دموع الرئيس بوش
2021-07-30
ممدوح المهيني
ممدوح المهيني

«أنا حزين... إنه أمر يفطر القلب»، بدموع محتبسة في عينيه، قال الرئيس السابق جورج بوش هذه الكلمات، مشيراً إلى أن قرار الإدارة الأميركية الانسحاب من أفغانستان ستنتج عنه آثار مدمرة على المجتمع الأفغاني، خصوصاً على النساء والفتيات اللاتي سيعشن من جديد تحت نظام «طالبان» الوحشي.
حزن الرئيس الأميركي السابق في مكانه، ورغم أنه لا يُتذكر من منتقديه إلا بغزو العراق فإن هزيمة «القاعدة» و«طالبان» كانت إنجازاً تاريخياً ليس فقط للشعب الأفغاني الذي عانى من بربرية «طالبان» والجماعات المسلحة عديمة الرحمة، ولكن أضعفت التنظيمات الإرهابية وخطابها حول العالم.
إن هزيمة «طالبان» وضرب «القاعدة» وملاحقة أعضائها وقتل زعاماتها أسهم بلا شك في حماية بلدان من عمليات إرهابية محتومة ونجاة آلاف الأبرياء من القتل أو الاضطهاد. إنجاز إنساني وأخلاقي لا يقدَّر بثمن حين ترى هذه الجماعات المتعطشة للدماء ممزقة وملاحَقة، وآلاف النساء والرجال يمارسون حياتهم من دون أن يتعرضوا لانتهاكات مروعة لأنهم استمعوا للموسيقى أو حلقوا لحاهم.
لو لم يقْدم الرئيس بوش على تلك الخطوة الكبيرة لكنّا نعيش الآن في عالم مختلف تماماً، لن تكون فيه قيادات الإرهاب مدفونة أو مستلقية في أعماق المحيطات أو ملاحَقة.
ولكننا الآن ندخل فصلاً جديداً مع الانسحاب (ليس الأميركي فحسب بل الجميع قرروا بمن فيهم قوات «ناتو»)، والحقيقة أن إدارة بايدن ليست الوحيدة التي طالبت بالانسحاب ولكن الظروف هذه المرة أتت في صالحها. فقد أصر الرئيس أوباما على الانسحاب وتصادم مع القيادات العسكرية الرافضة وأرسل حينها أكثر من مرة نائبه بايدن للإشراف على هذه الخطوة. كذلك الرئيس ترمب لم يتوقف طيلة سنواته الأربع في البيت الأبيض عن التذكير بوعده بإعادة الجنود لديارهم أحياءً لا في التوابيت، وفعلاً سحب قوات من هناك في آخر عهده.
هناك أسباب كثيرة خلف هذا الانسحاب بعد 20 عاماً، منها كلفة الحرب، ولكن السبب الأهم داخليٌّ وذلك من أجل تحقيق الوعود الانتخابية لجماهير سئمت من الحروب. وبالنسبة لهؤلاء الساسة الذين يتعرضون لضغط سياسي وشعبي كبير، فالأهم الآن كسب الانتخابات القادمة حتى لو تضررت المصالح القومية العليا للدولة. من السهل التسويق للجماهير الغاضبة فكرة إعادة الجنود ولكن من الصعب القيام بالعكس حتى لو كانت لأهداف نبيلة. مَن يهمه في واشنطن في النهاية أن تُنحر فتاة في مزار شريف لأنها ارتدت أزياء ملونة؟!
ورغم حديث بعض المعلقين عن أن «طالبان» قبل 20 عاماً ليست هي «طالبان» اليوم، فإن هذا لا يبدو دقيقاً على الإطلاق. فالجماعة المتطرفة لم تقدم أي مراجعات فكرية حول خطابها الآيديولوجي، وكذلك أفعالها الأخيرة مثل قطع رأس مترجم وإلقائه على قارعة الطريق، والقبض على الفنان الكوميدي الأفغاني نزار محمد، حيث قام أفراد من جماعة «طالبان» بتصويره وهو يتعرض للضرب والإهانة قبل أن يُقتل... لدموع الرئيس بوش ما يبررها!

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن الأمة برس



مقالات أخرى للكاتب

  • مقابلة كارلسون مع بوتين
  • بايدن وترمب... الجولة الثانية
  • "فضيحة جنسية" لأوباما!





  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي