كل أسبوع تقريباً يعلن «جمهوري» جديد اعتزامه منافسةَ دونالد ترامب الترشحَ لمواجهة الرئيس جو بايدن في الانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل. وإلى غاية الـ24 من مايو، كان حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس الاسم الأكثر تداولاً واحتمالاً للقيام بمحاولة جادة ضد ترامب. لكن حملته عرفت بدايةً كارثيةً، إذ عانى تطبيق التواصل الاجتماعي المملوك لإيلون ماسك «تويتر»، الذي كان يفترض أن يكون منصةً للإعلان عن الترشح، من جملة مشاكل واختلالات تقنية. ويظل ديسانتيس المرشح الأوفر حظاً في السباق داخل الحزب الجمهوري، لكنْ لديه عدد من المنافسين الجادين الذين سعدوا برؤية بدايته المتعثرة.
ترامب لم يواجه أي منافسين جمهوريين في سباق إعادة انتخابه عام 2020، لكن في عام 2016 كان هناك 11 متسابقاً على الترشيح الحزبي حين انطلق موسم الانتخابات التمهيدية. المنافس الأبرز كان جِيب بوش، حاكم ولاية فلوريدا الأسبق وابن الرئيس جورج إتش دبليو بوش، وأخا الرئيس جورج دبليو بوش. كان بوش الأوفرَ حظاً في استطلاعات الرأي المبكرة وصاحبَ أكبر قدر من التبرعات المالية في الحملة الانتخابية. وشملت قائمةُ المرشحين الآخرين ماركو روبيو (فلوريدا)، وتِد كروس (تكساس)، وكذلك جون كاسيش، وكريس كريستي، ومايك هوكابي، وجميعهم حكام ولايات مهمة.. لكنهم سرعان ما انسحبوا من السباق تباعاً في وقت ازداد فيه زخم ترامب عبر البلاد.
ويأمل ترامب هذه المرة أن يواصل عدد المنافسين الارتفاع وأن يستطيع دحرهم جميعاً مرةً واحدة. وإلى جانب ديسانتيس، تُعد السفيرة الأميركية السابقة إلى الأمم المتحدة نيكي هالي، والسيناتور تيم سكوت (كارولاينا الجنوبية)، ونائب الرئيس السابق مايك بانس منافسين مهمين.
والدا هالي هاجرا إلى الولايات المتحدة من الهند، وبالتالي فإنها ستمثِّل كتلةً ناخبةً متنامية من الآسيويين في الولايات المتحدة، كتلةً ناجحةً وتحقق صعوداً اجتماعياً وتؤمن باقتصاد السوق والاكتفاء الذاتي. وتتبنى هالي موقفاً صارماً من قضايا الأمن القومي. وخلافاً لترامب، فهي تدعم أوكرانيا بقوة في حربها مع روسيا. أما تيم سْكوت، فهو سياسي أسود ناجح نشأ في الفقر مع أم عازبة علّمته أهمية التعليم والانضباط. وفاز بمنحة للدراسة في الجامعة، وترأس شركتَه الخاصة في مجال التأمين قبل دخول عالم السياسة. وخلافاً لترامب وديسانتيس، يؤمن سْكوت بتوحيد الأميركيين ويستهدف الناخبين المعتدلين في كلا الحزبين. وينصبّ تركيزه على بناء الجسور وليس على الغضب والانتقام.
وفي الأثناء، يقف مايك بانس على يمين هالي وسْكوت. ويمتلك بانس قاعدة أتباع قوية بين الإنجيليين المسيحيين، وقد كان حريصاً على الإشادة بالعديد من إنجازات إدارة ترامب. لكنه اعترض على سلوك ترامب بقوة يوم 6 يناير 2021، وعلى محاولة التمرد والاقتحام من قبل مجموعة من أنصار الرئيس السابق لمقر الكونجرس، حيث كان هدفاً للمحتجين الذين كانوا يهتفون «اشنقوا مايك بانس».
وينبغي أن تقوم استراتيجية كل مرشح على افتراضات بشأن تركيبة الحزب الجمهوري. فكم من أولئك الذين يُعتبرون جزءاً من قاعدة ترامب، أي أنصارهِ الحقيقيين الذين يصوّتون له دائماً، سيهجرونه ويرحلون عنه إلى أولئك الذين يكررون العديدَ من موضوعات ترامب اليمينية؟ وهل سيكون الممتعضون من ترامب الذين لن يدعموه مستعدين للتصويت لشخص يشاطره آراءَه ولكن ليس بالدرجة ذاتها من الحدة؟ وهل ستنجذب نساء الضواحي، والأميركيون اللاتين، والذكور المتخرجون من الجامعات.. إلى آراء هالي وسْكوت الأكثر اعتدالاً؟
الواقع أن آخرين قد يلتحقون بالسباق لاحقاً، بمن فيهم أسماء مشهورة ببراعتها في التناظر الانتخابي مثل كريس كريستي وحاكم ولاية نيوهامبشر كريس سنونو، المستعدين لمواجهة ترامب مباشرةً بانتقادات شديدة. غير أن هذا يفترض أن ترامب مستعد للمشاركة في مناظرات رسمية مع منافسيه، والحال أن هذا أمر لا يمكن التعويل عليه.
والأكيد أنه بنهاية الصيف قد تتضح الصورة أكثر، وقد تكون مشاكل ترامب القانونية زادت. لكن في الوقت الراهن على الأقل، يظل ترامب المرشح الأقوى والأوفر حظاً ليكون «الجمهوري» الذي يواجه جو بايدن.
*هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن موقع الأمة برس-الاتحاد-