إسرائيل أمام سؤال "الانسحاب": ما الذي تريده الزعبي؟
2022-05-20
كتابات عبرية
كتابات عبرية

شيء ما هنا مُعطب حتى الأساس، وهذا فضلاً عن إمكانية أن يرى الشخص المتهم بثلاث لوائح اتهام نفسه مرشحاً شرعياً للتنافس على رئاسة الوزراء، وينجح بمعونة معسكر عنيف وذي نزعة قوة في زرع الخوف والفزع في أوساط من لا ينتمون له. الضرر الذي يلحقه رئيس الوزراء السابق بمعونة مؤيديه الشاذين وأعضاء حزبه الضعفاء سيحكم فيه التاريخ.

شيء ما هنا مُعطب بسبب انسحاب رئيسة الائتلاف الفزعة والمهددة لتنضم إلى معسكر أولئك الذين يهددونها ويخيفونها، شيء ما مُعطب من إعلان نائبة عربية من “ميرتس” انسحابها من الائتلاف – بينما البديل المكتوب بأحرف من نار هو حكومة نتنياهو، وسموتريتش، وبن غفير، وبندروس، الأكثر بعداً عن أجندة حزب اليسار الإسرائيلي. وإذا كان صحيحاً ما نشر أمس بأن نتنياهو كان يعرف عن انسحاب الزعبي المتوقع حتى قبل هوروفيتس، وبينيت، ولبيد – فهذا يعزز الادعاء بأن كل شيء هنا مُعطب.

وجه الشبه بين الحالتين، حالة النائبة سيلمان “يمينا”، وزعبي “ميرتس”، هو أن مبررات الانسحاب تميل إلى الأيديولوجيا أقل وإلى القضايا الشخصية أكثر، سواء كان هذا الضغط من البيت والشارع أم هو مصلحة شخصية. لكن شكل الانسحاب مشابه هو الآخر: دون أي تحذير مسبق، ودون إشراك رئيسي حزبيهما اللذين أعطياهما الثقة – بينيت وهوروفيتس.

انسحاب هاتين المرأتين يسيء إلى السياسيات. وليت الأمر اقتصر على الانسحاب – مسموح للرجل أو المرأة أن ينسحبا إذا كان هذا مناسباً له/ها – فهما في الحالتين لا تحلمان حتى بإخلاء المكان الذين وضعتا فيه دون أي انتخابات داخلية. هذا يثير الاشمئزاز، فبدلاً من الأخذ بالبديل الأخلاقي والإعلان عن الانسحاب من الكنيست، تفكران كيف تستخدمان ذلك لرفع مستواهما لاحقاً.

من الصعب تقدير الضرر الذي أوقعه انسحاب الزعبي. لم تصدر الكلمة الأخيرة بعد. في أوساط لبيد مالوا أمس إلى الاعتقاد بوجود احتمال بإعادتها أو دفعها إلى الاستقالة من الكنيست. وهناك من فسروا انسحابها المفاجئ أنه خطوة انفعالية. قد تكون ضغطت لإمكانية ألا تقر مفوضية شؤون الموظفين إقرار تعيينها قنصلة في شنغهاي، كما قالوا هناك، أم ربما يعود هذا إلى الأسباب مجتمعة: ضغط من البيت والشارع العربي، والتعيين الذي بدا لها لا يتقدم، والأسباب التي فصّلتها في كتابها. ومع ذلك، فإنه إذا كانت نائبة عربية هي التي ستؤدي إلى سقوط حكومة مع ائتلاف يساري، فلن يكون ممكناً تقليل حجم الضرر الذي سيلحق بحزبها وبرئيسه.

يتبين أكثر فأكثر بأن تجربة حكومة التغيير هذه ستصبح لمرة واحدة. هذا لا ينجح. شيء ما معطب. إذا كانت المياه ستندفع من ثقب آخر في كل مرة تجري فيها محاولة لسد الأول في هذه السفينة المتهالكة، لن يبعد اليوم الذي سيضطر فيه أيضاً رؤساء أحزاب الائتلاف للاعتراف بالفشل، والرسالة التي ستنطلق هي أن ائتلافاً من الحائط إلى الحائط وشراكة مع أحزاب عربية ببساطة، لا تنجح.

حتى ظهر أمس بدا الأمر مختلفاً، فالأسبوعان الأخيران منذ بدأت دورة الكنيست مرا بنجاح؛ فثمة قوانين أجيزت في هذه الفترة. ويبدو أن الهزات في “يمينا”، بما في ذلك إقالة شيمتوف كلفون – كحمل زائد ألقى من السفينة الغارقة – مرت بسلام. صباح أمس، كان مسؤولو الحزب منشغلين في حملة وقعت في أيديهم كالثمرة الناضجة؛ مشروع قانون “من البزة إلى التعليم” كان هدفاً يسجل في المرمى الذاتي ما كان لنتنياهو في أفضل أيامه أن يسجله في هدف الليكود: فقد قرر إصدار الأمر لكتلته أن تصوت ضد منح امتياز لمقاتلي الجيش الإسرائيلي.

يا له من تفاؤل! “يجب وقف الحديث عن الانتخابات”، قال بينيت هذا الأسبوع. وعندها جاءت الزعبي. الآن ينتظر الجميع فهم نواياها: هل تنوي التصويت لحجب الثقة عن الحكومة الأسبوع المقبل، أم مع قانون حل الكنيست؟ هل تنوي نائبة عربية من “ميرتس” إعادة “ميرتس” إلى سنوات طويلة في المعارضة.

لكن الأمر المؤسف للغاية، ذاك الكفيل بأن يغير كل الصورة، هو موت القانون لتقييد الولاية. يصعب الحديث عن قانون المتهم الجدير والضروري، إذ لم يبدأوا بعد معالجته بسبب اعتراض شكيد. لكن القانون لتقييد الولاية كان متفقاً عليه وجاهزاً للتصويت في نهاية الدورة الشتوية ولم يجَز فقط بسبب الإهمال أو ربما بسبب الغرور الإجرامي. مرة بسبب بينيت، الذي لم يصل إلى التصويت لأنه رافق المستشار الألماني في “يد واسم”، ومرة بسبب إصرار لبيد على أن يتقاطع في الحضور مع آفي ماعوز الذي كان مريضاً بكورونا.

هذا هو التفويت الأكبر لفرصة الحكومة والائتلاف، قال لي وزير العدل ساعر بقلب مكسور. كان هذا هو القانون العلم الذي استثمرتُ فيه جهوداً هائلة ووصلنا إلى نهايته، وبسبب غياب التصميم والالتزام الكامل في الائتلاف لم ننهه. اليوم، قال، لم يعد هناك ما نبدأ به، إذ لم يعد لنا 61 نائباً. هذا ما قاله ساعر قبل يوم من الزعبي. أما اليوم فليس لهم حتى 60.

 

بقلم: سيما كدمون

يديعوت أحرونوت 20/5/2022



مقالات أخرى للكاتب

  • لغانتس "الساذج" وآيزنكوت "المغبون": ساعر حجر نتنياهو الأخير لـ "الإخفاق المطلق"  
  • شلهوب وديمقراطية إسرائيل".. ما معنى أن يعبر "غير اليهودي" عن رأيه في مؤسسة أكاديمية؟    
  • الاستخبارات الإسرائيلية تسائل نفسها: هل قتلنا مروان عيسى؟  





  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي