يأتي الضغط الأميركي بعدما أرسلت إيران رسائل متضاربة ومختلطة تتراوح بين البراغماتية والتشدد في ما يخص التفاوض بشأن الاتفاق النووي. ففي حين أكد رئيسي خلال مراسم تنصيبه لمندوب الاتحاد الأوروبي، نية إيران مواصلة التفاوض. وأكد رئيسي أيضاً أن أزمات المنطقة يجب حلها من خلال حوار حقيقي داخل المنطقة وعلى أساس ضمان حقوق الدول، وأنه يمد يد الصداقة والأخوة إلى جميع دول المنطقة، خصوصاً الجيران. وأكد فتوى المرشد الإيراني بأن الأسلحة النووية لا مكان لها في الاستراتيجية الدفاعية لإيران، مكرراً أنه يجب رفع العقوبات عن إيران.
هذا خطاب يوحي برغبة في إحياء الاتفاق النووي، لكنه لا يستبعد خطاب التشدد، الذي تجلى في إشادة رئيسي بالديمقراطية الدينية التي يجب أن تكمل أهدافها. كما برزت مؤشرات التشدد التي ترسلها إيران من خلال تشكيل حكومة رئيسي التي يرتبط جزء منها بالحرس الثوري. فقد اختار رئيسي لوزارة الخارجية حسين أمير عبد اللهيان، وهو يمثل خط الدبلوماسية المتشددة. وقد شغل سابقاً منصب نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والأفريقية، ومعروف بأنه من أشد المعارضين للغرب وله علاقات مع الحرس الثوري الإيراني.
ومن بين الأسماء التي اختارها رئيسي لحكومته، نائب وزير النفط السابق جواد عوجي وزيراً للنفط، ومحمد رضا اشتياني النائب السابق لرئيس أركان القوات المسلحة وزيراً للدفاع، وأحمد وحيدي وزيراً للداخلية، وهو من الشخصيات التي يبحث عنها الإنتربول في قضية تفجير المركز الثقافي اليهودي في الأرجنتين 1994. ومن الملاحظ أن الحكومة لم تضم امرأة.
وعلى الرغم من ذلك، هناك أسباب تجعلنا لا نشكك في رغبة رئيسي في متابعة المفاوضات وإحياء الاتفاق النووي، وهي أسباب مرتبطة بالاقتصاد الإيراني وتداعيات جائحة كورونا ولا مبالاة المواطنين بشأن النظام السياسي والانتخابات الرئاسية، ومن ثم رغبة النظام في تحقيق شرعية وكسب رصيد لدى المواطنين، ولا سبيل إلى ذلك إلا الاتفاق النووي، ليس للاتفاق النووي في حد ذاته بل لتداعياته وما يوفره للنظام الإيراني.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن الأمة برس