محمد العباس: خسرنا خطاب الرواية باعتبارها لسان الإنسان العربي

2021-03-11

محمد العباس

حاوره: عبد اللطيف الوراري

محمد العباس كاتب وناقد سعودي، ما فتئ يعمل من خلال دراساته ومقالاته المتنوعة على رصد حركة الإبداع العربي والظواهر الأدبية والثقافية والاجتماعية، التي ترتبط به، في السعودية وفي غيرها من البلاد العربية. يجمع في رؤيته التحليلية للنصوص بين ما هو جماليّ، وما هو ثقافي ضمن أسئلة مفصلية تجترح لغتها الواصفة الخاصة بها. له دراسات عديدة؛ ضمنها: «شعرية الحدث النثري» (2007)، «نهاية التاريخ الشفوي» (2008)، «سقوط التابو: الرواية السياسية في السعودية» (2011)، «الفضاء الثقافي للرواية العربية» (2018).

في هذا الحوار، نسائل الكاتب حول أبرز مشاغله النقدية، ومستقبل الثقافة السعودية وآدابها في حقبة ما بعد الكولونيالية.

□ استطاع الأدب السعودي راهنا أن يثبت نفسه كأدب مختلف ضمن خريطة الأدب العربي المعاصر. في نظرك، ما هي أبرز ملامح هويّة هذا الأدب؟ وهل أمكنه أن يردّ إبداعيّا على تلك الصورة التي تشكّلت عنه في حقبة ما بعد الكولونيالية؟

 تتمثل أبرز ملامح الأدب في السعودية في ذلك التنوع الهائل الذي يعكس بالضرورة تعدد التمثيل الهوياتي لمجمل المشتغلين في صناعة النص الأدبي، على اعتبار أن السعودية قارة مترامية الأطراف، وهذا هو ما يفسر تجاور الأنساق إذا ما خضع المنجز لفحص تحليلي، حيث يحضر نسق الصحراء إلى جانب نسق البحر وكذلك نسق القرى والأرياف مقابل نسق المدن وهكذا.

وهذا التنوع هو الذي يفرض بالضرورة تنوع الأشكال التعبيرية، سواء من ناحية الأجناس والألوان الأدبية، أو على مستوى الخيارات التقليدية والحداثية، المهم أن تلك الأنساق المُنصّصة مأهولة بأصوات فردية تعبر عن أزمتها الوجودية، وإن كانت كل تلك النماذج التي تشكل فسيفساء المشهد غير مشتبكة ضمن حالة صراعية مولدة لقضايا اختلافية، بعد انطفاء معركة الحداثة إبان الثمانينيات، بمعنى أن هوية الأدب السعودي آخذة في التشكل على قاعدة التنوع والتعدد والاختلاف والتشظي، المعنية في المقام الأول باستدعاء المكون المكاني ضمن لحظة متغيرة تحايث حركة الحداثة الاجتماعية، في الوقت الذي تعلن فيه تلك الهوية عن انفتاحها على لحظة الديمقراطية ومهبات العولمة، وبالضرورة تتأثر بسطوتها في زحزحة ثوابت الهوية بمعناها الشامل عن مكامنها.

وهذا هو منطلق الرد من الوجهة الإبداعية، إذ لم يعد المنجز السعودي أسير المنطلقات التقليدية، بل لم يعد معنيا باستظهار صورة طهورية لمجتمع يعيش عزلته وانشغاله بنفسه، وهذا هو ما يفسر اختراق بعض الأسماء السعودية سياج المحلية والوصول إلى القارئ العربي، وإن كان بحاجة لمضاعفة الجهد على مستوى المضامين والتقنيات الفنية، ليكتسب مشروعية حضوره في الفضاء العربي ويكسر الصورة النمطية التي حُبس فيها لعقود.

 □ كنت من الأوائل الذين بادروا إلى الكتابة نقديّاً عن قصيدة النثر العربية من خلال كتابك «ضدّ الذاكرة.. شعريّة قصيدة النثر» (2001). كيف تقرأ اليوم واقع هذه القصيدة بعد عقود من السجالات والمواقف المضادّة؟ وهل تجاوز النقد نقاش الشكلانيّات إلى بعث الأسئلة الجوهرية؟

 كل الأسئلة التي رافقت ظهور قصيدة النثر انطفأت تقريبا، ولم تعد موجودة إلا ضمن دوائر محدودة جداً تعاني من ثقل الإرث الشعري المقفى. حيث كان الرهان وما زال على كفاءة النص الشعري لا على المساجلات، حتى الجهد النقدي لم يمنح قصيدة النثر شرعيتها، ولذلك كانت الموجات الأولى كفيلة بتثبيت أركان التجربة، وهذا هو ما حدث بالفعل، حيث برزت أسماء صارت اليوم ضمن أعمدة الشعر العربي الحديث، كما حققت مقروئية لافتة، إلا أن ذلك الخط البياني، لم يأخذ شكله التصاعدي، حيث ازدحم المشهد بجحافل من المجربين غير الموهوبين وغير المتمكنين، استسهالًا لمفهوم وأدائيات وممكنات قصيدة النثر، واستجابة طبيعية لنظام التفاهة الساطي على كل حقول الإبداع والمعرفة، وهو الأمر الذي حذّر منه بودلير عندما قال: إنها خطرة كالحرية، وقصد بذلك قصيدة النثر، ولذلك يصعب اليوم وسط ذلك الركام الهائل من الأسماء والمنتجات والملتقيات الاهتداء إلى الفاعلين والمميزين في كتابتها، وإن كان بمقدور المتابع التقاط بعض الأصوات التي تعيش نثرية الحياة بالفعل مقابل طوابير من الكتبة، الذين تنازلوا عنها كأسلوب حياة، إذ لم تعد (قصيدة الملاعين) كما نظّر لها أنسي الحاج، إلا فضاءً للكتابة الذهنية، عوضًا عن كتابة التجربة.

وذلك الأسلوب المعتمد على الهذيان اللغوي، هو من أكبر التحديات التي تواجهها قصيدة النثر، خصوصا أن الجيل الجديد من كتّاب قصيدة النثر لا يمتلكون القدرة على مناقدة واقعها، إذ لم يستولد الجيل الجديد نقاداً من رحم التجربة، كما أن أكثرهم يعانون من عداء معلن للممارسة النقدية، وهذا هو بالتحديد ما أبقى التجربة داخل محدودية مراكمة الإنتاج، وبالتالي عدم تطوير الجدل حول واقعها ومضامينها وأساليبها ومستقبلها، في الوقت الذي تنازل النقد بدوره عن رصد حراك التجربة والاكتفاء بتعليقات على هامش قصيدة النثر، وهو مآل منطقي بالنظر إلى تراجع قيمة النقد عموما، في مجمل النشاط الثقافي العربي.

□ في كتابك «سادنات القمر.. سرّانية النص الشعري الأنثوي» (2003)، تدافع عن حضور المرأة وصوتها الخاص في الكتابة، وعن الإصغاء إلى لغتها كنسق من العلامات المميّزة بمنأى عن خطاب التبخيس والدونية، الذي حاط بها. هل استطاعت الكاتبة العربية أن تثبت حضورها في واقع ثقافي متلبّس بالهيمنة الذكورية؟ وهل تؤمن بخصوصية (الكتابة النسائية) رؤية ومنهجا للدراسة؟

 نعم، استطاعت الكاتبة العربية أن تحضر بكفاءة وندية واضحة، على الرغم من صرامة الحدود الذكورية.

وبعد طول غياب، أو تغييب بمعنى أدق، تمكنت من إثبات وجودها وإسماع صوتها للوجود، كما تشهد بذلك الوقائع الثقافية، ليس على مستوى النص الأدبي وحسب، بل حتى على مستوى الإسهام الفكري، وبالتالي لم تعد شخصيتها الإبداعية، أو الأكاديمية محل شك. وهنا تتحدث الأرقام في حقل السرديات الذي تجد فيه الكاتبة محلها بشكل أقوى من الشعر، بالنظر إلى ذاتية الشعر مقارنة بالسرد المرتبط بالموضوع والزمان والمكان. وبالتأكيد هناك خصوصية في الكتابة النسائية أسست لها فرجينيا وولف، عندما حذرت النساء من الكتابة مثل الرجال.

في إشارة إلى أهمية إبراز الهوية الأنثوية، وهذا بطبيعة الحال لا يحدث بتخطيط من قبل المرأة أو بموجب نوايا مبيتة لمفارقة كتابات الرجل، ولكن بمقتضى هواجس شعورية بنيوية في الذات الأنثوية الكاتبة، وهذا لا يعني أيضا امتناع المرأة، أو عدم قدرتها على مقاربة الموضوعات والقضايا من منظور إنساني. والعكس هو الصحيح، وعليه فإن الاختلاف هنا يكمن في طريقة رؤية المرأة للوجود، انطلاقا من بنيتها التكوينية على المستوى العاطفي والفكري، ولذلك صرنا نلاحظ تورط المرأة في الكتابة عن الحروب والتاريخ والأمكنة والمنافي، إلى جانب كتابتها عن الحب.

ولم تعد الكتابة النسائية في بعدها الناضج معنية بالكتابة عن حيف الرجل، أو سطوة الذكورة، لأنها لم تعد تكتب وهي تتخيل أن أذن الرجل ملتصقة بجدار نصها، بل تشعر في عمقها بأنها تكتب من دون تجنيس وتتوقع أن تُقرأ بعقول غير مجنسة.

لم تعد الكتابة النسائية في بعدها الناضج معنية بالكتابة عن حيف الرجل، أو سطوة الذكورة، لأنها لم تعد تكتب وهي تتخيل أن أذن الرجل ملتصقة بجدار نصها، بل تشعر في عمقها بأنها تكتب من دون تجنيس وتتوقع أن تُقرأ بعقول غير مجنسة.

□ عرفت الساحة النقدية منذ عقدين من الزمن نشاط الدراسات الثقافية. إلى أيّ مدى كان لهذا النشاط فضل في تجديد أسئلة النقد العربي؟ وهل تتفق مع من يقول بأن النقد الثقافي هو بديل عن النقد الأدبي؟

منذ أن استجلب النقد الثقافي والدراسات الثقافية إلى المشهد العربي تحول المشهد النقدي العربي إلى ورشة سجالات تنظيرية حول هذه المنهجيات، وكأن الناقد العربي هو الذي ابتكرها، على الرغم من كون كل الكتب التي صدرت في هذا الحقل كانت مجرد ملخصات لما أنتجه الآخر، وهو ما يعني أن الجهد المبذول في عملية التحول من النقد الأدبي إلى النقد الثقافي لم يكن سوى صدىً مدرسيٍّ لما حدث هناك في دوائر الآخر.

وهذا يفسر بطبيعة الحال عدم تجدد أسئلة النقد العربي إلى ما هو أبعد من ترديد مقولات المنهج والتعليق على الشروحات وأحيانًا البحث عن مرجعيات موازية داخل الموروث العربي، إذ لم يتمكن معظم المبشرين بالنقد الثقافي والدراسات الثقافية من تمدد هذه المناهج في فضاء النص، ولم تُقارب القضايا بمقتضى الآليات التفكيكية لتلك النظريات، وبذلك بقيت داخل أسوار الجامعات كمقررات مدرسية خاضعة للفحص والتأويل، وهذا يفسر أيضا ذلك الكم من الباحثين الذين تصدّرهم الجامعات سنويا، فيما تعجز عن إمداد المشهد بنقاد مزودين بملكة النقد، يؤمنون بانعدام المسافة بين النقد والإبداع، بمعنى التعامل مع النقد كقيمة إبداعية متعادلة مع عملية إنتاج النص كأدائية إبداعية.

وعلى هذا الأساس لا أحبذ فكرة التخلي عن النقد الأدبي لصالح موضة النقد الثقافي الذي يشكل قيمة معرفية كبرى، لئلا تُترك النصوص في عراء قرائي ونقدي، ولئلا يتحول النشاط النقدي برمته إلى سجالات نظرية تتجاوز النص، الذي يشكل نقطة ارتكاز المشهد الثقافي. إذ ما زال بمقدور النقد الأدبي أن يجاور النقد الثقافي بما يمتلكه من طاقة تحليلية للنصوص واستشراف المشهد بموجب مضامين النصوص أيضًا، وكذلك التبشير بحركات تجديدية في الكتابة الأدبية.

 □ انتعش فنّ الرواية في العقود الأخيرة، وصار من المسلّم به عند كثيرين بأنها (ديوان العرب الجديد). هل ما زالت هذه الرواية بالفعل قادرة على بعث الضروري والمختلف؟ أم أن التهافت على كتابتها تحت تأثير الاصطفاف والتسويق الإعلاميين أفقدها صورتها المهيبة والمشرقة كفنّ أساسي؟

يمكن قياس واقع وأفق الرواية العربية إثر إعلان جائزة البوكر (الجائزة العالمية للرواية العربية) على اعتبار أنها أهم الجوائز وأكثرها إثارة للجدل، حيث التبرم والاحتجاج الجماهيري ضد الرواية الفائزة والقائمتين القصيرة والطويلة، فتلك الروايات – بتصور الجمهور- لا تمثل الرواية العربية، على الرغم من كونها مكتوبة بأهم وألمع الأسماء. وهذا يعني فيما يعنيه أن الأزمة ليست في الجائزة، بل في الرواية العربية ذاتها، حيث تنكتب ضمن هذا الأفق المتواضع مقارنة بجيل التأصيل، وهذا هو ما يفسر مجموعة حقائق أهمها ميثاق القراءة المتين ما بين القارئ العربي والروايات المترجمة، حيث يرى فيها ما لا يلمسه في الروايات العربية.

وكان بمقدور الرواية العربية أن تنمو بهدوء ضمن حواضن فنية وسوسيوثقافية، لولا أن الجوائز المغرية أربكت ذلك النمو، فتنازل الكتّاب ذوو الخبرة عن خبراتهم، ليكتبوا ما يتناسب مع شروط الجوائز، في الوقت الذي دخل سباق الرواية معظم القراء الذين تحولوا فجأة إلى روائيين، ولذلك لم يعد من الممكن إنتاج رواية ذات قيمة فنية وموضوعية داخل هذا المناخ، وعليه خسرنا لحظة تاريخية بامتياز، وخسرنا خطاب الرواية باعتبارها لسان الإنسان العربي، الذي يمكن من خلاله التعبير عن مجمل قضاياه، لتبقى على هامش المشهد روايات محدودة جدا، يمكن الاعتداد بها وتقديمها كرهان على عافية الفعل الروائي.

□ عُرف عنك انتقادك لفضاءات السوشيال ميديا، وكيف أنّها أنتجت «أوهام» الجماعات الافتراضية، التي تفتقد للفعل والحضور الحقيقيين. لكن ألست ترى معي أنه يمكن، في ضوء هذه الفضاءات المفتوحة، أن نتحدث عن أدب جديد ومختلف، مُرَقْمن ومتطوّر باستمرار، يمكن أن يشكل هويّة جديدة ويبعث أسئلة ضرورية لحياتنا وعلاقاتنا ورؤيتنا في الوقت المعاصر؟

 لست ضد الحضور والتفاعل في فضاءات السوشيال ميديا، بل لا أنظر لها على الدوام بمعيارية سلبية، بل أناقدها وأضع كل ما يدور فيها على طاولة التشريح النقدي، فهي مكتسب عظيم من مكتسبات اللحظة الحضارية، ولا بد من التعامل معها على هذا الأساس، ولذلك أثمن قدرة هذا الفضاء على توفير المعلومة بمقتضى نظرية الفين توفلر (الموجة الثالثة) وتقليص المسافات الفاصلة ما بين المهتمين بالأدب والكتابة، وأرصد على مستوى إنتاج النص الرقمي، مراودات كتابة السرديات متناهية القصر، والأدب التويتري، والكتابة الرقمية، إلا أنني لا أعول على ظهور نص رقمي لافت عربيا حتى الآن، وكل التنظيرات حول الأدب التفاعلي تبدو – بتصوري- مبالغة في تصعيد تلك الكتابات العابرة إلى مستوى الكتابة التفاعلية، كما نعرفها في حقل الرقميات الإنسانية، وكل ما يقال عن انتقال جوهر النشاط الإنساني إلى عوالم الميديا فيه الكثير من المراوغة، وبالتالي فإن الثقافة الإلكترونية ليست بديلا كاملا للفنون والآداب الكلاسيكية، وهناك فرق كبير بين كثافة الاستخدام الاجتماعي للميديا والاستعمال الثقافي كما نرتئيه، كما أن قيم الحداثة والأدب الرقمي ليست حتمية إلى الدرجة التي تجعلنا نصادق على كل كتابة مرقمنة.

 □ كيف تنظر إلى واقع الثقافة السعودية اليوم في ضوء المتغيّرات المحلية والدولية التي تكتنفها وتؤثر فيها في آن معاً؟

 هذا هو سؤال الأسئلة في مشهدنا اليوم، حيث يبحث المثقفون لهم عن موقع ودور في رؤية 2030، فهناك تحول بنيوي عميق في المجتمع السعودي، يعجز المثقفون عن استيعاب حركته المتسارعة، ويصعب تجسيد ذلك الحراك المتقدم في أعمال فنية بالنظر إلى قوة تأثيره ولحظوية حراكه، لدرجة أن الثقافة بمفهومها المتعارف عليه تكاد تختفي وسط حزمة من اهتمامات وزارة الثقافة، تتجاوز النص الإبداعي إلى مجمل تمثلات الثقافة كالأزياء والطبخ والترفيه وغيرها من صور الثقافة التي فرضت تعريفاً أشمل وأعمق للثقافة يتجاوب مع التعريف الأحدث الذي ابتدعته اليونسكو، وينهض على قيم التنوع والتعدد والاختلاف والتشظي، في الوقت الذي تنشط فيه حركة الإنتاج الفني والأدبي بشكل غير مسبوق، على مستوى كتابة الرواية والقصة والشعر، وإنتاج الأفلام، وعرض المسرحيات، والترجمة، ضمن حركة انفتاح قصوى أعطت دفعة قوية جدا للإنتاج إلا أنها لم تُخّلق حتى الآن رموزها، وكأن المجتمع في حالة سباق مع الزمن.

كما أن ذلك الانفتاح طرح تحديات مربكة للبعد الهوياتي الذي ظل محافظًا على استقراره لعقود، حيث فرضت العولمة مزاجها الكوني، وأذابت الحواف الحادة لمركبات الهوية، وبالتالي صرنا نطالع منتجات ثقافية متخففة من المكانية – مثلًا- لا تستفز جينات المكان بقدر ما تعبر عن إنسان جديد يرتبط بحبل سري، مع مخلوقات مكوننة، والأهم أن معظم تلك المنتجات الأدبية والفنية لا تُحايث بمطالعات نقدية.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي