بايدن يفوز بشوط مهم
2021-11-20
جيفري كمب
جيفري كمب

على مدى عدة عقود متتالية دعا رؤساء أميركيون إلى استثمارات جديدة كبيرة في البنية التحتية القديمة للبلاد. ففي خطاب تنصيبه في 20 يناير 2017، تعهد دونالد ترامب قائلاً: «سوف نبني طرقاً وطرقاً سريعة وجسوراً ومطارات وأنفاقاً وسككاً حديدية جديدة عبر كل ربوع بلادنا الرائعة». غير أنه خلال سنواته الأربع في الرئاسة، لم يستطع التوصل لاتفاق مع الكونجرس بشأن الموضوع الأساسي المتمثل في كيفية توفير مليارات الدولارات اللازمة من أجل حل مشكلات البنية التحتية.
وبحلول الوقت الذي أصبح فيه جو بايدن رئيساً، أصبحت الحاجة إلى استثمارات في البنى التحتية أزمةً وطنيةً. وبعد مناقشات محتدمة بين الحزبين طيلة الأشهر الأولى من عمر الإدارة الجديدة، تم التوصل أخيراً إلى اتفاق في 8 نوفمبر لتمرير مشروع قانون بقيمة 1.2 تريليون دولار. ووُقع المشروع وأصبح قانوناً في 15 نوفمبر، في حديقة البيت الأبيض، بحضور العديد من «الديمقراطيين» وعدد من الشخصيات «الجمهورية» البارزة. لكن ترامب وقياديين جمهوريين ندّدوا بالقانون الجديد باعتباره مكلّفاً جداً بالنسبة لميزانية فدرالية مثقلة بالأعباء أصلاً.
البرامج الجديدة التي سيتم تمويلها من المرتقب أن يكون لها تأثير على كل ولايات الاتحاد تقريباً. وإذا كانت بعض المشاريع سيستغرق تنفيذها شهوراً وأعواماً، فإن مبادرات أخرى يمكن أن توفّر أدلة واضحة في فترة زمنية أقصر بكثير، مثل تحسين خدمة الإنترنت، واستبدال الأنابيب الرصاصية التي كانت توصل مياه شرب خطيرة إلى الكثير من المناطق السكنية. ومن الأولويات العاجلة الأخرى تمويلُ الجهود الرامية إلى حل مشكلة التأخر المستمر وطول فترة الانتظار بسبب الازدحام في الموانئ الكبيرة، والتي تساهم في ارتفاع الكلفة وزيادة التضخم بالنسبة للبلاد كلها. وكان اضطراب سلسلة الإمداد التي تجلب منتجات من آسيا إلى الولايات المتحدة قد حدث بسبب وباء «كوفيد-19» وأدى إلى مشاكل كبيرة في شبكة النقل الأميركية. وبالتالي، فكلّما سارع القانون الجديد لتوفير مشاريع «جاهزة لبدء الأشغال» للمجتمعات المحلية بسرعة، ازدادت احتمالات أن يشهد بايدن تحسناً في معدلات تأييده الشعبي التي عانت مؤخراً بسبب الارتفاع في أسعار المستهلك.
ولئن كان بايدن يتوق للسفر عبر أرجاء الولايات المتحدة من أجل الترويج لمزايا برنامجه في المجتمعات المحلية، فإن عليه أيضاً التركيز على مشروع قانونه الثاني المتعلق بالبنية التحتية الذي سيهتم بالموارد البشرية مثل مبادرات التعليم، والرعاية الصحية، ورعاية الأسرة، وتغيّر المناخ، والطاقة الخضراء. مشروع القانون الثاني هذا تقدّر كلفته بـ1.85 تريليون دولار، وقد فشل حتى الآن في كسب أي دعم من «الجمهوريين». كما أنه يظل مشكلة بالنسبة لبعض «الديمقراطيين» المحافظين الذين يشعرون بالقلق إزاء تأثيره المالي على الاقتصاد. ولئن كان الديمقراطيون في مجلس النواب على استعداد للتصويت لصالح مشروع القانون في الأيام المقبلة، فإن مستقبله في مجلس الشيوخ الأميركي أكثر هشاشةً وربما سيتعين تأخيره وتقليص كلفته.
وفي حال تحول كلا المشروعين إلى قانونين، فإنهما سيمثّلان أكبر استثمار في مجال البنية التحتية، البشرية والمادية، في التاريخ الأميركي، متجاوزين البرامج التي موّلتها «الصفقةُ الجديدة» التي أتى بها فرانكلين روزفيلت في الثلاثينيات خلال فترة «الكساد الكبير».
وإذا حدث هذا قبل انتخابات 2022 النصفية، فستكون لدى الديمقراطيين ورقة قوية كي يقدّموها للناخبين دليلاً على أنهم يجلبون فوائد شعبية وعملية للبلاد. ويمكنهم أن يشيروا إلى غياب الأفكار الذي أظهره الجمهوريون الذين ما زالوا يتمسكون بمزاعم ترامب القائلة بأن انتخابات 2020 كانت «مزورة» وبأن الهجوم على الكونجرس الأميركي في 6 يناير 2021 كان «عملاً وطنياً» قام به أميركيون أوفياء كانوا يدافعون عن الدستور ضد السلوك غير القانوني لبايدن والديمقراطيين.
أما في حال فشل مشروع القانون الثاني في أن يصبح قانوناً، واستمر وباء «كوفيد-19» حتى شتاء 2021-2022، ولم يتراجع التضخم.. فإن خسارة الديمقراطيين أمام الجمهوريين ستكون أمراً وارداً جداً. وإذا قرر ترامب حينها الترشح لولاية ثانية، فإن ذلك سيصبح القضيةَ المركزية. لكن بالنظر إلى الآراء القوية والحادة بشأن ترامب، فليس من البديهي أن يستطيع الفوزَ مرةً أخرى، اللهم إلا إذا كان البلد في أزمة عميقة.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن موقع الأمة برس

العربية نت



مقالات أخرى للكاتب

  • «الانعزاليون الجدد» في الحزب الجمهوري
  • القوة الأميركية بعد «عاصفة الصحراء»
  • نهر نهاية العالَم الجليدي





  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي