خصوصية الحرف في منجز المغربي المختار بن محمد ريحانة

متابعات الأمة برس
2021-01-25

 

 

تعد تجربة الخطاط المختار بن محمد ريحانة من أهم التجارب الخطية التي تغذي الساحة الفنية المغربية، وهي تجربة تقوده إلى تجسيد سحرية الخط المغربي في التشكيل المعاصر، فهو يُتوج أصالة أعماله بكل تجلياتها في لوحات فنية ذات جماليات تتوغل في قلب التراث الحضاري المغربي، حيث تتبدى هذه الأعمال غنية بالأشكال الخطية، وبفنية الخط المغربي بمختلف أنواعه. وبذلك فهو يبصم المجال الفني بنبض الخط المغربي وجمالياته الأصيلة، التي تبعث الوهج الفني؛ إذ يوظف مفرداته الفنية في أعماله وفق منهج هندسي قويم، يمزج من خلاله مختلف الأشكال الهندسية بأشكال من حروف الخط المغربي وفق تركيب جمالي مبهج، وبأساليب فنية معاصرة، وبمقومات تقنية ترتكز على الألوان المنسجمة مع سياق الخط المغربي، وهي تفصح عن تجربة عالمة في التدبير الخطي، والتوظيف الشكلي، وتحقق توليفا بين وحدة الشكل والبناء والتصور والأسلوب.

المنحى الجمالي

إنها خاصيات راسخة في أعمال المبدع في مجال الخط المغربي، يدججها بعلامات شكلية، ويردفها بأشكال مغلفة وحروف قائمة ومنحنية ومطاوعة للشكل العام، تتراوح بين السميك والخفيف في ثنائية فنية، تبدأ من عملية البناء الفضائي وتنتهي إلى مسلك إبداعي ناضج، يتمتع بمقومات الأسلوب الخطي المغربي الرائق، وهو ما يكشف عنه المنحى الجمالي في أعماله، التي يحكمها تارة نوع من التخطيط الهندسي، والتصور المسبق، ويؤطرها نوع من الالتزام بالضوابط تارة أخرى.

تبعا للمضامين التي يشتغل عليها، وتبعا لتنوع المادة الفنية التي يجسد من خلالها سحرية الخط المغربي سواء المبسوط أو الثلث المغربي في شكلهما الرائق ومفرداتهما المدمجة بتلقائية وتنظيم دقيق في الفضاء. وهو ما يؤشر إلى أن قلم المبدع غالبا ما يكون رهين التوظيف الجمالي للخط في تنوعه، ورهين اختيار اللون مع انتقاء نوع الخامة، وتوزيع المساحة بضوابط تراعي الجانب الجمالي. وهو في ذلك ينتهل من التسطير والخطوط والشكل، وكل عمليات التنظيم الخطي مقوماته الأساسية لدعم القاعدة الجمالية للخط المغربي. ويتبدى أن هذا المنحى يأتي في سياق تجريد خطي معاصر، وفي نطاق استعمالات حرفية جمالية مستمدة من التراث الحضاري المغربي، وأيضا في إطار تجربة محنكة، وخبرة عالمة مرصعة بنشوة التراث الثقافي، ومفعمة بالمعرفة الخطية ذات التداعيات الفنية الضاربة في عمق الجمال.

إن حِرفية الخطاط المختار بن محمد ريحانة تمنح القارئ تحويلا خطيا يتمثل الجمال الفني للخط المغربي بأنواعه المختلفة، فهو يجمع المفردات الفنية بكل أصنافها، ويوزعها في الفضاء، وفق ما يقتضيه الشكل الفني وتفرضه المقومات الجمالية. وبذلك، يُقدم منجزا خطيا مغربيا يعتمد انتقاء المفردات الفنية المناسبة لتشكيل لغة خطية جمالية بديعة.

لوحات مبهجة

فيتراءى الدال الخطي في لوحات مبهجة، وهو بعض من التمظهر الجمالي للرؤية البصرية، التي تستجلي غالبا دلالات إضافية، ما ينم عن عمليات التكوين المستندة إلى مقومات جمالية وتراثية وخطية وفنية وتشكيلية ومعرفية، بتركيب دقيق يروم المجال الحسي البصري، ويستجلي المستبطنات التعبيرية، بإبراز قوي للملامح الجمالية للحرف المغربي في مساحات متنوعة الشكل والمضامين، التي يهدف إليها المبدع. وهو ما يجعله يدحض الفراغات التي تتزاحم فيها الخطوط البائنة والأشكال المتنوعة، ما يحدث تفاعلات بين مختلف التركيبات الخطية والعناصر الجمالية والمفردات الفنية، في نطاق إبداع مفتوح على دلالات متنوعة وعلى أبعاد قيمية وروحية.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي