متى نرمي الكمامات
2021-01-26
كرم نعمة
كرم نعمة

سألت شاعرا عما إذا كان يتحدث مع نفسه، فاستغرب السؤال قائلا: ومع من أتحدث إذا؟ أصنع مخيلتي عبر التحدث مع نفسي، بنك لغتي يتضاعف عند التحدث مع نفسي، الآخر لا يزيد رصيدي اللغوي، ولا يحرضني على ذلك!

غالبا ما يجمع علماء النفس على أن التحدث مع النفس ليس مرضا، بل هو فرصة تساعد على التخلص من القلق وتجاوز اللحظات الصعبة.

وهو أيضا طريقة يلجأ إليها الإنسان في تهدئة صوته الداخلي، من أجل الطمأنينة وعدم السماح له بأن يكون مرتفعا.

الصوت الداخلي لا يمكن أن يكذب أو يراوغ لأنه موضع ثقة مطلقة، لذلك تحاوره النفس دون أن تعبأ بنتائج ذلك. وعندما يتحوّل ذلك الصوت إلى أحلام يقظة يصبح ممتعا، ويضفي أملا واستقرارا في النفس.

بالأمس وجدت راشيل كوك كاتبة العمود في صحيفة “أوبزيرفر” البريطانية، فائدة أخرى لكمامات الوقاية من فايروس كورونا!

قالت “نرتدي الكمامات كي نتحدث دون وجل مع أنفسنا ونحن نسير في الطرقات أو نجلس لنتأمل المارة، أو حتى عندما نكون في وسائل النقل! لا أحد ينتبه لك، ولا يمكن أن يتبادر إلى ذهنك بأن الآخرين يعتقدون بأنك مصاب بمس وأنت تتحدث مع نفسك. الكمامة تبعد عنك كل ذلك، فلماذا لا نرتديها”.

لا أعتقد أن هذه الصحافية بما تمتلك من تجربة عمل ذكية، كانت تشجع في هذه الفكرة على ارتداء الكمامات. لا يوجد خلاف على فائدتها، لكن من يستطيع الصبر عليها كل هذا الوقت.

بل وجدت كوك فرصة للدفاع عن الكمامة، التي أضيفت إلى قيودنا تحت وطأة انتشار الوباء.

بعد اكتشاف اللقاحات، انطلقت آراء متفائلة ومتسائلة معا، متى نرمي الكمامات؟ ومن دون أن يطول بنا الوقت، جاءت الإجابة سريعة بأن الوقت ما زال مبكرا لذلك، وعلى الجميع الاحتفاظ بكماماتهم وعدم التهاون في ارتدائها.

ومع كل الإغراءات التي تقدمها شركات صناعة الملابس بشأن تصاميم الكمامات، ما زال الإجماع على الاستياء منها مستمرا، وغالبا ما يتم ارتداؤها على مضض. فهي تعيق التنفس وتقلل وصول الأوكسجين إلى الرئتين، أما بالنسبة للأشخاص الذين لا يستطيعون التخلي عن نظاراتهم الطبية، فهي عائق مزعج، عندما يضبّب بخار الزفير زجاج العدسات.

الجهات الطبية والحكومية تقول إن الحقائق تتغير بشأن انتشار الفايروس، ولا نمتلك جميعا غير خيار ارتداء الكمامات، بغض النظر عن أي شعور منفر آخر تسببه الكمامة لنا. لذلك يوضع سؤال متى نرمي الكمامات في سلة غير المرغوب بها، إن لم يتهم من يسأله بأنه بلا إحساس بالمسؤولية الجماعية.

*كاتب عراقي مقيم في لندن

*المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع



مقالات أخرى للكاتب

  • كم مليون ديوكوفيتش
  • الكذبة النبيلة
  • المشهد الكارثي للجوع مستمرّ





  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي