الأفوكادو قادم إلى مزارعنا
2021-08-20
كرم نعمة
كرم نعمة

لا تندهش كثيرا عندما تعرف أن نسبة من سكان البلدان الأوروبية الباردة لا يعرفون ثمرة الأفوكادو. ماذا عن بلداننا العربية، هل كل الناس يعرفون تلك الثمرة الاستوائية وسبق أن تذوقوها.

لا يقتصر الحال على الثمرة الخضراء اللينة المشبعة بالدهون، فليس كل البريطانيين يعرفون الفواكه المعروضة في أسواقهم. سبق وأن رأيت سيدة بريطانية في عقدها السبعيني تسأل رجلا كان يختار فاكهة البابايا، عن تلك الثمرة الغريبة. لم يستغرب الرجل السؤال واستفاض بالحديث عما وصفها بفاكهة الجنة!

بينما تملك ثمرة الأفوكادو وهي تتخذ شكل الكمّثرى الخضراء القادمة إلى مدن العالم من المزارع المكسيكية ومن أشجار سامقة يصل ارتفاعها الى عشرين مترا، سحرها الغذائي.

لم تصل الأفوكادو إلى الأسواق البريطانية إلا في ستينات القرن الماضي. ووضعت تلك الثمرة التي كانت نادرة قبل عقود لمسة رومانسية على وجبات العشاء منذ سبعينات القرن الماضي.

مناسبة هذا التعريف، تغيرات المناخ ساعدت على نجاح زراعة هذه الثمرة في بلدان متوسطية، علها تصل إلى مزارع المشرق العربي.

المزارعون الطليان بدأوا يتحسسون وطأة المناخ على كرومهم، فالارتفاع المتصاعد في درجة الحرارة يزيد حساسية العنب الأسود، وهذا ما يقلل أرباح الغلة في نهاية الموسم. وهو سبب كاف يجعل من مزارع في جزيرة صقلية يستبدل الأفوكادو في مزرعة جدّه بالعنب الأسود.

وينقل تقرير في صحيفة فايننشيال تايمز عن هذا المزارع الإيطالي تأكيده أن مزرعته تنج نحو 1400 طن من الأفوكادو سنويا، يقوم بتصديرها إلى الدول الأوروبية.

التنافس على زراعة هذه الشجرة مرتبط بطبيعة مناخ موطنها الأول من المكسيك حتى جزر الهند الغربية. وكان من المستحيل أن يكون مناخ البلدان المتوسطية ملائما لزراعتها. لكن التغيير المناخي كان من سوء حظ العنب الأسود، ومن حسن حظ الأفوكادو.

فما كان يزرعه الإيطاليون من عنب النبيذ استبدله أحفادهم تحت وطأة تقلبات درجات الحرارة والطقس الحار ببساتين الثمار الاستوائية بما في ذلك الأفوكادو والمانغو.

ذلك ما يعبّر عنه مزارع الأفوكادو الإيطالي بالقول “التعامل مع التقلبات المناخية الجديدة أمر صعب. يتجلى ذلك في المواسم التي تغيرت خصائصها، فشتاء صقلية، الذي كان يبدأ في ديسمبر، يحل الآن في فبراير، وأمطار الخريف تأتي الآن قبل أشهر من ذلك”.

مع ذلك استفاد ذلك المزارع الذكي ونقل إلى بلاده الثمرة الخضراء الساحرة، وهي فرصة للتعلم منها في بلدان العرب المتوسطية في شمال أفريقيا لنرى بساتين الثمرة السامقة، من أجل أن يدين لهم الأحفاد بالامتنان مثلما يدينون اليوم للأجداد بعد أن تركوا لهم إرث أشجار الزيتون.


*كاتب عراقي مقيم في لندن



مقالات أخرى للكاتب

  • كم مليون ديوكوفيتش
  • الكذبة النبيلة
  • المشهد الكارثي للجوع مستمرّ





  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي