
الأسئلة مزعجة في بعض الأحيان ولكن الهدف منها واضح ومفيد: قياس التحيزات وانتشار العنصرية في المجتمع. هذا الاستطلاع الذي قامت به معهد استطلاع الرأي Ifop بتكليف من اتحاد الطلاب اليهود في فرنسا (UEJF) ) وجمعية مكافحة العنصرية SOS Racisme مع مؤسسة التلفزيون الفرنسي العمومي France Télévisions وأسبوعية JDD، كشف عن نتائج متناقضة. فبحسب تحليل فريديريك دابي، نائب المدير العام لمعهد Ifop توضح نتائج الاستطلاع "إنه يظهر وعيًا واهتمامًا حقيقيًا وتصورًا لخطر مرتبط بـ العنصرية، لكنها تكشف أيضًا عن حيوية الصور النمطية».
ومن بين الردود المشجعة في الاستطلاع: أن ما يقرب من نصف الفرنسيين يقولون إنهم قلقون بشأن معاداة السامية مع 54٪ والعنصرية ضد المسلمين مع 50٪ والسود مع50٪ والآسيويين مع 41٪. وإذا اختلف التسامح وفقًا للفئات، فإنه يتحسن مقارنةً بعام 1984، عندما أجريت نفس الدراسة لأسبوعية L'Humanité Dimanche الشيوعية، وهي فترة شهدت إنشاء جمعيات مثل SOS Racisme وأول اختراق لـلجبهة الوطنية في الانتخابات الأوروبية. حيث اشارت نتيجة الاستطلاع الى تراجع الميل للشعور "بالحرج" إذا كان الجيران عربًا أو سودًا أو يهودًا أو آسيويين وبالتالي فقد انخفضت النسب اليوم الى 26٪ و13٪ و7٪ و6٪ على التوالي.
خبر سار آخر: الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عامًا أقل عرضة للتحيز، 17٪ فقط يعتقدون أن اليهود "أغنى من المتوسط"، مقارنة بـ 30٪ من جميع الأعمار، ويعتقد 46٪ أن السود "جيدون جدًا في الرياضة" مقارنة بـ 65٪. لكن الشباب أقل وعياً بمعاداة السامية، وهي من الصور النمطية السائدة عن اليهود والسود.
إذا كانت العنصرية بشكل عام قد انخفضت إلى حد ما فإن فريديريك دابي يلاحظ أن "نتائج الاستطلاع تعكس توترًا قويًا للغاية تجاه المسلمين الفرنسيين أو من أصل شمال أفريقي». حيث يعتبر أكثر من أربعة من كل عشرة مشاركين أي 43٪ في الاستطلاع، أن عدد أفراد هاتين الفئتين "كبير للغاية" في فرنسا. ولتفسير هذا الرفض، طرح دومينيك سوبو، رئيس SOS Racisme، ثلاث فرضيات: "اولاً الرؤية القديمة لصراع من أجل الهيمنة بين الغرب المسيحي والعالم العربي الإسلامي، وثانياً الصورة النمطية للرجل العربي العنيف الذي تم بناؤه بشكل خاص خلال الحرب الجزائرية وثالثاً الهجمات الأخيرة التي نفذها إرهابيون باسم الإسلام».
هذا فيما لا تزال التحيزات العنصرية ضد المسلمين كبيرة. اذ يعتبر قرابة 48٪ من المشاركين في الاستطلاع ان المسلمين "لا يحترمون قيم الجمهورية». فيما يرى 42% انهم يعيشوا "بشكل رئيسي على المعونات الاجتماعية والحد الأدنى الاجتماعي». وكذلك اليهود فهناك قرابة 23٪ الذين يعتبرون أن "لديهم نفوذ كبير في مجال الاقتصاد والتمويل". كما يوجد قرابة 65٪ الذين يظنون ان السود "جيدون جدًا في الرياضة" و63٪ يعتبرون أن لديهم وجه باسم. وفي هذا الإطار يحذر رئيس اتحاد UEJF أن هذه التحيزات قد تبدو أكثر إيجابية، للوهلة الأولى، ولكنها تعني أنهم لا يستخدمون عقولهم ويمكن أن يؤدي ذلك إلى التمييز في التوظيف. وبالنسبة لـ 15٪ ممن شملهم الاستطلاع، فإن الآسيويين "ساهموا في انتشار Covid-19 في فرنسا.
من أجل محاربة العنصرية، ما هي المؤسسات القادرة على القيام بهذه المهمة؟
المدرسة تأتي أولاً: إذ يثق بها 62٪ من الفرنسيين. تليها الشرطة مع 53٪ والجمعيات المناهضة للعنصرية مع 53٪، لكن النسبة ترتفع إلى 78٪ بالنسبة للشريحة العمرية بين 18-24 سنة. اما العدالة فحازت على 49٪ فقط، إذ تلاحظ نويمي مادار «إنها تنضم إلى واقع نواجهه على الأرض». مضيفة انه "حتى لو كانت هناك ترسانة قانونية، فإن القضاة يجدون صعوبة كبيرة في اثبات المؤشرات العنصرية أو المعادية للسامية في الاعتداءات". أخيرًا يمكن القول ايضاً أن الهيئات الوسيطة كالنقابات والإعلام والأحزاب السياسية قد فقدت مصداقيتها.