كيف تفصل إسرائيل بين الساحات الفلسطينية الثلاث لتفادي التصعيد؟
2021-09-09
كتابات عبرية
كتابات عبرية

يصبح الهروب من السجن كما هو متوقع، حدثاً استراتيجياً. ما بدأ كخلل رهيب وغير معقول في مصلحة السجون، يهدد بإشعال عموم السجون الأمنية، بل وهز الاستقرار الأمني في الضفة وغزة وربما في المدن المختلطة أيضاً. المسؤولية الكاملة عن هذا القصور تقع على كتفي مصلحة السجون. قائمة مواضع الخلل التي تملكها طويلة على نحو مخجل: لم تعرف عن المبنى الإشكالي للسجن؛ والموافقة التي أعطيت للسجناء في خطر عال لأن يسكنوا معاً، رغم ماضيهم المشترك في حفر النفق في السجن أياه قبل بضع سنوات؛ وغياب المعلومات الاستخبارية عن الخطط، والحفر والتنفيذ؛ وغفو السجانة؛ والتلبث من لحظة وصول المعلومة الأولى من الشرطة عن شخوص مشبوهة ظهرت في مجال السجن، وبعد ذلك الصعوبة في العد الأولي للسجناء؛ والإذن الذي أعطي لزكريا الزبيدي بأن ينتقل من الغرفة؛ وإنزال السجناء في السجن الذي يوجد في منطقة سكنهم وعدم الحرص على تغييرات متواترة في تركيبة الغرف والأقسام؛ وانعدام التجربة الأولية لقادة وضباط الاستخبارات في عملهم؛ وفوق كل شيء عدم تحمل المسؤولية.

الموضوع الأخير يشهد على ثقافة تنظيمية فاسدة، وعلى فهم مشوه للواقع. لقد أخطأت الفريق سجون المتقاعدة اوريت اداتو حين قالت في مقابلة تلفزيونية في العيد بأن المأمورة الحالية، كيتي بيري، لا ينبغي أن تستقيل، لأن المرء لا يستقيل على حدث عملياتي. هذا ليس حدثاً عملياتياً بل خلل مدو، إهماليّ، يدل على تعفن عميق في مصلحة السجون. عفن يستوجب نفضاً شاملً للمنظومات. وفي صالح مصلحة السجون يجب أن يقال إنها جهاز يعيش في النقص. السجون قديمة ومكتظة، والقوى البشرية فيها ليست مناسبة للمهمة. والأسوأ من ذلك، من يسيطر في السجون الأمنية هم السجناء وليس الدولة. هذا خلل يستوجب إصلاحاً. والآن هو الموعد ذلك.

رغم الخوف من الاضطرابات في السجون، ورغم الخوف من التأثير على الوضع الأمني العام، حان الوقت لتنظيم الأمور في السجن واستعادة السيطرة إلى الأيادي الإسرائيلية. إن الحكم الذاتي الذي يحظى به السجناء الأمنيون هو أمر هاذ: من الهواتف الخلوية التي يستخدمونها لتنسيق العمليات، عبر تحديد تركيبة الغرف والأقسام وحتى اليد الحرة في إعداد الطعام وتوزيعه. سجن منتجع حقيقي، أمر غير قليل من وزراء الأمن الداخلي سعوا لإصلاحه وتراجعوا. هذه خطوة ينبغي أن تتم بقرار حكومي منذ هذا الصباح، بالتوازي مع مطاردة المخربين الهاربين. ستة أشخاص يحتاجون إلى المساعدين، إلى الغذاء وإلى أماكن الاختباء كي يبقوا على قيد الحياة، وكل هذا يخلق غير قليل من المعلومات. السيطرة العالية لقوات الأمن في الميدان – مضافة إليها قدرات تكنولوجية متطورة – يفترض أن تجعل فرصهم في الفرار لزمن طويل هزيلة. ومع ذلك، فإن جهاز الأمن مطالب بأن يتأكد من أنهم لا ينجحون في التملص إلى الأردن، حيث سيحظون بالحصانة. كما أن الفرار إلى المناطق [الضفة الغربية] سيسهل القبض عليهم، بل وسيقلل الخطر (الذي يبدو هامشياً في هذه اللحظة) في محاولتهم المس بمواطنين إسرائيليين. ينبغي أن نأخذ بالحسبان بأن القبض عليهم سيثير قدراً معيناً من العنف في المناطق – ولا سيما في جنين – وبالتأكيد إذا ما قتلوا في أثناء الاعتقال.

في مثل هذه الوضعية، من شأن الجهاد الإسلامي، الذين ينتمي خمسة من الهاربين الستة لصفوفه، أن يطلقوا الصواريخ من غزة على سبيل التضامن. أجهزة الدفاع الجوي وضعت منذ الآن تحت التأهب العالي، ولكن على إسرائيل أن توضح لحماس بأن إطلاق صواريخ كهذا سيرد عليه بحدة. رسائل مشابهة عليها أن تنقلها أيضاً إلى السلطة الفلسطينية. صحيح أن السلطة لا يمكنها أن تعبر بحرية في الموضوع لأن ملف السجناء يجمع عليه الشارع الفلسطيني، ولكن مصلحتها هي الحفاظ على الهدوء خوفاً من عنف محتمل يوجه ضدها أيضاً، خصوصاً في جنين، حيث مؤشرات غير قليلة على الفوضى.

إذا ما نشب عنف، فعلى إسرائيل العمل على الفصل الفوري بين الساحات، والحفاظ على الهدوء في المدن المختلطة. هذا هو الدرس الأساس من حملة “حارس الأسوار”، ومصلحة أولى في سموها، ولكي تتحول مهزلة الهروب من سجن جلبوع إلى درس سلبي لكل من يتسلى بأفكار مشابهة في المستقبل.

 

بقلم: يوآف ليمور

إسرائيل اليوم 9/9/2021



مقالات أخرى للكاتب

  • الأمن الإسرائيلي متوجساً من "لاهاي": ما مصير علاقاتنا مع الولايات المتحدة؟  
  • “الجزيرة” تنشر “فيلم رعب”.. والمتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي: كانوا في ساحة شهدت قتالاً من قبل!
  • هل تستغل إسرائيل خلافات حماس وفتح لإقامة حكم عسكري يبدأ من شمالي قطاع غزة؟  





  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي