لذا تندلع الاحتجاجات من وقتٍ إلى آخر، وهو ما يعني أن المشاركة في الانتخابات المقبلة من المحتمل أن تكون ضئيلة، وذلك بسبب الأزمات الداخلية، فضلاً عن قمع التظاهرات واعتقال ومقتل الكثيرين، لذا ستكون نسبة المشاركة استفتاءً على شرعية النظام أمام دول الإقليم والغرب، وهو ما يفسِّر دعوة المرشد الأعلى لشباب منظمة الباسيج للذهاب إلى الاقتراع، وبالتالي ترتفع نسبة المشاركة أمام الإعلام.
وتنبع أهمية الانتخابات بشكل عام للنظام الإيراني، حيث استخدمها مؤشراً على شرعية النظام ورضاء المواطنين، الذين يشاركون في العملية السياسية، لذا يوجد حرصٌ من النظام على إتمام أي استحقاقات انتخابية في توقيتها، وحرصٌ أكبر على تشجيع المشاركة السياسية، لذا سيعد أهم تحدٍّ أمام تلك الانتخابات.
عودة الجدل حول خليفة المرشد الإيراني
ثار منذ فترة النقاش حول مَنْ سيخلف المرشد الإيراني الحالي لا سيما مع الإعلان عن مرضه؟ وأصبحت هناك سيناريوهات مختلفة لاختيار المرشد القادم في دوائر صنع القرار الإيراني، وحينها أوصى المرشد مجلس الخبراء المنوط به اختيار المرشد الأعلى أن يُختار شخصٌ ثوريّ.
أمَّا الآن وبعد عودة قضية الخلافة مرة أخرى، وفرض العقوبات الأميركية، وفشل مسار روحاني ووجود ظريف المرتكز على الدبلوماسية والانفتاح على الغرب، وتصاعد التوتر مع الولايات المتحدة، ربما يحرص المرشد على أن تكون تركيبة البرلمان المقبل وجميع مؤسسات الدولة يسيطر عليها التيار المتشدد بما يحافظ على مبادئ وأيديولوجية النظام الإيراني، أي ضمان سيطرة المتشددين قبل خلافة خامنئي على البرلمان، وربما الرئيس القادم.
كما أن الحرس الثوري وشبكة المصالح التي شكّلها خامنئي ستحرص على أن يُختار خليفة لخامنئي مرتبطاً بالتيار المُتشدد ومؤسسة الحرس.
ثانيا المحددات الخارجية
ترتبط بالتطورات الإقليمية والدولية، وتتمثل في إعادة العقوبات الأميركية والتوترات في أمن الخليج والتصعيد مع الولايات المتحدة، فضلاً عن الانتقاد الغربي لإيران مؤخراً، الذي بدأ يدعو إلى التفاوض على اتفاق شامل مع إيران، مع تفعيل آلية فضّ النزاع المنصوص عليها في الاتفاق، التي تهدد بإحالة الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن حال عدم الاتفاق بين الأطراف المُختلفة، فضلاً عن تدهور صورة إيران دولياً على خلفية إسقاط الطائرة الأوكرانية.
كما أن مقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني أدّى إلى تعزيز الموقف المتشدد بين صانعي القرار الإيرانيين وإضعاف الدوائر العملية التي يقودها الرئيس روحاني.
وجدير بالذكر أنه حتى في حالات تقدّم الإصلاحيين في انتخابات مجلس الشورى لا يعنى أن توازن القوى يميل إلى صالحهم، خصوصاً أن الرئيس حسن روحاني لم ينجح في تنفيذ أجندته الإصلاحية، الذي شهد عهده احتجاجات ساخطة في مواجهة الجمهورية الإسلامية بجناحيها المتشدد والإصلاحي، كما أن خضوع ملفات وقضايا السياسة الخارجية لسلطة المرشد والمحافظين في المؤسسات السياسية والأمنية يعني أن التغيير في البرلمان لم يكن ليستتبعه تغييرٌ في مسارات السياسة الخارجية، التي هي امتيازٌ حصريٌّ لمرشد الجمهورية الإسلامية. إنما في مسارات السياسة الداخلية الاقتصادية والاجتماعية.
لذا، إذا استعاد المحافظون السيطرة على البرلمان، فمن المرجح أن يعزز هذا الاتجاه المحافظ في سياسة الدولة، ويجعل من الصعب على الرئيس تحقيق أهدافه خلال السنة الأخيرة من ولايته، سواء في الشؤون الداخلية أو في العلاقات الخارجية.
ومع ذلك فإن المواطن الإيراني بات يدرك أنه حتى المحافظون لا يتمتعون بالقدرة على توفير استجابة مناسبة لأوضاعهم الاقتصادية، ما قد يُشعل موجات احتجاج أخرى في المستقبل. ومن المرجح أن يُضفي برلمانٌ بتركيبة المتشددين شرعية على أي حكومة متشددة تأتي بعد روحاني، ويعزز تكتيكات القمع والعنف، ويتصاعد الخطاب السياسي القائم على الحرب والعداء، فضلاً عن تعطيل الاتفاقات المرتبطة بمجموعة العمل المالي (فاتف) والمرتبطة بالاتفاق النووي.
* نقلاً عن أندبندنت عربية