لأنه يمس حقوق الفلسطينيين.. معاريف: هذا ما يجب أن يُقلق إسرائيل في "لاهاي"

2021-02-23

لا يفترض بضباط الجيش الإسرائيلي وجنوده أن يكونوا أول القلقين من الإذن الذي منحته محكمة الجنايات الدولية بفتح تحقيق بالاشتباه بتنفيذ إسرائيل لجرائم حرب. من ينبغي لهم –برأيي- أن يقلقوا، إذا ما فتح تحقيق كهذا بالفعل، هم رؤساء القيادة السياسية والحزبية، ممن صادقوا على الاستيطان في يهودا والسامرة، بل ووزراء الدفاع الذين انشغلوا كثيراً في توسع الاستيطان في يهودا والسامرة، مثلما هم أيضاً رؤساء حركات الاستيطان.

شاركت إسرائيل على مدى سنوات بشكل نشط في تشريع ميثاق روما، ووقعت على الميثاق، ولكنها لم تصادق عليه، وبالتالي فإن دولة إسرائيل ليست عضواً في المحكمة، وليس للمحكمة الصلاحيات على ما يجري في أراضي دولة إسرائيل أو على مواطنيها. ونبع هذا التحفظ من خوفها من أن يصار إلى استخدام سياسي للميثاق ضد دولة إسرائيل ومواطنيها. وقد نبع أساس تخوف دولة إسرائيل من إدخال تلك المادة إلى الميثاق، والتي تحظر نقل السكان من أراضي الدولة الاحتلالية إلى أراضي الدولة المحتلة؛ أي مادة المستوطنات.

إن الشبهات التي تجمعت لدى المدعية العامة في موضوع أعمال الجيش الإسرائيلي في “الجرف الصامد” وعلى الجدار في غزة في 2018 لا تبرر برأيي فتح تحقيق، في ضوء المبدأ الذي يقول إن دولة لها نظام قضائي مستقل، مهني، ناجع ومؤثر، تنفذ التحقيقات بنفسها. إن موضوع استقلالية جهاز القضاء الإسرائيلي بالنسبة للتحقيق في الشبهات بجرائم دولية نال الاعتراف، سواء في لجنة تيركل في أعقاب رحلة مرمرة البحرية أم في طريق تشخنوفر (الذي كنت عضواً فيه) والذي عني بتنفيذ دروس لجنة تيركل، من أجل ضمان تنفيذ الجيش الإسرائيلي وجهاز القضاء الإسرائيلي مبادئ القانون الدولي.

في حالة فتح تحقيق وبدء المدعية العامة في جمع الأدلة وفحص الشبهات في موضوع المستوطنات، من المهم أن تمتنع إسرائيل عن خطوات تواصل الضم الزاخم وتكف عن خطوات الضم الزاحف وطرد الفلسطينيين ولا سيما من المناطق “ج”، تلك التي تحبط كل إمكانية للوصول إلى تسوية وإقامة دولة قابلة للعيش. على هذه الخلفية تنفهم تخوف وزير الدفاع الذي توجه لإدارة الصندوق القومي وطلب تأجيل تنفيذ القرار (الحساس للغاية) بشراء الأراضي الخاصة في يهودا والسامرة. وكما قال، ستكون للقرار تداعيات على المستوى الدولي، وعلى علاقات إسرائيل والولايات المتحدة، وعلى علاقات إسرائيل مع الشتات. وغني عن الإشارة أن تلك المحافل الدولية يصعب عليها حينئذ الفصل بين إسرائيل والصندوق القومي، رغم أن مالك الصندوق القومي ليس حكومة إسرائيل.

خيراً فعلت محكمة العدل العليا حين ألغت قانون تسوية الاستيطان في يهودا والسامرة، لأنه يتناقض مع مبدأ السيادة الإقليمية، ومع مبادئ أساس في التشريع الإسرائيلي، ويمس بالحقوق المحمية للفلسطينيين. وهكذا أزالت عائقاً هائلاً وقف في وجه دولة إسرائيل. خيراً تفعل إسرائيل إذا ما اتخذت لأول مرة مبادرة لاستئناف المحادثات مع الفلسطينيين أو خطوات مستقلة لانفصال مدني عنهم، بهدف تعزيز أمن مواطني إسرائيل وخلق واقع سياسي أفضل يسمح بخطوات سياسية في المستقبل، ويمنع خطوات أحادية الجانب تحبط إمكانية الوصول إلى تسوية. وهكذا، نعد التربة لضغط قانوني وسياسي على “لاهاي” للامتناع عن فتح تحقيق.

 

بقلم: العميد احتياط راحيل دولف

معاريف 23/2/2021







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي