الشعر والفلسفة.. لا غنى لأحدهما عن الآخر

2021-02-25

الشعر والفلسفة عالمان متكاملان (لوحة للفنان ضياء العزاوي)مراكش (المغرب) - تنظم دار الشعر بمراكش، ضمن سلسلة “ندوات” الخاصة ببرمجتها للموسم الرابع والتي تستقصي الخطاب الشعري، ندوة بعنوان “الشعر والفلسفة: حوارية الجوار”، والتي تعرف مشاركة النقاد والباحثين المغاربة إدريس كثير وعبدالصمد الكباص والطالبة الباحثة فاطمة الزهراء وراح (في تقليد تحافظ عليه برمجة الدار) للحوار والنقاش واستقصاء سمات هذا الحوار الدائم المفتوح بين الشعر والفلسفة.

ويحتضن مقر دار الشعر بمراكش في المركز الثقافي الداوديات فعاليات هذه الندوة العلمية مساء الجمعة 26 فبراير الجاري، فيما سيتم بث تفاصيل هذه الندوة على منصات التواصل الاجتماعي للدار عبر قناة دار الشعر بمراكش (يوتوب) وبصفحتها على الفايسبوك ليلة الأحد 28 فبراير 2021.

وتواصل دار الشعر بمراكش من خلال هذه الندوة استقصاء الخطاب الشعري استكمالا لسلسلة الندوات التي برمجتها الدار خلال مواسمها السابقة: الشعر والترجمة، الشعر وأسئلة الهوية، مسرحة القصيدة، الدرس الافتتاحي “الشعر والمشترك الإنساني”، “الشعر وأسئلة التلقي”، “الشعر وأسئلة التحولات”، “الشعر وأسئلة التوثيق والرقمنة”، “النقد الشعري في المغرب”، “وظيفة الشاعر اليوم” وغيرها.

وتسعى ندوة “الشعر والفلسفة: حوارية التجاور” إلى الوصول إلى سمات ممكنة وليست محددة بين الخطابين الشعري والفلسفي. ونظرا إلى أن هذا الاستقراء ليس لحظيا ولا يرتبط بالجدة في إثارة موضوعاته، بحكم أنه ظل ديدن العديد من المناظرات والأبحاث والكتابات، يرى منظمو الندوة أن الحاجة اليوم ملحة لاستعادة مكانة الفلسفة في الفنون والشعر بالخصوص، على ضوء العديد من التحولات التي مست العالم، لذا ستكون إثارة هذا النقاش الأولي لما فيه من حداثة الرؤى ومحاولة الوصول إلى أسئلة مركزية تهم هذه “الحوارية التجاورية” والتي ظلت محكومة بمفارقات الأطاريح.

وتروم ندوة دار الشعر بمراكش من خلال أوراق الباحثين كثير والكباص ووراح التفكير في لحظة “آنية” اليوم لعلاقة الشعر بالفلسفة وأيضا للحاجة للشعر والحاجة للفلسفة في وقت يتجه فيه العالم للنزوع لوسائط أخرى.

وسيقدم المتدخلون رؤاهم على ضوء ما تراكم من اجتهادات ونظريات ومفاهيم وأنساق معارف وفق ما يمكن أن يفيد في بلورة أفق القصيدة المغربية الحديثة، مادمنا في سياق الشعر وفي فضائه الأثيري.

ويذكر بيان دار الشعر أن الشعر هو تجاور للحوار الدائم الموصول، الذي لا يتوقف إلا في اللانهائي، كما يشدد على أن فيض الشعر ورؤاه ينطلقان من أسئلة الفكر التي تظل معطى مؤجلا للسؤال.

إن هذه الخاصية، الشعرية والفلسفية، هو ما يجعل من الانفتاح، كل منهما على الآخر، قدرة خلاقة على بناء نص شعري مسوغ بالمعرفة وبتفكير فلسفي معني بأسئلة الوجود.

وتعتبر الندوة لحظة معرفية للتفكير في حاجتنا للشعر وللفلسفة، كحاجة إنسانية ظلت تقاوم التردي وتنتصر لقيمته الإبداعية. وهذا ما يشكل تحفيزا مضاعفا للتفكير في الدور الوظيفي للشاعر في حيوات الأفراد والمجتمعات على مختلف مرجعياتها واختلافها.

دار الشعر بمراكش تواصل من خلال هذه الندوة استقصاء الخطاب الشعري من خلال فتح عوالم الشعر والفلسفة

وعلاقة الشعر بالفلسفة كما يتبين ليست جديدة، ولنا مثلا في أبي العلاء المعري ولزومياته أبرز مثال على قدرة الشعر على الالتحام بالفكر وقدرة الفكر على أن يتحول إلى خطاب شعري جمالي، وكما هو الحال أيضا مع قصائد المتنبي في أبياتها الحكمية التي توارثتها أجيال فأخرى.

لكن تبقى العلاقة بين الشعر والفلسفة إشكالية رغم أهميتها ومحوريتها في صياغة خطاب فني متكامل ومتماسك ومنفتح عابر لآنيته.

وهناك من الشعراء من التجأ إلى الفلسفة فغلب الفكري على الجمالي في خطابه، وبالتالي كانت نصوصه باردة لم تنجح في أن تتحول إلى عوالم شعرية مثيرة، وهنا نتبين مصاعب الدمج بين العالمين، عالم الفكر ولغته الجافة وعالم الشعر وثرائه اللغوي وقدراته التصويرية والتخيلية، إذ يتطلب الأمر مهارة شعرية وتمثلا دقيقا للأفكار.

وقد سبق لشيلي أن تحدث عن الشعر كـ“آلية للتغيير الثقافي وللتأثير في القيم والمعايير الاجتماعية”، وبهذا المنظور الذي ينتصر لضرورة الشعر، تنبع فكرة محورية أساسية: قدرة الشاعر اليوم على بلورة أفقه الإبداعي الساعي إلى التحول في علاقة بالإنسان، ضدا على هذا الخراب الهائل الذي يمتد على سماء عالمنا اليوم.

وتعتبر ندوة دار الشعر بمراكش محطة جديدة ضمن استراتيجية الدار للمساءلة والتمحيص النقدي، وهي محطة ستتواصل مستقبلا بالمزيد من الانفتاح والمقاربات سعيا للإنصات البليغ لنبض النصوص ولجغرافيات شعرنا المعاصر اليوم وللاقتراب أكثر من نبض أسئلة النقد الشعري وقضاياه المحورية.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي