عقب الحرب الأهلية.. كيف تم اضطهاد السود بأميركا؟

2021-03-02

طه عبد الناصر رمضان

مع نهاية الحرب الأهلية الأميركية عام 1865 وإجهاض العبودية بكامل أرجاء البلاد، وجد الأميركيون ذوو الأصول الإفريقية، سواء كانوا عبيدا أو أحرارا في السابق، أنفسهم أمام جملة من القوانين العنصرية التي ظهرت لتقيّد حرّيتهم وتمنحهم منزلة اجتماعية متدنية مقارنة بالبيض.

فتزامنا مع انتصار الاتحاد، كسب حوالي 4 ملايين من العبيد السابقين حرّيتهم بالجنوب لتظهر بذلك أزمة جديدة حول المساواة مع البيض ومكانة السود بالولايات الأميركية. وأمام هذا الوضع، لم تتردد العديد من الولايات في إصدار ما سمي بقوانين السود لتنظيم الحياة بشكل عنصري بين البيض والسود.

سياسة أندرو جونسون

مع إعلان الرئيس الأميركي، المنتمي للحزب الجمهوري، أبراهام لنكولن تحرير العبيد مطلع العام 1863، خيّمت حالة من الغضب والقلق على الجنوب. ففي حال انتصار الشماليين بالحرب الأهلية، سيمثل قرار لنكولن ضربة موجعة لاقتصاد الولايات الجنوبية التي اعتمدت بشكل كبير على العبيد للعمل بمزارع القطن.

ويوم 15 نيسان/أبريل 1865، اهتزت الولايات المتحدة الأميركية على وقع حادثة اغتيال أبراهام لنكولن بمسرح فورد على يد الممثل جون ويلكس بوث (John Wilkes Booth) لتؤول بذلك رئاسة البلاد لنائب الرئيس، الديمقراطي، أندرو جونسون (Andrew Johnson) الذي استلم مهامه خلال نفس يوم. إلى ذلك، أيّد أندرو جونسون فكرة عدم التدخل في السياسات الداخلية للولايات الأميركية فسمح بذلك للحكومات المحلية بإدارة شؤون الولايات وسن القوانين التي تتلاءم مع تطلعات مواطنيها. ولضمان إجهاض العبودية بجميع أرجاء البلاد والتزام كل الولايات بذلك، عجّل أندرو جونسون بسن التعديل الدستوري الثالث عشر الذي ألغى بشكل نهائي العبودية والاسترقاق الإجباري.

قوانين السود

وعلى الرغم من نضالهم للحصول على حقوقهم، وجد ذوو الأصول الإفريقية أنفسهم في ظروف مشابهة لتلك التي كانت منتشرة أثناء فترة العبودية. وأواخر العام 1865، سنت ولايتا ميسيسبي وكارولاينا الجنوبية أول قوانين السود (Black codes). وقد أجبر أحد قوانينها ذوي الأصول الإفريقية على الحصول على عقد عمل مكتوب بخط اليد مطلع كل سنة وأكد على استحالة إلغاء هذا العقد طيلة العام وهدد كل من يخالف ذلك بالسجن وخطايا مالية تقدم على شكل تعويضات للمؤجر.

وبكارولاينا الجنوبية، سمح للسود بالعمل بالمزارع أو كخدم بالمنازل فقط حيث أجبرت القوانين العنصرية ذوي الأصول الإفريقية على دفع ضرائب سنوية بلغت قيمتها أحيانا 100 دولار للتمتع بالوظائف الأخرى. وبسبب ذلك، وجد كثير من السود أنفسهم مشردين وتعرضوا للعقوبات من قبل السلط الأمنية.

أثناء عهد الرئيس جونسون، مررت أغلب ولايات الجنوب قوانينها الخاصة ضد السود. وببعض الولايات الجنوبية، حصل ذوو الأصول الإفريقية على حق ملكية أشياء معينة ومنعوا من الشهادة ضد البيض بالمحاكم كما أجبروا على الحصول على تراخيص وعقود لتقييد مجالات عملهم.

ولضمان حياة الفقر لذوي الأصول الإفريقية، توعّدت المحاكم بالجنوب بتسليط أشد أنواع العقوبات على كل رجل أبيض يشغّل رجلا أسود ويمنحه مقابل ذلك راتبا مرتفعا. كما هددت قوانين سنت بعدد من ولايات الجنوب كل رجل أسود يحاول إلغاء عقد عمله قبل انتهاء مدته بالضرب والسجن والعمل القسري بدون مقابل بالمزارع.

ولضمان تطبيق هذه القوانين، عمدت ولايات الجنوب لانتداب البيض فقط بجهاز الشرطة كما شكّلت ميلشيات من البيض المسلحين لإرهاب السود.

وضعية معقدة

إلى ذلك، أثارت هذه القوانين العنصرية غضب مناهضي العبودية بالشمال. وأملا في وقف هذه السياسة العنصرية، مرر الجمهوريون بالكونغرس جملة من التعديلات، كقانون الحقوق المدنية والتعديل الربع عشر، لضمان الحماية للسود بالجنوب. كما أقر الكونغرس عام 1870 بفضل الجمهوريين التعديل الخامس عشر الذي منح حق الانتخاب لجميع الأميركيين مهما كان عرقهم ولونهم.

مع رحيل آخر الجنود الفيدراليين عن الجنوب عام 1877، عانى السود بالولايات الجنوبية من اضطهاد العنصريين البيض لهم كما ساهمت ظهور قوانين جيم كرو (Jim Crow) في تعقد وضعيتهم.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي