إيران وأميركا اللاتينية... مكاسب حقيقية أم دبلوماسية دعائية؟
2023-08-06
هدى رؤوف
هدى رؤوف

عمدت إيران إلى توظيف خطاب المقاومة وشعارات الاستغلال الإمبريالي في نسج علاقات خارج منطقة الشرق الأوسط مع دول أميركا اللاتينية، لا تتوقف فقط على التعاون الثقافي ومحاولة نشر الكتب الدينية المنسوبة لمؤسس النظام الإيراني الخميني مترجمة عن الفارسية، بل تعمل على تعزيز التعاون الاقتصادي والعسكري مع تلك الدول، وتسعى إلى الترويج لوجود تكتل دولي معاد للولايات المتحدة والهيمنة الغربية.

التعاون القوي بين إيران وبعض النظم الثورية في أميركا اللاتينية يستدعي التفكير في الأهمية السياسية لتلك القارة البعيدة من إيران، إذ تحاول طهران تكوين تحالفات قرب الولايات المتحدة وفي فنائها الخلفي، بهدف موازنة الوجود الأميركي في الشرق الأوسط ولا سيما العراق، ومن ثم تهديد بعض المصالح الأميركية.

وأحدث مشاهد التعاون التي أثارت قلق بعض المسؤولين الأميركيين هو اتفاق إيران وبوليفيا على التعاون العسكري وإمداد الأخيرة بطائرات إيرانية من دون طيار، كما أعرب وزير الدفاع الإيراني محمد رضا أشتياني عن استعداد بلاده تزويد الجيش البوليفي بالمعدات التي يحتاج إليها لمكافحة تهريب المخدرات وتأمين حدوده، وقال إن مثل هذا التعاون يمكن أن يكون نموذجاً لأصدقائنا في أميركا الجنوبية.

التصريح ذاته قيل أثناء زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا أخيراً وإعلانه نية إمداد سوريا بدفاعات جوية، وأنها رسالة موجهة لأصدقاء إيران بالوقوف إلى جانبهم.

ولا شك في محاولة إيران الاستفادة من الصناعات العسكرية لديها وإيجاد موطئ قدم في صناعة السلاح الدولي، لا سيما مع الترويج أخيراً للطائرات المسيرة التي أمدت بها روسيا خلال حربها مع أوكرانيا، والحصول على مشترين جدد في أميركا اللاتينية، مما يمثل ورقة ضغط إضافية لمناكفة الولايات المتحدة.

وصدر عن مدير الاتصالات الاستراتيجية لمجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي تصريح بأن واشنطن تحث جميع الدول على التفكير قبل الدخول في ترتيبات دفاعية مع دولة مثل إيران، فالاتفاق الأمني مع بوليفيا يبدو غامضاً وغير معروفة نصوصه، وإن بدا هدفه الحصول على طائرات من دون طيار وقوارب إيرانية لمراقبة الحدود ومكافحة تهريب المخدرات.

وتحاول إيران عبر الاتفاق الأمني مع بوليفيا وزيارات رئيسي لدول مثل الصين وسوريا ودول أميركا اللاتينية تحقيق مكاسب دبلوماسية وعسكرية إن استطاعت، ولا شك في أن إمداد إيران روسيا بالطائرات المسيرة كان أحد الأسباب التي دفعت واشنطن إلى إجراء محادثات سرية مع طهران من أجل ما قيل إنه اتفاق موقت، ومن ثم فإن إيران تتحفز للحصول على مزيد من التنازلات من واشنطن عبر إرسال رسائل مفادها أن طهران بصدد تعزيز نفوذها الاستراتيجي في أميركا اللاتينية، ولا ينفصل هذا عن زيارة إبراهيم رئيسي لكل من فنزويلا ونيكاراغوا وكوبا وتوقيع اتفاقات اقتصادية.

وتحاول إيران فك عزلتها الدولية والخروج من الضغط الأميركي وإيجاد منافذ أخرى بعيدة من الغرب مع الدول التي لا تروق لواشنطن تحديداً، عبر مزيج من الشعارات الثورية والأيديولوجية وتوظيفها على الواقع في اتفاقات تعاون عسكري واقتصادي، ليطل السؤال هنا حول الجدوى الحقيقية من الزيارات المكوكية للرئيس الإيراني، وهل ستحقق مكاسب حقيقية عسكرياً واقتصادياً وتغير المعادلات الأمنية أم أنها مجرد مكاسب دبلوماسية لا تتعدى الدعاية؟

*هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن موقع الأمة برس-اندبندنت عربية-



مقالات أخرى للكاتب

  • لماذا وُضعت إيران على قائمة الدول المقيدة للإنترنت؟
  • الطريق نحو اتفاق موقت بين واشنطن وطهران
  • تنافس القوى العظمى في الشرق الأوسط






  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي