أحدث فكرة للعبة الليغو تعتبر ثورة لا مجرد يقظة في الوعي
2023-03-05
جيمس مور
جيمس مور

انتظروا لحظة. هل أصبحت شركة الألعاب "ليغو" فجأة تتمتع بيقظة في الوعي، فبات لديها الآن مجسمات عن شخصيات تعاني إعاقات بدنية؟ هل إنها تسعى لتكون شركة شاملة لكل فئات المجتمع (وذلك أمر بشع)؟

أؤكد لكم أنه [انتقاد شركة "ليغو" على مجسماتها الجديدة] أمر مثير للسخط. إنه أمر مشين. لماذا لا نعثر على قناة "فوكس نيوز" حينما نحتاج إليها؟ لحظة، يبدو أن إحدى مقدمات البرامج في هذه القناة قد قررت إنقاذنا من هذا الجنون. إنها هاريس فولكنر. إذ صعدت إلى طاولة الأخبار ووجهت ضربة سريعة إلى شركة الألعاب متهمة إياها بالانتماء إلى تيار يقظة الوعي [اختصاراً، ووك، بحسب تعبير أميركي شائع].

هل إن وجود شخصيات ألعاب متحركة بأطراف مفقودة، ومتلازمة "داون" [تسمى منغوليزم أيضاً]، ومرض قصر الانتباه وفرط النشاط الحركي، والقلق، بات من الصفات التي من شأنها أن تدفع أي إنسان يتمتع بتفكير سليم إلى أن إيداع من يتصف بها في مصحة نفسية بعيداً من الأنظار؟ إن هذا [النوع من التفكير ضد تلك الشخصيات]، أمر غير مقبول. إن محو الإعاقة من الوجود هو أمر يجيده الليبراليون الجبناء في هوليوود، ويعرفون كيف يفعلون ذلك على أكمل وجه دائماً.

لا، ما أقوله هنا لا علاقة له بالموقع الشبكي الساخر "أونيون" Onion.  وكذلك لا يملك صلة مع حلقات المسلسل التفلزيوني الكوميدي "ساوث بارك" South Park. إذ تركز قناة "فوكس نيوز" وغيرها من المحطات، انتباهها على أضخم شركة تلصنيع ألعاب الأطفال، لأنها تجرأت أن تعترف بأن بعض الأطفال لا يشبهون الصورة المثالية والمستنسخة التي تقدمها "ديزني" عن أعضاء نادي "ميكي ماوس". [إشارة إلى أن شركة ديزني لا تقدم رسوماً من بطولة أصحاب الإعاقات البدنية أو النفسية].

واستطراداً، إن بعض الأطفال هم من مبتوري الأطراف. ويعاني بعضهم "متلازمة داون". ويقاسي بعضهم إعاقات مختلفة. ويرزح بعضهم تحت وطأة مشكلات متعلقة بالصحة العقلية. إذاً، ماذا عسانا أن نتوقع من ذلك كله؟ هل نتوقع شخصية مصغرة تجلس على كرسي للمقعدين؟

ولكن، مهلاً. لقد نهضت شركة "ليغو" بذلك بالفعل. كانت هناك شخصية في أحد أنواع ألعاب "ليغو" الشائعة، ويشتريه الأطفال في عبوات ولا يعرفون الشخصية التي سيحصلون عليها إلا بعد أن يفتحوا العبوة (على رغم أنه يمكن للشخص البالغ عادة الحصول على فكرة ما عن طريق الضغط على العبوات بحرص حتى لا يحصل على شخصية متكررة).

لقد شعرت ابنتي بسرور بالغ حينما حصلت على شخصية كرسي المقعدين لأني مقعد واستخدم كرسي متحرك. ويرجع ذلك إلى أن وجود شخصيات تمثل أشخاص مثلي يعني كثير بالنسبة إلى ابنتي، حتى لو كانت الشخصية تبدو أصغر مني بـ30 عاماً (على الأقل) وتتفاخر برأس بلاستيكي يكسوه الشعر من كل مكان.

إذاً، لماذا لا يجري الاحتفاء بشركة الألعاب تلك وتكريمها [على صنعها شخصيات تمثل من يعانون إعاقات واضطرابات]؟ ولماذا يتم إقحام هذه الشركات في ما بات يشار إليها بتسمية "حروب يقظة الوعي"؟

واستطراداً، إن انتقاد شركة "ليغو" بشع على نحو فاقع، بالنظر إلى أن الأطفال الذين استهدفت تمثيلهم في ألعابها يلمسون بشكل أساسي أنهم يعاملون بوصفهم مختلفين عن سواهم. وكذلك فإنهم يسمعون مصطلحات إساءة تتناقلها الثقافة الشعبية ويجري تكرارها في أماكن اللعب. هل يحتاج هذا الأمر فعلاً إلى توضيح وتحديد أكثر من ذلك؟

واستكمالاً، إن تمثيل الإعاقة في عالم الترفيه ككل لا يحدث إلا في حالات نادرة. هناك تقريباً بريطاني من بين خمسة بريطانيين في المملكة المتحدة يعاني إعاقة ما. والآن، شغل تلفزيونك وشاهد البرامج المعتادة القديمة. يمكنك بسهولة مشاهدتها لمدة أسبوع (أو حتى شهر) ولن ترى أية شخصية تمثل المعاقين. في خيار مماثل، توجه إلى محل الألعاب المحلي القريب منك (في حال كان ما يزال مفتوحاً ولم يقوموا بإغلاقه). وسيتضح لك قلة عدد منافسي شركة "ليغو" في الحي الذي تسكنه.

بالتالي، يجب الاحتفاء بقرار شركة صناعة الألعاب. إذ تساعد الشركة الأطفال على التوغل في عالم خيالي لا يوجد فيه قناة "فوكس" الإخبارية ولا متنمرين في أماكن الألعاب. عالم يشعرون فيه بأنهم مقبولون. وفي المقابل، لن يعتبر هذا النوع من الألعاب [التي تمثل أصحاب الإعاقة] بوصفهم مشكلة، إلا من قبل الذين لديهم وجهة نظر مشوهة عن العالم.

لا يسعنا إلا أن نأمل أن أكبر شركة ألعاب في العالم قد أصبحت الآن تنتج شخصيات صغيرة لديها إعاقات، من بين أربعة مليارات (وأكثر) شخصية صغيرة، ومن خلال 28 مجموعة تباع كل ثانية، الأمر الذي يساعد في إيجاد محفز لإجراء تغيير في المواقف على نطاق أوسع.

هل يمكن للشركة الآن إبرام الصفقة من خلال دفع توجيه بعضاً من  الأرباح لمصلحة "جمعية حقوق المعاقين" Disability Rights UK وغيرها من الجمعيات المشابهة لها في جميع أنحاء العالم؟ وتوخياً للصراحة التامة، إن الخطوة التي نهضت بها شركة "ليغو" تعد رائعة من منظور القدرة على الاحتضان الإنساني الشامل. وكذلك فإنها فكرة ناجحة تجارياً وستحقق منافع تجارية.

بالنتيحة، أتخيل أن هناك كثيراً من الأموال الأرجوانية بالجنيه الاسترليني واليورو والدولار (العبارة المستخدمة لأموال الأشخاص ذوي الإعاقة) التي ستنفق على هذه المجموعات. لقد حان الوقت كي تتبرع شركة "ليغو" ببعض تلك المبالغ للمعاقين. فلتنهض شركة "ليغو"، ولتنجز ذلك الآن.

*هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن موقع الأمة برس-اندبندنت عربية-



مقالات أخرى للكاتب

  • إيلون ماسك يزرع رقائق كمبيوتر في الأدمغة... كيف أحصل على واحدة؟
  • مشكلة الوعد بتخفيض الضرائب: لا يمكننا تحمل كلفته
  • هل يمكن لمنتدى دافوس أن يفجر مفاجأة؟





  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي