد" بالنسبة إلى اليمين.

إن احتمال تقديم مثل هذه الطعون القانونية قد أحبط روبرت جينريك وحمله على التنحي. وكانت استقالته من منصب وزير دولة [لشؤون] الهجرة بمثابة ضربة قوية لسوناك لأنهما صديقان وحليفان. وإن رئيس الوزراء، الذي كان أكثر قلقاً في شأن جناحه الأيسر لأن مشروع القانون كان صارماً للغاية، قد صدم من خطوة جينريك، لكن لم يكن من المفترض به أن يصاب بصدمة، فقد كانت العلامات التحذيرية حاضرة الأسبوع الماضي، عندما تجاهل جينريك المسؤولية الجماعية [التي يتوقع من أعضاء الحكومة احترامها] وقال، إنه كان يجب اعتماد خطته الخاصة في عيد الميلاد الماضي.

لا بد أن سوناك يشعر بالندم لأنه لم يعط جينريك المنصب الذي أراده، ألا وهو وزير الدفاع أو لأنه لم يعينه وزيراً للداخلية عندما تمت إقالة رئيسته [السابقة] سويلا برافرمان. ليس هناك غضب يشبه في حدته غضب صديق تم تجاهله [وسمح لـ] نواب دخلوا مجلس العموم من بعده مثل كلير كوتينيهو، أن يتجاوزوه.

ويعتبر أعضاء البرلمان من حزب المحافظين رحيل جينريك بمثابة نذير شؤم لهذا الزمن. وخلصوا إلى أنه يعد نفسه للمعركة في سبيل الفوز بزعامة الحزب إذا خسر المحافظون الانتخابات العامة العام المقبل. على رغم أن سوناك أراده أن يكون عينه الساهرة في وزارة الداخلية، فإن جينريك الطموح كان دائماً حريصاً على ترك خياراته العديدة مفتوحة، هكذا ذكر أعضاء في الجناح اليميني لحزب المحافظين هذا الأسبوع، أن جينريك أقام حفلاً لهم في منزله في وستمنستر قبل عامين.

لقد أدت استقالة جينريك إلى جعل عملية التوازن الصعبة التي يقوم بها سوناك أشد صعوبة. تم التعجيل بطرح مشروع القانون [على التصويت من قبل النواب] يوم الأربعاء في محاولة لمنع برافرمان من خطف العناوين الرئيسة للأخبار ببيان استقالتها المتفجر في مجلس العموم.

ولكن بعد ذلك خطفت استقالة جينريك الضوء من مشروع القانون.

على رغم أن بعض المحافظين سيمتنعون عن التصويت عندما يتم طرح مشروع القانون للقراءة الثانية الثلاثاء، فمن المحتمل أن يأتي موعد التصويت الحاسم في العام الجديد عندما تسنح الفرصة للنواب بإجراء تعديلات على مشروع القانون. هناك فارق واحد مهم مع معركة "بريكست". ففي ذلك الحين كان جناح اليمين يشكل الغالبية [بين النواب]. واليوم، يتمتع جناح اليسار في حزب المحافظين بميزة بالغة الأهمية، فمن المحتمل أن يوحد الصفوف مع أحزاب المعارضة من أجل إنزال هزيمة بالحكومة، في حين سيكافح جناح اليمين في حزب المحافظين للعثور على حلفاء.

يؤدي إنعاش سوناك شبح تيريزا ماي، في الأقل، تغييراً [بعدما دأب على] تذكيرنا ببوريس جونسون وليز تراس. إلا أن مشكلة سوناك هي القاسم المشترك [بين حالات] فوضى حزب المحافظين. وتجري إعادة عرض [تخبط المحافظين الذي يشبه] الفيلم، في عهده. لم يكن من المفترض أن يكون الأمر هكذا.

إن ريشي سوناك عرضة لخطر الفشل في إرضاء أي من الفريقين المتحاربين في حزبه، وذلك في سياق محاولته لتهدئتهما، في حين يشعر الناخبون الذين لم يتخلوا بعد عن [أصحاب] هذا الفيلم باليأس من "المحافظين القدامى نفسهم".

*هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن موقع الأمة برس-اندبندنت عربية-



مقالات أخرى للكاتب

  • ما زلنا ندفع ثمن أخطاء جونسون في "بريكست"، والاتحاد في خطر
  • سوناك أمام خيارات انتخابية صعبة
  • ماذا تعني نتائج الانتخابات المحلية للأحزاب البريطانية الرئيسة؟






  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي