حماية البيئة... الحق والباطل
2021-07-01
 مشاري الذايدي
مشاري الذايدي

مسألة الاهتمام بالبيئة والمناخ، لم تعد مجرد قضية خاصة ومحدودة، بل مسألة معيارية سياسية دولية، تقاس بها شرعيات الدول، والأخطر من ذلك، تتحكم في اقتصادات العالم، أو هذا ما يخطط له العالم الغربي اليوم.
مع تعيين الرئيس الأميركي الحالي، جو بايدن، لصديقه جون كيري مسؤولاً ومبعوثاً دولياً لهذا الملف، اتضح أكثر فأكثر المدى الذي سيذهب له العالم الغربي.
قبل كل شيء، لا ريب أن حماية البيئة أمر جليل ومسعى حميد، بل هو واجب ضروري، قال به الغرب أو لم يقل، فنحن كلنا سكان الكوكب لا الغربيون فقط، بل إن العالم الصناعي، والغرب في قلبه، هم من أوجع الأرضَ وأهلَها وسلب نقاء الهواء.
إلى ذلك فحماية البيئة ليست قضية تخص اليسار، فمثلاً في أميركا يعتبر الرئيس الجمهوري اليميني العتيد تيدي روزفلت هو رائد المحميات الوطنية الأميركية الكبرى. اليوم تعتبر دولة كبرى في الإقليم والعالمين العربي والإسلامي هي السعودية متقدمة في سياسات صون البيئة والطاقة النظيفة، لكن إذا كان المراد من الغرب خاصة يسار الغرب فقط هذا الأمر، فهذا يسير بل ومرحب به، لكن هل هذا فقط هو الأمر؟
في تقرير الوكالة الدولية للطاقة جاء أن المستهدف في عام 2050 هو صفر انبعاثات، ولتحقيق هذا الأمر ينبغي كبح الصناعات البترولية... الخ.
هذه هي خريطة طريقهم.
يسأل الخبير العراقي وليد خدوري بمقالته هنا: ما هي بعض جوانب خريطة الطريق هذه؟ اقترحت الوكالة: إيقاف الاستثمارات حالاً لتطوير الصناعة البترولية. والبدء منذ عام 2025 وحتى عام 2050 بإيقاف بيع سيارة المحرك الداخلي (المستعملة للبنزين أو الديزل)، وبيع السيارة الكهربائية أو الهجينة فقط. وإيقاف عمل محطات الكهرباء المزودة بالطاقات البترولية ابتداء من عام 2040 واستبدال محطات تستعمل الطاقات المستدامة بها. ويثير خدوري قضية أكبر فيسأل: ما هي كلف مشاريع الطاقة المستدامة على ضوء تجارب المشاريع التي يتم تنفيذ معظمها في الدول الصناعية حالياً؟ فالكلف تشارف التريليونات من الدولارات. هل باستطاعة دول العالم الثالث تحمل هذه الكلف؟ لماذا لم تشر خريطة طريق الوكالة إلى إمكانية منح بنوك التنمية الدولية قروضاً ميسرة للعالم الثالث للبدء في تحول الطاقة؟ وخاصة بعد الأعباء المالية والاقتصادية الناتجة عن جائحة «كوفيد - 19».
هل من الممكن لدول العالم الثالث تحمل عبء مالي جديد بالإضافة إلى أعبائها الحالية؟ وماذا عن الوظائف المليونية الجديدة؟
خلاصة القول، نعم لحماية البيئة ونعم لكل ما يخدم هذا الأمر، لكن ليس من خلال استخدام هذا المطلب الرفيع للإضرار بالآخرين، وليس أيضاً لتوظيف هذا الحق في تحصيل الباطل…
لا نريد كلمة حق أريد بها باطل.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن الأمة برس



مقالات أخرى للكاتب

  • سيول غزة تُغرق العلم والعلماء!
  • هذا أو «الطوفان» الحقيقي
  • شمس الرياض تسطع في الغرب





  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي