صحيفة عبرية: لماذا تبدو “حارس الأسوار” العملية الإسرائيلية الأكثر فشلاً؟
2021-05-19
كتابات عبرية
كتابات عبرية

في يومها التاسع، تظهر عملية “حارس الأسوار” في غزة مثل الحرب الحدودية الأكثر فشلاً والأقل ضرورة بالنسبة لإسرائيل، حتى في المنافسة الصعبة في دوري الحروب المهمة التي تشارك فيها في حرب لبنان الثانية، وعمليات “الرصاص المصبوب” و”عمود الدخان” و”الجرف الصامد” في غزة. نحن شهود على فشل عسكري وسياسي خطير كشف عيوباً في استعداد الجيش وأدائه، وفي قيادة حكومة مشوشة وعاجزة. وبدلاً من تبديد الوقت على مطاردة لا جدوى منها خلف “صورة انتصار” مع التسبب بقتل ودمار في غزة وتشويش الحياة في إسرائيل، يجب على رئيس الحكومة، نتنياهو، أن يتوقف ويوافق على وقف إطلاق النار واستيعاب الفشل بسرعة داخل الرأي العام مثل كارثة ميرون كان يجب إضافة “أن يأمر بفحص أساسي داخلي في الجيش الإسرائيلي”، لكن المتهم بمخالفات جنائية، نتنياهو، والذي يحارب على بيته في شارع بلفور، ليست له أي صلاحية أو قوة سياسية لقيادة تغيير ضروري كهذا.

هاكم المشكلات الرئيسية التي تبينت في الاستعداد للحرب وإدارتها:

*إسرائيل تفاجأت تماماً من مبادرة حماس وجرأتها وقدرتها القتالية التي أظهرتها بإطلاق آلاف الصواريخ على الجبهة الداخلية في إسرائيل.

*تركز اهتمام إسرائيل الأمني في العقد الأخير على “المعركة بين حربين” في الشمال، وفي الصراع ضد إيران. وتم اعتبار غزة ساحة ثانوية يجب استيعابها من خلال دمج الوسائل الاقتصادية، مثل تمويل حماس من قبل قطر بدعم من إسرائيل، وتقديم تسهيلات معينة في الحصار مثل إدخال مواد البناء؛ واستثمارات كبيرة (مبررة) في وسائل الحماية وعلى رأسها القبة الحديدية والعائق التحت أرضي على الحدود مع غزة، التي أثبتت نفسها في إحباط اقتحامات أرضية وتقليص الأضرار في الجبهة الداخلية.

تظهر حماس مثل جار سيئ، لكنه معزول وضعيف. والأمر الوحيد الذي أثاره في الرأي العام الإسرائيلي كان يتعلق بالنقاش الموسمي حول إعادة المدنيين الأسرى وجثث الجنود. وحسب معرفتنا، لا أحد من “جهات التقدير” حذر من قدرة حماس على التخلص من القفص الذي دفعتها إسرائيل إلى داخله، والوقوف على رأس النضال الفلسطيني كحامية للمسجد الأقصى، وتضخيم الشرخ بين حكومة نتنياهو والإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة بايدن.

*في ظل فشل الاستخبارات الاستراتيجي من خلال الاستخفاف بنوايا حماس وقدرتها، تطور أيضاً فشل استخباري تكتيكي. فالجيش الإسرائيلي لم يجمع ما يكفي من الأهداف النوعية في غزة لتدمير دافعية حماس وقدرتها على مهاجمة الجبهة الداخلية الإسرائيلية. سلاح الجو أصاب فعلياً أهدافاً كثيرة بحيث ستحتاج حماس إلى العمل بشكل حثيث لإعادة تأهيلها، لكن هذا غير كاف. كما أن لساعات الطيران الإسرائيلي وتسليحه ثمناً اقتصادياً مثلما هو الثمن لحفريات وصواريخ حماس. ومثلما كتب الجنرال يسرائيل طال ذات يوم: “عندما يتم اشتقاق الاستراتيجية من التكتيك سننتصر في معارك ونهزم في حروب”.

قد نطعم الجمهور في جميع نشرات الأخبار أحاديث متغطرسة عن “الضربات المؤلمة التي تسببنا بها لحماس” ثم نعرض وبتفاخر الطيار الذي قتل قائد الجهاد الإسلامي، ولكن يجب ألا ننسى علاقات القوة بين طائرة قتالية متقدمة مع تسليح دقيق وبين مبنى لشقق مدنية، مثل نسخة جديدة ليهودا المكابي ومئير هرتسيون. كل طبقات التجميل هذه لا يمكنها إخفاء الحقيقة، وهي أنه ليس للجيش الإسرائيلي أي فكرة عن كيفية التسبب بشلل جيش حماس وإخراجه عن توازنه. أما تدمير الأنفاق من خلال القصف الثقيل فقد كشف عن قدرة تنفيذية استراتيجية دون مس حقيقي بالقدرة القتالية للعدو. لنفترض أن هناك قتلى في الأنفاق، 100 أو 200 وحتى 300 مقاتل من حماس، فهل سيقوض هذا حكمها؟ وهل كان سيقوض نظام سيطرتها وقيادتها؟ أو قدرتها على إطلاق الصواريخ على إسرائيل؟ ظهر العجز العسكري في المعدل المرتفع للمدنيين القتلى مقارنة مع المقاتلين في الجانب الفلسطيني كلما استمرت العملية، وهي علامة واضحة ومؤكدة للإطلاق على أهداف عارضة وقليلة الأهمية.

*بعد سنة كورونا، تعود الجمهور الإسرائيلي على مدارس مغلقة وشوارع فارغة ومطار مشلول، وهو يظهر قدرة على الصمود حتى عندما يتم فرض القيود بسبب الصواريخ من غزة وليس بسبب فيروس من الصين. يتركز القلق العام حول انهيار الحياة المشتركة بين العرب واليهود في إسرائيل أكثر من التركيز على المواجهة الخارجية. مع ذلك، تسببت حماس بضرر كبير لنسيج الحياة السليم، من تل أبيب وحتى أقصى الجنوب. ولا يبدو أن الجيش الإسرائيلي قادر على أن يمنع أو يوقف ذلك حتى بعد مرور أسبوع ونصف على تبادل إطلاق النار.

*تدهورت القوات البرية للجيش الإسرائيلي إلى دور هامشي يتمثل بكونها قوة تضليل، مهمتها التشويش على العدو وإغرائه بالدخول إلى شرك الهجوم الجوي. حتى بهذا يبدو أننا لم ننجح أيضاً، ولم يتم اصطياد مقاتلي حماس بصورة جماعية في الأنفاق التي تم قصفها. من الجيد ألا أحد فكر حتى بعملية برية كثيرة الخسائر في قطاع غزة. ليس لإسرائيل أي هدف يبرر عملية كهذه، ولا توجد دعوات إلى “الدخول”، والتدمير واقتحام غزة، حتى في أقصى اليمين في الخارطة السياسية. مع ذلك، يتسرب إلى القلب خوف من أن الجيش البري غير قادر حتى على الصعود إلى الحلبة وهو غير مستعد للقتال.

*من الجدير العودة إلى نبوءات غضب الجنرال (احتياط) إسحق بريك، الناقد الأكثر حدة لقيادة الجيش في السنوات الأخيرة، الذي عاد وحذر من أن تكون الحرب القادمة في الجبهة الداخلية حيث لا تملك إسرائيل أي رد على هجمات آلاف الصواريخ، وأن القوات البرية غير قادرة على القتال. تطرق بريك لحرب مستقبلية مع حزب الله التي تعدّ قوة نيرانها أقوى بكثير من قوة نيران حماس، لكن يجب النظر إلى المواجهة الحالية كمناورة طرية قبل الامتحان الحقيقي، والنتيجة غير جيدة. اعترضت القبة الحديدية أغلبية الصواريخ وأنقذت حياة الكثيرين، لكنها وجدت صعوبة في الصمود أمام صليات مركزة أغرقت نظام الدفاع الإسرائيلي. الجبهة الداخلية في إسرائيل لم تتضرر في أي يوم بسبب كمية كهذه من التسلح. تحولت عسقلان إلى مدينة أشباح. وكل ذلك يتقزم أمام قدرات إلحاق الضرر من قبل “حزب الله”.

إزاء إنجازات ضئيلة كهذه، فإن نتنياهو يحسن صنعاً إذا توقف الآن، وعلى الأقل منح إنجاز صغير لبايدن الذي يطلب منه وقفاً فورياً لإطلاق النار. لا يوجد سبب لمواصلة ضرب كيس الرمل المتمثل بغزة، مع شل الحياة في جنوب ووسط البلاد. وإصلاح الجيش سينتظر كما يبدو إلى حين صعود قيادة جديدة في إسرائيل.

بقلم: ألوف بن

هآرتس 19/5/2021



مقالات أخرى للكاتب

  • هل سيكون حزيران المقبل شهر استقالات قادة الأجهزة الأمنية؟  
  • هكذا نقل نتنياهو اليهود من "الوصايا العشر" إلى ضربات قصمت ظهر الدولة   
  • هل حققت إسرائيل هدفها بضربها راداراً للدفاع الجوي في أصفهان؟  





  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي