ما من أحد يستحق الطريقة التي عوملت بها أثناء استشارتي الطبية
2023-01-19
جيمس مور
جيمس مور

تم وضعي على جهاز لقياس الوزن داخل مكتب الممرضة، وهو مكان فيه من المهانة للشخص ما يكفي حتى في أفضل أوقاته، ومع ذلك إذا كنت مصاباً بمرض السكري من النوع الأول كالذي أعانيه منذ أن كنت في الثانية من عمري، فمن الضروري أن تراقب وزنك.

ما حدث بعد ذلك لم يكن ضرورياً، فالممرضة بدأت تضرب بأصابعها بقوة على الرقم قائلة "هل تراه؟ هل يمكنك أن ترى ذلك؟ إنه رقم (كذا)... هل يمكنك رؤيته؟ انظر إليه".

طبعاً كان يمكنني أن أرى الرقم بشكل جيد، قد أكون مصاباً ببعض الإعاقات لكنني لم أكن أعاني ضعفاً في البصر من أي نوع.

ربما تكونون قد أدركتم أن الرقم كان سيئاً للغاية، ولقد صدمني فعلاً وشكّل في الواقع إحراجاً بالنسبة إليّ، إلا أن إحراج زيادة الوزن ما كان عليه أن يرق إلى ما سببته لي المعاملة التي تلقيتها في ذلك المكتب من خيبة أمل. وعلى رغم أنني أصبحت الآن أخف وزناً بنحو 20 رطلاً (9 كيلوغرامات)، وأنا مستمر في إنقاص وزني إلا أنني ما زلت غاضباً.

يمكنك أن تقول "لكنك خفضت وزنك تسعة كيلوغرامات، ومن الواضح أن المحاولة نجحت".

كلا فقد كان الرقم وليس الممرضة هو الحافز الذي دفعني إلى تغيير نظامي الغذائي، أما الإذلال الذي تعرضت له فهذا ما جعلني غاضباً.

لقد فكرت في الآتي، عانيت من طريقة تعامل "الخدمات الصحية الوطنية" (أن إتش أس) NHS معي إلى حد أنني شعرت بأنه تم التخلي عني، فهل هذا ما أحصل عليه؟ هذا هو؟ من ثم هل هذا هو الهدف؟ إحباط المرضى؟

إذا كان الأمر كذلك فإن أشخاصاً مثلي سيمرضون لا محالة، وسيحتاجون لاحقاً إلى علاج باهظ الثمن في المستشفى.

لكن لنوقف الحديث عن ذلك لأن تلك المقابلة، ورد فعلي عليها، طرحا نقطة مهمة حول أزمة "الخدمات الصحية الوطنية" المتمثلة في تغير العلاقة بين المرضى والمعالجين، وهذا أمر حاصل لا محالة.

اسمحوا لي بأن أكون واضحاً هنا، أنا لا أشير بأي حال من الأحوال إلى أن أياً مما تقدم هو خطأ العاملين في مجال الرعاية الصحية.

على العكس تماماً ربما يشعر معظمهم، إن لم يكن جميعهم، بهول الموقف الذي نشأ عن الرفض المستمر من جانب الحكومة لتمويل الخدمات الصحية كما يجب، وهو جانب يعد من حيث المبدأ وسيلة فعالة من حيث الكلفة لتقديم رعاية صحية شاملة.

الحكومة لم تقم بتدريب عدد كاف من الموظفين وأهدرت المال على إبرام عقود سيئة، وامتزج كل ذلك مع سلسلة من جوانب عدم الكفاءة من قبلها التي سبق أن تعودنا عليها، إضافة إلى رفضها تحمل المسؤولية عن إخفاقاتها.

يجب أن يقال أيضاً إن معظم المعالجين لا يمكنهم حتى التفكير بجعل مرضاهم يواجهون الوضع الذي عانيته، إلا أن شعور الأشخاص الذين يعانون ظروفاً صحية طويلة الأمد بأنه قد تم التخلي عنهم، هو شعور صادق.

كان من المفترض أن أوضع تحت إشراف استشاري في "مستشفى ويبس كروس"، ومع ذلك كتبت سابقاً عن عدم تحديد موعد مناسب لي في ذلك المستشفى منذ أعوام، ويعود السبب جزئياً لجائحة "كوفيد".

إن محاولة حجز موعد عندما يكون الإلغاء نتيجة حتمية باتت الآن مسألة عديمة الجدوى.

لقد قمت أيضاً بالكتابة عن الصعوبات التي يواجهها مرضى السكري في تأمين فحوصهم الصحية الدورية، فاستناداً إلى "مؤسسة السكري في المملكة المتحدة"  Diabetes UK (مؤسسة خيرية تعنى بتحسين رعاية مرضى السكري ورعايتهم) أجرى 36 في المئة من المرضى فقط فحوصهم المطلوبة في الفترة الممتدة ما بين العام 2020 والعام 2022.

قد أكون محظوظاً لأن طبيبي جيد للغاية، لكن الدعم الذي كان موجوداً في السابق قد تراجع، ومن السذاجة بمكان التظاهر بأن هذا الواقع لن يكون له تأثير.

قبل الوباء من المحتمل أن يكون معظم الناس قد تبنوا وجهة النظر القائلة بأن الطبيب أو الممرضة يمتلكان الخبرة في مجالهما ولسان حالهم كان ليقول الآتي "سأصغي جيداً إلى ما تقوله، وسأعمل على الأرجح بناء عليه، علماً أن ذلك سيكون على الأرجح في مصلحتي".

ماذا عن الآن؟ في الوقت الراهن بات الأمر بالنسبة إليّ أشبه بـ "أيها الغريب، ما الذي تقوله لي؟ هل أفهم ما تقوله بشكل خاطئ؟ كنت في الواقع أتولى بمفردي معالجة نفسي لفترة طويلة من دون كثير من التدخل من جانبك، ونتائج فحوص دمي تبدو جيدة، وأنت لا تعرفني أو تعرف جسمي أو التحديات التي تفرضها عليه حالتي الصحية. هذه هي المرة الأولى التي نلتقي فيها، وربما لن يرى أحدنا الآخر مرة أخرى، ولست متأكداً من الطريقة التي تتحدث بها، وما إذا كان لديك الوقت للنظر في ملاحظاتي، لذا سآخذ في الاعتبار ما تقوله من قبيل النصح لأنني أعرف جسمي".

فلنتحدث الآن عن تلك الرزمة من الأدوات الحديثة الموجودة هناك وهل يوجد بينها ما يناسبني؟ هل يمكن أن تساعدني برأيك في التعامل مع حالتي؟ هل يمكننا فهم طريقة عملها لأنه لا أنت ولا أنا نعرف ما إذا سيكون هناك موعد آخر بيننا ومتى؟ وهذا أيضاً جانب مهم.

يشار إلى أن "اندبندنت" نشرت تقريراً هذا الأسبوع عن تطوير بنكرياس اصطناعي (نظام من ثلاثة أجزاء تقلد طريقة تحكم البنكرياس السليم بنسب الغلوكوز في الدم، ويستخدم بشكل أساس لمساعدة الأشخاص المصابين بداء السكري من النوع الأول) إنها حقاً فكرة رائعة. وبصفتي أعاني منذ أن كنت طفلاً من حياة يطغى عليها الوخز بالإبر، فإنني سأشعر بسرور المنتصر لدى رؤية ذلك، ويبدو أنه هذا هو أفضل خيار بعد العلاج. هل هو حقاً ثوري؟ ربما يكون كذلك.

قد تكمن المشكلة في أن تحكمي بمعدلات السكر لدي ربما يكون جيداً للغاية إلى درجة لا تجعلني مؤهلاً لذلك (لأن الأمر مكلف جداً)، ولا يمكنني حتى أن أجعل أي شخص يتحدث معي عن الخيار الأقل كلفة بكثير، وهو الموصل الكهربائي ونظام التطبيقات لمراقبة نسبة السكر في الدم، لذلك سأبقى عالقاً في إطار أخذ حقن الأنسولين تحت الجلد بشكل منتظم، ومن المحتمل أن أظل على هذه الحال حتى مع توافر خيارات علاجية أفضل.

غني عن القول إن لدي الآن من الانضباط ما يكفي لتحمل نوع المعاملة كتلك التي كنت قد تعرضت لها أثناء قياس وزني، ومع ذلك هناك طريقة لمقاربة المسألة وربما حلها.

يبقى القول إن من أفضل ما قرأته العام الماضي كانت ورقة بحثية وضعتها كيتريونا كوكس وزوي فريتز، وهما دكتورتان من "جامعة كامبريدج"، فقد دعتا في بحث نشرته "المجلة الطبية البريطانية"  British Medical Journal إلى وضع حد للغة الاستخفاف من جانب العاملين في مهنة الطب، وفي تلك الورقة شخصتا المشكلة وناقشتا الأعراض طارحتين مساراً للعلاج، إلا أن إحدى صحف التابلويد صورتهما بشكل مخجل للأسف، في وقت تقدمان فيه خدمة لا تقدر بثمن على أنهما تعبران عن "يقظة الأطباء الناشطين"  Woke Medics.

إلا أنهما في نهاية المطاف كانتا على حق، وهما على حق أكثر اليوم، ويجب أن يوسم عملهما بعنوان "قراءته ضرورية".

*هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن موقع الأمة برس- اندبندنت عربية-



مقالات أخرى للكاتب

  • إيلون ماسك يزرع رقائق كمبيوتر في الأدمغة... كيف أحصل على واحدة؟
  • مشكلة الوعد بتخفيض الضرائب: لا يمكننا تحمل كلفته
  • هل يمكن لمنتدى دافوس أن يفجر مفاجأة؟





  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي