أوريان 21: على شاشة التلفزيون الهندي.. الكراهية ضد المسلمين تزكم الأنوف

2021-01-18

مسلمات يبكين أقارب لهن قتلوا في هجمات استهدفت المسلمين في ولاية آسام الهنديةفي العديد من القنوات الهندية، تضاف كلمة "الجهاد" إلى كل الخلطات، فهناك "جهاد الحب" و"جهاد كورونا"، لتقديم رسالة واحدة وثابتة، إنها خطة المسلمين السرية للسيطرة على الأغلبية الهندوسية في البلاد، واستبدالها وربما اغتيالها، في تساهل مع نظريات المؤامرة؛ بل وتشجيعها من قبل حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي القومية.

بهذا الملخص، قدم موقع "أوريان 21" (Orient XXI) الفرنسي لمقال الصحفي إدغارد لوفيفر، الذي افتتحه بمثال لبرنامج "لنتحدث بحرية" (Bindas Bol) على قناة "سودارشان نيوز" (Sudarshan News) الهندية، الذي يزعم أنه يكشف كيف تسلل المسلمون إلى الحكومة الهندية من خلال "لجنة الخدمة العامة الاتحادية" (UPSC)، مسميا إياها (UPSC الجهاد)، ومتهما إياها بتفضيل المسلمين في الوظائف.

تدليس مكشوف

ويقول الكاتب رغم أن العديد من الأصوات ارتفعت بمجرد بث العرض الدعائي، وأن شكوى قدمت للمحكمة العليا، فإن البرنامج لم يوقف إلا بعد 4 حلقات رغم انتهاكه لميثاق البرنامج، بعد أن وجد "التحقيق" أن كل شيء فيه خاطئ.

وينقل الكاتب عن غيتا سيشو، عضوة "تجمع حرية التعبير"، قولها "هذه ليست صحافة على الإطلاق، إنها دعاية. يزعمون أن (جامعة ملية) قد أنشأت خلية مخصصة للمسلمين، مع أن الأمر ليس كذلك، وأنه لا يوجد سوى 3% من المسلمين في الإدارة الهندية، مما يعني أننا بعيدون عن الغزو".

وإلى جانب "تجمع حرية التعبير"، كشفت العديد من وسائل الإعلام عن الأكاذيب، دون أن يكون ذلك سببا لحظر البرنامج؛ بل توقيفه فقط، في انتظار أن تشرح قناة سودارشان نيوز موقفها للمحكمة العليا.

وتقول غيتا سيشو "لسنا متأكدين من توقف البث، مع أنه كان يجب حظر العرض قبل أن يبدأ"، خاصة أن مدير القناة سوريش تشافانك أدين عدة مرات بالتحريض على الكراهية، كما أن قناته عرفت بالتضليل والتلاعب عندما مزجت عام 2019 مقطع فيديو لمسيرة إسلامية سلمية بشعارات تدعو لقتل الهندوس.

الشجرة التي تخفي الغابة

وأوضح الكاتب أن قضية "UPSC جهاد" ليست سوى الشجرة التي تخفي الغابة، إذ تقول الناشطة تيستا سيتالفاد، وهي صحفية وعضوة في حركة "المواطن من أجل العدالة والسلام"، التي تراقب خطاب الكراهية في وسائل الإعلام وعلى الشبكات الاجتماعية، إن "الحقيقة هي أن الكثير من القنوات التلفزيونية الهندية دخلت في تصعيد معاد للإسلام مع وصول ناريندرا مودي إلى السلطة".

وأشارت سيتالفاد إلى أن الحزب الحاكم "حزب "بي جي بي" (BJP) ملتزم أيديولوجيا بالهندوتفا، التي تدعو إلى سيادة الهندوسية في الهند، وبهذه الطريقة شرعن للعامة وبشكل تدريجي، شن مختلف أنواع الهجمات الخطيرة ضد الأقليات وخاصة المسلمين".

وذكر الكاتب بأن احتجاجات كانت قد اندلعت في الهند قبل وقت قصير من انتشار وباء كوفيد-19، لمناهضة عدد من القوانين المعادية للمسلمين، التي قد تحرم بعضهم من جنسيتهم، خاصة مع تعديل قانون الجنسية لعام 1955 لتشريع مشروع قانون تعديل المواطنة، الذي يشجع تجنيس اللاجئين غير المسلمين، إضافة إلى إلغاء الحكم الذاتي لكشمير ذات الأغلبية المسلمة في أغسطس/آب 2019.

وبالفعل -يقول الكاتب- دعا عضو في حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم إلى "إطلاق النار على الخونة" بعد أن تصاعدت الاشتباكات بين المؤيدين والمنتقدين للقوانين، وتحولت إلى أعمال شغب، أضرمت خلالها النيران في الأحياء وقتل 53 هنديا معظمهم من المسلمين، وذهب العديد من الطلاب والأساتذة والمثقفين وراء القضبان، وبدأت حملة تخوين حقيقية ما زالت مستمرة حتى اليوم، في حين اعتبرت الحكومة أن ضحايا هذه المذبحة هم المسؤولون عن المؤامرة.

وقد أظهر تقرير بعنوان "أجور الكراهية: الصحافة في الزمن المظلم" صدر في سبتمبر/أيلول 2020 كيف قام جزء من وسائل الإعلام الهندية بمتابعة الدعاية القومية الهندوسية، التي تقوم بها الحكومة المركزية دون أدنى تصفية، وكيف بدت الرغبة في توصيف المتظاهرين على أنهم منشقون في إطار "مؤامرة" تهدف إلى" تشويه سمعة الأمة"، خاصة في وسائل الإعلام في ولاية كارناتاكا.

جهاد كورونا وجهاد الحب
ومن المسائل المثيرة، اتهامات وجهت للمسلمين أثناء وباء كورونا بأنهم "ملوثون فائقون"، وذلك بعد تجمع ضخم لجماعة التبليغ في مسجد مركز نظام الدين في دلهي بداية شهر مارس/آذار 2020، في وقت تم فيه حظر التجمعات، وقد ألقيت مسؤولية انتشار الفيروس في الهند على ذلك التجمع، حتى من قبل وزير الصحة؛ بل إن تهمة نشر العدوى عن قصد قد وجهت لهم عبر وسائل التواصل.

وقد انتشر مصطلح "جهاد كورونا" على العديد من القنوات، مثل تلفزيون الجمهورية، الذي اشتهر نجمه أرناب غوسوامي بهجائه المحموم، صارخا أثناء الإغلاق، لماذا تتجمع الحشود بالقرب من المساجد فقط؟

بل إن قنوات يُفترض أنها محترمة مثل "إنديا توداي"، قامت بنشر هذه الاتهامات التآمرية ضد المسلمين أثناء الوباء، كما تقول سيتالفاد.

وقد روج غوسوامي مصطلحا آخر هو "جهاد الحب" الذي يروج بأن المسلمين يستهدفون النساء الهندوسيات لتغيير ديانتهن، وقد أوقفت الرقابة مسلسلا يصور امرأة هندوسية أنقذها مسلم وتم حظره.

وأشارت غيتا سيشو إلى أنه "كلما زاد ولاء القناة للحكومة، زادت الامتيازات التي تحصل عليها"، ولذلك فإن تشابك السلطة السياسية وأصحاب النفوذ المالي هو الذي يقف وراء التقارب بين النظريات الأصولية الهندوسية والتلفزيون الهندي.

ونبه الكاتب إلى أن عدم وجود إطار قانوني في الهند يسهل هذه الانتهاكات، مع أن هناك أقساما من قانون العقوبات تسمح باتخاذ إجراءات ضد التشهير أو الكذب؛ إلا أنه نادرا ما تستخدم، تقول سيتالفاد "نحاول الشروع في إجراءات ضد وسائل الإعلام التي تحض على الكراهية؛ لكن قليلا منها ينجح؛ بسبب التداخل السياسي".

سباق نحو الجمهور
المحتوى العدواني -سواء كان يستهدف المسلمين أو غيرهم- يساعد دائما في جذب جماهير كبيرة حول موضوعات غير أساسية -كما يقول الكاتب- ولذلك كرست محطات التلفزيون الهندية في خضم الوباء شهرين من التغطية لانتحار أحد نجوم بوليود، واتهمت صديقته بكل الشرور قبل أن تتم تبرئتها، وذلك في وقت كان تعامل الحكومة فيه مع كوفيد-19 ومسائل أخرى أكثر أهمية لو غطته وسائل الإعلام، حسب غيتا سيشو.

ويختتم الكاتب في هذه الرحلة إلى هاوية عدم التسامح يصبح الصحفيون عملاء للدولة ومدمرين للمجتمع، كما حدث في ألمانيا النازية ورواندا، مع أن بعض الصحف المطبوعة والرقمية، بالإضافة إلى بعض قنوات الفيديو على شبكة الإنترنت، ظلت توازن المشهد الإعلامي الهندي، حيث تتساءل "ذا كوينت" هل الأفضل محاربة كوفيد-19 أم جهاد الحب المتخيل؟

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي