هل كان تسليم الحكم في أفغانستان باتفاق بين طالبان وأمريكا؟
2021-08-22
كتابات عبرية
كتابات عبرية

يبدو افتراضاً معقولاً نجاح الولايات المتحدة والناتو، في جهد فني وظروف ميدانية صعبة، في إخراج عشرات آلاف الأطفال والنساء والرجال من كابول عاصمة أفغانستان. بعضهم يحملون جنسيات غربية كانوا يسكنون في المكان، وبعضهم ومتعلمون في مجالات مختلفة يفرون من بلاد تتحول بسرعة إلى دكتاتورية إسلامية شمولية، والباقي مواطنون أفغان كثيرون ساعدوا بشكل مباشر أو غير مباشر في المحاولة التي امتدت 20 سنة لإقامة نظام شبه ديمقراطي يؤدي مهامه في أفغانستان.

رئيس الولايات المتحدة، ورئيس حكومة بريطانيا، وزعماء غربيون آخرون، هدأوا الرأي العام في بلدانهم: لا تقلقوا، جنودنا، عاملونا ومقربونا سيخرجون من كابول بأمان.

وماذا عن المتبقين؟ ماذا عن نحو 40 مليون نسمة تركوا لمصيرهم المرير في أفغانستان الفقيرة التي يسودها الرعب؟ لا شيء؛ فليتدبروا أمورهم.

يميل كثر لتشبيه خروج الأمريكيين من أفغانستان في 2021 بخروجهم من جنوب فيتنام في 1975. ولكن الصور مضللة والتشبيه مدحوض؛ فحيال الجيش الأمريكي الذي كان يعد في ذروته نصف مليون مجند، قاتل في جنوب فيتنام نحو ثلاثة ملايين جندي من جيش شمال فيتنام النظامي وقوات عصابات شيوعية محلية (الفيتكونغ).

عندما أمر الرئيس بايدن الأسبوع الماضي، بتصفية الأعمال الأمريكية في أفغانستان، كان “جيش” طالبان يعد نحو 35 ألف مقاتل مجهزاً أساساً بسلاح شخصي مما تيسر وبأحزمة ناسفة. أما “جيش” الولايات المتحدة الذي أعلن بايدن بدراماتيكية عن إخراجه وكأن الحديث يدور عن وقف قتال ميداني مضرج بالدماء، فكان يعد أقل من ألفي شخص، كلهم في وظائف التوجيه والتدريب. فقد كفوا عن مقاتلة طالبان قبل سبع سنوات عندما أعلن الرئيس براك أوباما (وكان جو بايدن نائبه في حينه) عن إنهاء قتال قوات الجيش الأمريكي والناتو ونقل المسؤولية الأمنية الكاملة إلى الجيش الأفغاني.

لم يكن أي إلحاح أمريكي عملياتي “لإعادة جنودنا إلى الديار”؛ فوجودهم أدى دوراً ردعياً رمزياً، وليس حسماً عسكرياً. ولم تكن إعادتهم إلى الوطن فعلاً عسكرياً، بل عمل سياسي أزال العقبة الأخيرة عن طريق العصابات المسلحة لطالبان بالسيطرة على دولة تعد 38 مليون نسمة دون إطلاق رصاصة واحدة.

فقد اعتقد الرئيس الأمريكي السابق ترامب بأنه يتذاكى مع قيادة طالبان عندما وقعها على اتفاق لإخراج “باقي” جنود الولايات المتحدة من أفغانستان مقابل سيطرة طالبان الهادئة على الحكم الأفغاني. وقع قادة طالبان وضحكوا. أما الرئيس الحالي جو بايدن، فعمق خطوة السخافة بإعلانه عدم إبقاء أي جندي أمريكي في أفغانستان بعد أيلول القريب القادم مهما يكن. وهذه الـ “مهما يكن” تحصل الآن أمام العيون الغربية التي تحرف نظرها. عار أفغانستان لا يشبه عار فيتنام: فهو أشد منه بلا قياس.

 

بقلم: سيفر بلوتسكر

يديعوت 22/8/2021



مقالات أخرى للكاتب

  • إسرائيل بعد ضربتها لأصفهان.. هز مقصود للسفينة الإقليمية أم لعب بالنار؟  
  • كيف واجه أهالي دوما والمغيّر إرهاب المستوطنين؟  
  • هل هناك خط دبلوماسي إيراني - عربي- أمريكي لمنع حرب إقليمية؟  





  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي