الروائي مكاوي سعيد: كتاباتي إنتصار للهامش والمهمشين - حوار عبد المجيد دقنيش

خدمة شبكة الأمة برس الإخبارية
2009-05-20
الروائي المصري مكاوي سعيد

رغم أنه يكتب منذ فترة بعيدة، ورغم أنه بدأ حياته الأدبية بكتابة الشعر وحمل في فترة ما لقب ‏شاعر الجامعة، إلا أن الروائي مكاوي سعيد لم يعرف لدى القارئ العربي إلا بعدما وصلت ‏روايته الأشهر "تغريدة البجعة" إلى القائمة النهائية لجائزة البوكر العربية.

ورغم الشهرة الكبيرة ‏التي حازها في الوسط الأدبي والثقافي مازال هذا الكاتب يصر على أنه صوت الهامش ‏والمهمشين ويفتخر بأن أغلب صداقاته من الوسط الأمي والعوام والمشردين الذين لا يقرأون. ‏وهو يعترف في هذا الحوار بأن كل كتاباته لا تكون إلا ترجمة حقيقية للواقع المشوه بكل ‏تناقضاته، وانتصارا للطبقات المسحوقة، وكشفا للمستور والمسكوت عنه.‏

أصدر مكاوي سعيد مجموعته القصصية الأولى "الركض وراء الضوء" ثم كانت رواية "فئران ‏السفينة" التي غاب بعدها مدة طويلة ليخرج إلينا أخيرا برائعته "تغريدة البجعة" وما تركته من ‏أثر طيب في الوسط الثقافي المصري والعربي. كان في تونس في الفترة القريبة الماضية بدعوة ‏من معرض تونس الدولي للكتاب فكان لنا معه هذا الحوار الممتع والمنفلت من كل القيود ‏والمجاملات.‏

‏* بدايتك كانت شعرية ثم اتجهت إلى القصة القصيرة وأخيرا كانت مرحلة الرواية، فهل هذا ‏مسار كل كاتب أم هو خاص بمكاوي سعيد؟
‏- أعتقد أن أغلب الكتاب يبدأون بكتابة الخواطر ثم يتجهون إلى الشعر وفيهم من يبقى في هذا ‏الفن ومنهم من يتجه إلى فنون أخرى كالرواية، لذلك عادة ما تكون البداية شعرية ثم يتم الانتقال ‏إلى تجارب إبداعية أخرى.‏

‏* رغم أنك تكتب منذ فترة طويلة إلا أنك لم تعرف إلا حين وصلت روايتك "تغريدة البجعة" الى ‏القائمة النهائية لجائزة البوكر فهل يعود هذا إلى عدم انتظامك في الكتابة؟
‏- أنا كاتب مقل جدا ولا أكتب الا الأشياء التي ترضيني وأصبر على كتاباتي كثيرا ولا أهتم ‏بالنشر رغم أنني أملك دار نشر، ولا أنشر إلا الكتابات التي أكون راضيا عنها تماما وهذا لا ‏يحصل كثيرا لأن مزاجي متقلب.‏

‏* كأنك تكتب بروح الهواية رغم أنك تكتب منذ أمد بعيد؟‏
‏- أعتقد أن أفضل تعبير عن الكتابة هو أنها كتابة بروح الهواية، لأن الكتابة الاحترافية هي كتابة ‏سمجة وفيها كثير من التكلف والذهنية المبالغ فيها التي لا ترضي أحدا، ورغم أن هناك الكثير من ‏النقاد الذين كتبوا عني وتناولوا تجربتي بالدرس إلا أن سعادتي الكبرى تكون حينما يعجب أحد ‏القراء العاديين بكتاباتي ويناقشني حولها ويعطيني ملاحظاته.‏

‏* لماذا لم تواصل تجربة الشعر رغم أنك كنت شاعرا متميزا في الجامعة؟‏
‏- صحيح فقد كنت على مسافة قصيرة من إصدار ديواني الأول بتشجيع من زملائي في الجامعة ‏الذين توجوني كشاعر لجامعة القاهرة وهذا لقب كبير في تلك الفترة نظرا لوجود الكثير من ‏الشعراء المتميزين، ولكنني بيني و بين نفسي في لحظة صفاء موضوعية، قررت عدم نشر هذه ‏المحاولات واعتبرتها غير صالحة وغير مؤهلة للانضمام الى خارطة الشعر العربي. بعد ذلك ‏كانت لدي بعض المحاولات في القصة القصيرة وجدت صدى لدى بعض النقاد فواصلت التجربة ‏وأصدرت مجموعتي القصصية الأولى "الركض وراء الضوء" ثم كانت رواية "فئران السفينة" ‏التي فازت سنة 1991 بالمركز الأول في مسابقة سعاد الصباح للقصة.‏

‏* كيف عشت تجربة وصول روايتك "تغريدة البجعة" الى القائمة النهائية لجائزة البوكر؟
‏- تجربة "تغريدة البجعة" تماشت تماما مع القارئ المصري بدليل أن الطبعة الأولى قد نفدت في ‏شهر وحتى قبل أن تترشح الى جائزة البوكر وصلت إلى الطبعة الرابعة. أما بالنسبة للجائزة فقد ‏رشحت هذه الرواية من ضمن مجموعة من الأعمال الأخرى، وقد فوجئت حقيقة بالاهتمام الذي ‏نالته هذه الرواية على المستوى العربي وقد وصلت الآن إلى الطبعة العاشرة وهي بصدد التحول ‏إلى فيلم سينمائي من كتابة بلال فضل وإخراج خيري بشارة ولعل قيمة جائزة البوكر هي أنها ‏عرفت بتجربتي على المستوى العربي.‏

‏* قصصك ورواياتك وكتاباتك يحضر فيها بوضوح هذا الانتصار للمهمشين وأطفال الشوارع ‏والمشردين فهل هو اختيار مقصود؟
‏- أنا أعتبر نفسي أساسا من الهامش، وحتى في الحركة الأدبية المصرية عشت طويلا في ‏الهامش ولم أظهر في واجهة الصورة إلا أخيرا، إذن أنا أنتمي إلى هذا الهامش وعلاقاتي كلها مع ‏المهمشين ومحبي الهامش وصداقاتي أيضا، وحينما أكتب أكتب عن تجربة وعن صدق وعن ‏أشياء أعرفها لذلك أعتبر أن الكتابة الحقيقية هي الكتابة عما تعرفه.

أنا أكتب عن الذين أعرفهم ‏بصرف النظر عن القارئ، وما يهمني هو أن يتماشى هذا القارئ مع الأشياء الحقيقية التي أكتبها ‏وهذا ما لن يحدث إذا زيفت الواقع وكتبت عن الأشياء الجميلة التي تحدث مثلما يفعل عديد الكتاب ‏الذين يكتبون عن المرفهين والأثرياء وأصحاب المنتجعات وهذه الكتابات لها جمهورها الخاص ‏الذي لا أعرفه.‏

‏* هل تهمك الجوائز أستاذ مكاوي؟ وكيف تنظر إلى علاقة الإبداع بالجوائز عموما؟‏
‏- هذا سؤال مهم بالنسبة الي، لأن الجوائز عادة ما تطرح الكثير من الإشكاليات، هناك أثرياء ‏يقدمون جوائز بأسمائهم وهناك من يعترض على هذه الجوائز وبالنسبة إليّ أرى أن مثل هذه ‏الجوائز مهمة ولكن المشكل أن هناك نوعا من النقاد المتحيزين وهناك شق آخر على درجة كبيرة ‏من الأمانة.

الجائزة مهمة جدا في حياة الكاتب. وحينما تكتشف في مصر أن النشر في سلسلة ‏حكومية يتطلب الانتظار مدة خمس أو ست سنوات، فكيف سيكون حال الكاتب الذي لا يستطيع ‏اللجوء إلى دور النشر الخاصة لأنها ستطالب بمقابل النشر وهو لا يملك أموالا. من هنا تأتي ‏الجوائز كقيمة تعويضية عما صرفه الكاتب خلال رحلته في الكتابة وفي نفس الوقت تمنحه ثقة ‏في كتاباته وتجعله معروفا وتجعل دور النشر تتهافت عليه ولا تطالبه بأموال النشر.‏

أنا مع الجوائز بشرط أن تكون لجان التحكيم نزيهة وعادلة وتحترم العمل الأدبي بغض النظر عن ‏الاسم الذي كتبه سواء كان معروفا أم غير معروف.‏

‏* ولكن هذه الجوائز ألا تقيد الكاتب ويصبح كاتبا يكتب تحت الطلب؟‏
‏- لا أعتقد ذلك، لأن من يكتب من أجل الجوائز لا يتحصل عليها على الأغلب وبذلك يدخل في ‏عملية اتهام الجائزة وأعضاء لجنة التحكيم وهذه المهاترات التي نراها كل يوم على أعمدة ‏الصحف ،أعتقد أن الجائزة الحقيقية بالنسبة الى كاتب أتقن عمله، هي جائزة القراء واهتمامهم ‏بالأثر الأدبي وتتبع تفاصيله.

هذا المحك الرئيسي للكتابة التي يجب أن تعبر عن إرادة شخصية ‏لحب الإبداع واحترام القارئ المتقبل الرئيسي للعملية الإبداعية، بعد ذلك إذا تم ترشيح هذا العمل ‏إلى جائزة معينة فيا حبذا. أما أن تكون الكتابة مباشرة لجائزة معينة فهذا خطأ كبير.

وقد فوجئت ‏في المدة الأخيرة بأن الكثير من الشعراء تركوا كتابة الشعر واتجهوا إلى الرواية طمعا في ‏الجوائز. أعرف أنه من حق كل كاتب أن ينوع في إنتاجه الإبداعي ولكن أن يكتب من أجل ‏الجوائز فإنه في النهاية لن ينالها. الجوائز تأتي حين لا تعيرها اهتماما ولا تنظر إليها.‏

‏* برأيك هل هناك رواية هامشية ورواية برجوازية وأخرى سياسية أم أن الإبداع كل لا يتجزأ؟‏
‏- بالطبع الإبداع كل لا يتجزأ وأنا ضد التقسيمات الأدبية التي تطلق الأحكام والنعوت المختلفة ‏التي لا طائل منها، فماذا يعني أن تكون هذه رواية شبابية وأخرى للكهول، وهذه رواية للشمال ‏وأخرى للجنوب، وهذه رواية نسائية وأخرى رجالية، هذه التقسيمات والتوصيفات يطلقها الكتاب ‏العاجزون عن المنافسة الإبداعية الحقيقية والكلية، الكاتب الحقيقي يلتزم بكتابته وخطه الإبداعي ‏وموهبته ولا يختبئ وراء لافتات وتسميات لا طائل منها.‏

‏* هل تسربت سيرتك الذاتية إلى روية تغريدة البجعة؟‏
‏- أي كاتب لا بد أن يتسرب جزء من سيرته الذاتية إلى عمله الفكري. ومن هنا قد تكون بعض ‏الملامح من السيرة قد تسربت إلى هذه الرواية. الكاتب في النهاية يكتب سيرته الذاتية وسيرة ‏الآخرين ويمزجهما بالخيال ومدى معرفته بالواقع الذي يكتب عنه. وحين يقتنع القارئ بأن هذه ‏الرواية أو تلك تشبه سيرتي الذاتية فهذا نجاح للعمل -حسب رأيي-، الذي استطاع أن يقنع القراء، ‏لأن الكاتب لا يستطيع أن يكون كل الشخصيات المختلفة ويتلون مثلها.‏

‏* من أين تستمد شخصياتك وتختلقها؟‏
‏- الموضوع هو الذي يفرض شخصياته، وأنا حينما كتبت تغريدة البجعة كان فيها الشاعر والفنان ‏التشكيلي وفيها طفل الشارع المشرد وفيها المواطن البسيط العادي وأيضا المثقف وفيها المواطنة ‏الأمريكية التي أتت خصيصا إلى مصر لتصور فيلما عن أطفال الشوارع وفيها المواطن الألماني ‏الذي يشتغل في شركة المرسيدس وفيها أيضا المواطنة السنغافورية التي أحبت الشاب المصري ‏وتزوجته، هذه الشخصيات هي التي تدعونا الى دراسة واقعها وتتبع حركاتها داخل بيئتها وأمكنتها ‏المتعددة. إذن فالشخصية هي التي تدفعك إلى دراسة الواقع وليس العكس.‏

‏* هل تشبهك هذه الشخصيات المتمردة والمنفلتة والهامشية؟‏
‏- هناك شخصيات تشبهني تماما وهناك أيضا شخصيات لا تشبهني بل هي تناقضني وهي من ‏اختلاق الخيال والواقع النثري.‏

‏* هل يمكن أن نتحدث عن رواد جدد للرواية في مصر من أمثال علاء الأسواني ومكاوي سعيد؟‏
‏- أعتقد أن هذا نتيجة طبيعية لصيرورة الحياة، فنحن نكتب منذ فترة بعيدة وقد كنا في فترة ما ‏مهمشين ولا نجد حتى من يستمع إلينا فنقرأ قصص بعضنا البعض أو نتحدث عن أملنا في الكتابة ‏وأحلامنا بالنشر.

أنا أعتقد أننا أخذنا دورنا الطبيعي وهناك كتاب في مصر لم يأخذوا دورهم ‏الطبيعي إلى حد الآن وهم كتاب جيدون ولكن القارئ العربي سوف لن يكتشفهم إلا بعد مدة طويلة ‏وهذا نتيجة الأسماء المكرسة في الساحة وهذه مشكلة كبيرة. وربما أعتبر نفسي محظوظا لأن ‏جائزة البوكر قد عرفت بي على المستوى العربي ولفتت النظر إلى كتاباتي، لذلك أرجو أن ينال ‏هذا الجيل حظه ويتعرف عليه الجمهور العربي.‏

‏* لاحت شخصية المثقف في "تغريدة البجعة" شخصية مهمشة وتبحث عن مكانها في مجتمع ‏متخلف، فهل هذا إحالة على وضعية المثقف في مصر والعالم العربي؟
‏- هذا أكيد، لأن من يعاني و أكثر من يضحى به في المجتمعات العربية هو المثقف. فبمجرد ‏كلمة أو ملاحظة من بعض القوى الظلامية المنتشرة بكثرة في مجتمعاتنا العربية، بمجرد هذه ‏الملاحظة على جملة أو مقطع في رواية نقيم الدنيا ونقعدها ويجتمع مجلس الشعب ويقع حجب هذا ‏الأثر الإبداعي وتكفير صاحبه وهذا خطير جدا.‏

أسهل شيء في مجتمعاتنا هو التضحية بالثقافة، والمبدع غالبا لا يجد من يساعده ويقف الى جانبه ‏وحتى وزارة الثقافة عادة ما تقف الى جانب المثقفين باستحياء ولا تنهض بدورها كاملا. وهذه ‏المحاصرة التي يتعرض لها المثقفون الحقيقيون عادة ما تكون بمساندة الأنظمة العربية التي لا ‏تريد مثقف ينقدها ويكتب عن عيوب المجتمع وإنما تريد أشباه كتاب يجاملونها ويكتبون أدبا ‏ترفيهيا. لكل ذلك أغلب الشخصيات المثقفة في رواية "تغريدة البجعة" شخصيات تتعرض ‏للمشاكل والمضايقات والتهميش وهذا ترجمة حقيقية للواقع العربي المتخلف.‏

‏*هل يعود هذا النفس الشعري في الرواية إلى بداياتك الشعرية؟
‏- هذا أكيد وهو يعود أيضا إلى أن شخصية الرواية شاعر. وهذا طبعا يعود أيضا إلى الموضوع ‏المطروح في الأثر الأدبي.‏

‏* كيف يسعى الكاتب مكاوي سعيد إلى تحقيق هذه المعادلة الصعبة بين البعد الواقعي والمعاني ‏المطروحة في الطريق والبعد التخييلي الفني؟
‏- أنا منذ بداياتي كنت أراهن على الكتابة البسيطة الجميلة التي تصل إلى القارئ دون تقعر ‏واستعلاء من الكاتب على القارئ، وفي فترات معينة سادت نوعية من الكتابات الذهنية التي ‏يصرح أصحابها كل يوم أنهم قرأوا كل كتب التراث وكل كتب الفلسفة الإغريقية وهدا نوع من ‏الاستعلاء والتظاهر لا أستحسنه، أنا أحب الكتابة القريبة من الناس التي تصرح بهمومهم ‏وجراحهم وتغوص في تفاصيلهم.‏

* هل يعني هذا عدم اهتمامك بالرواية الذهنية؟
‏- الرواية الذهنية لا تعنيني كتابتها ولكنني أقرأها، وحسب رأيي أن هذه الرواية تحتاج الى نوع ‏معين من التلقي ومستوى ثقافي كبير، ولكن في مجتمعاتنا الشرقية العربية التي ترتفع فيها نسب ‏الأمية هذا النوع لا يتلاءم مع شعوبنا، خاصة أن الرواية لم تظهر إلا منذ فترة ليست بالبعيدة ‏عكس المجتمعات الغربية التي تزدهر فيها هذه الرواية الذهنية لأن تاريخ الرواية هناك تاريخ ‏عريق.‏

من هنا لا يجوز لنا أن نقلد الغرب في هذا التمشي لأن تاريخنا غير تاريخهم وخصوصية ‏مجتمعاتنا غير خصوصية مجتمعاتهم. فإذا كان لهم حق التجريب فهذا لا يحق لنا في المرحلة ‏الراهنة. انظر مثلا إلى أدباء أمريكا اللاتينية الذين عرفوا كيف يعبرون عن بيئتهم وأخذوا تراثنا ‏‏-و من ضمنه ألف ليلة وليلة -وخلقوا منه الواقعية السحرية فاهتم بهم الغرب، وكان أجدر بنا ‏نحن أن نختلق هذه الواقعية السحرية لأنها موجودة في تراثنا وتتواءم مع مجتمعاتنا.‏

‏* روايتك القادمة هل ستكون مشابهة لرواية تغريدة البجعة؟
‏- في الحقيقة الآن أعيش فترة استراحة المحارب وأتابع ردود الفعل والنقاشات والملاحظات حول ‏رواية "تغريدة البجعة" ولم أختر موضوع روايتي القادمة ولكنني أشتغل على كتاب سيصدر عن ‏دار الشرق يتحدث عن 30 شخصية قابلتها في "وسط البلد" على مدى 20 سنة وكتبت كل ‏شخصية بطريقة أدبية فيها الواقعي وفيها المتخيل.

وهذه الشخصيات كان يمكن لها أن تكون ‏شخصيات مثقفة هامة وتحتل مكانة ريادية و أغلبها من الكتاب والشعراء والموسيقيين والفنانين ‏التشكيليين ولكنها انتهت كلها إلى الضياع والجنون والموت والاختفاء. أنا أحلل هذه الشخصيات ‏بطريقتي والكتاب سيكون بعنوان "مقتنيات وسط البلد" والمقتنى في اللغة التشكيلية المصرية هو ‏أثمن شيء وأنا أعتبر هذه الشخصيات أثمن شيء ولكن للأسف اختفت هذه الشخصيات. وهذا ‏الكتاب تخييلي، هو أشبه ما يكون بكتاب المرايا لنجيب محفوظ.‏

‏* اليوم هناك العديد من الآراء التي تقول بموت الشعر وبروز الرواية، فكيف ينظر مكاوي سعيد ‏إلى المسألة؟
‏- أنا أحب الشعر كثيرا وأحب أيضا القصص القصيرة كثيرا وأراهن على أن المستقبل سيكون ‏للقصة القصيرة وليس للرواية وذلك لأن هذا النوع الفني الإبداعي يتماشى كثيرا مع العصر ولكنه ‏مازال لم يتماش مع الجمهور العريض بالشكل الكافي، ولكن المستقبل سيكون حتما للقصة وكذلك ‏للشعر الذي يبقى أثره ورسالته واضحين وربما النفور الذي يعيشه القارئ اليوم من الشعر هو ‏نتيجة دخول عديد المفاهيم الفلسفية والتعقيدات التي لا طائل منها على هذا النوع من الإبداع.‏

وأما مسألة زمن الرواية و الرأي الذي أطلقه الناقد جابر عصفور فهو رأي مقبول ولكن في حدود ‏الأدب المكتوب. لأنني أعتبر هذا العصر عصر الصورة و"الملتميديا" وليس عصر الشعر فحينما ‏تصور "كليبا" تافها لمدة 3 دقائق سيشاهده في لحظة 200 مليون مشاهد، بينما حينما تكتب ‏رواية لن توزع أكثر من 20 أو 30 ألف نسخة.‏

* علاقتك بالسينما وطيدة من خلال كتابتك لعديد السيناريوهات لأفلام تسجيلية و توثيقية، فكيف ‏تحكم على هذه التجربة؟ وكيف تنظر إلى علاقة السينما بالأدب؟
‏- أنا أحب السينما كثيرا واستفدت كثيرا في عملي الأخير "تغريدة البجعة" من التقنيات السينمائية ‏والمونتاج واللغة المشهدية البصرية التي وظفتها في وصف الأماكن، لذلك أعتقد أن السينما أكبر ‏إضافة للأدب، فهي تخلد بصريا الأثر الأدبي وتجعله مفتوحا على جمهور واسع.

والأعمال الأدبية ‏العظيمة ستخلدها السينما خاصة في هذا العصر الذي تحكمه الصورة ولا يحكمه الكتاب وأتمنى ‏أن تتحول كل أعمالي الأدبية إلى أعمال سينمائية حتى تنتشر أكثر.‏


 
 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي