أشبه بالمجموعة الشمسية.. نظام نجمي فيه 6 كواكب تتراقص بتناغم عجيب

شادي عبد الحافظ: تمكن فريق بحثي دولي بقيادة علماء من جامعة جنيف السويسرية من رصد نظام نجمي يقع على مسافة حوالي 88 سنة ضوئية من الأرض ويحوي 6 كواكب تدور حوله وتتفق بشكل شبه مثالي في مداراتها، الأمر الذي قد يساعد العلماء على فهم تاريخ مجموعتنا الشمسية.

وبحسب النتائج التي توصل إليها هذا الفريق، والتي نشرت في دورية "أسترونومي آند أستروفيزيكس" (Astronomy & Physics) وأعلنت عنها الجامعة في بيان رسمي، فإن النجم المركزي لهذه المنظومة يسمى "إتش دي 158259" (HD 158259)، وهو قريب في كتلته من الشمس ويقع تقريبا في نفس الفئة الطيفية.

يذكر أن هذا النجم يوجد في مجموعة نجوم "كوكبة" التنين، ويمكن لك أن تراه في سماء حالكة أعلى نجم الثعبان من نفس الكوكبة، لكن يفضل استخدام نظارة مكبرة، لأنه سيظهر خافتا جدا بالعين المجردة.

6 عوالم

وبحسب الدراسة، تتكدس الكواكب الستة الخاصة بهذا النظام النجمي على مسافة من النجم تشبه المسافة بين الشمس وكوكب عطارد، أقربها للنجم يبلغ في كتلته حوالي ضعفين ونصف قدر الأرض، أما الخمسة الباقية فتساوي حوالي 5-6 مرات كتلة الأرض.

وللتوصل إلى تلك النتائج استخدم الفريق البحثي مقياس الطيف النجمي المسمى "صوفي" (SOPHIE)، وهو إحدى أدوات "مرصد آوتي بروفانس" (Haute-Provence Observatory) في جنوب فرنسا، وتم إجراء 300 قياس للنجم، ثم استخدم العلماء القمر الصناعي "تيس" (TESS) التابع لوكالة الفضاء والطيران الأميركية "ناسا" (NASA)، لتأكيد تلك القياسات والتعرف إلى كتل بعض الكواكب.

ولرصد كوكب يدور حول نجم بعيد يستخدم العلماء عدة طرق، منها طريقة "العبور"، ولغرض التقريب افترض أنك تمسك حصاة صغيرة في حجم حبة بازلاء، ثم تقوم بتمريرها بين عينيك والمصباح القريب، هنا ستلاحظ أن ضوء المصباح انخفض قليلا أثناء عبورها.

الأمر كذلك هنا مع فارق كبير في الدقة والآليات المستخدمة في حالة اكتشاف الكواكب التي تدور حول "إتش دي 158259″، حيث يلاحظ العلماء التغير في كمية الضوء الصادرة منه على مدى زمني طويل، ثم بعد ذلك يقومون بحساباتهم لتأكيد عدد الكواكب وبعض خصائصها مثل الكتلة.

تناغم عجيب

لكن الأكثر لفتا للانتباه في هذا الكشف الجديد إلى جانب كونه نظاما نجميا يحوي 6 كواكب -وهي حالة نادرة- كان أن طبيعة مدارات هذه الكواكب الستة مختلفة.

وقد تبين -بحسب الدراسة الجديدة- أن مدارات تلك المجموعة من الكواكب تترابط معا فيما تسمى ظاهرة "الرنين المداري" (Orbital resonance)، ويشبه الأمر ما يحدث هنا في المجموعة الشمسية، حيث يرتبط بلوتو ونبتون مداريا، فكلما أكمل بلوتو دورتين حول الشمس أكمل نبتون 3 دورات.

وفي النظام النجمي "إتش دي 158259" فإن كل الكواكب الستة تفعل نفس الشيء، فكلما أكمل الكوكب الأول والأقرب للنجم 3 دورات حوله أكمل الثاني الذي يليه دورتين، ثم حينما يكمل هذا الكوكب الثاني 3 دورات حول النجم يكمل الذي يليه (الثالث) دورتين، وهكذا بنفس التناغم حتى نصل للنجم السادس، وكأنها نوتة موسيقية تتصاعد مع الزمن.

وتفيد ظاهرة التزامن المداري في فهم أعمق لطبيعة المنظومة النجمية، وقد ساعدت هذه المرة على تأكيد أكبر لإحدى أشهر النظريات في تكون الكواكب، والتي تقول إنها عادة ما تنشأ في مكان بعيد عن النجم ثم تقترب منه في وقت لاحق، ويعتقد العلماء أن نفس الشيء قد حدث مع بعض كواكب المجموعة الشمسية مثل المشتري.