التونسيون منقسمون حول طبيعة الاحتجاجات "عفوية" أم "مدبرة"

2021-01-17

الشرطة التونسية تعتقل العشرات من المحتجين بعد مواجهات ليلية.تونس - تجددت الاحتجاجات ليل الأحد في عدة أحياء من تونس العاصمة، ومناطق أخرى داخل البلاد، وسط مخاوف من اتساع رقعتها، خصوصا مع الطابع العنيف الذي طغى عليها.

وتأتي هذه المواجهات في أجواء من عدم الاستقرار السياسي ومشاكل اقتصادية واجتماعية متفاقمة طيلة عشر سنوات منذ سقوط نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي تحت ضغط الشارع.

وتلقى الاحتجاجات الليلية الجارية منذ ثلاثة أيام بمناطق مختلفة من البلاد، انقساما بين التونسيين، حيث يعتبرها البعض غير "عفوية" وتحمل أبعادا سياسية، خاصة وأنها تزامنت مع موعد التعديل الوزاري.

وأعلن رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي، السبت، إجراء تعديل وزاري شمل 11 حقيبة من أصل 25، من بينها الداخلية والعدل استجابة لضغوط حزامه السياسي المتكون من حركة النهضة وحزب قلب تونس.

احتجاجات منددة بالظروف الاجتماعية
في المقابل اعتبرها البعض الآخر أن انهيار الأوضاع الاقتصادية في البلاد جراء توقف آلة الإنتاج وارتفاع نسب البطالة إلى 18 بالمئة بحسب آخر الإحصائيات الرسمية، خلق حالة من الاحتقان الاجتماعي في مختلف المحافظات.

وعلى شبكات التواصل الاجتماعي عزا تونسيون أعمال العنف هذه إلى فشل الطبقة السياسية في تحسين الأوضاع ودعا آخرون إلى البحث عن "الجهات وراء أعمال الشغب هذه" الساعية إلى "إحداث فوضى"، فيما ذكرت وزارة الداخلية أن هذه التحركات لم ترفع أي شعار أو مطالب.

واتهم مختار بن نصر العميد المتقاعد من الجيش الوطني والرئيس السابق للجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب، اللصوص وقطاع الطرق، معتبرا أن هناك "جهات لم تجد نفسها في السلطة وناقمة على ضياع مكانتها السياسية ومكاسبها المرتقبة" هي من تحرضهم، وفق قوله.

وأكد بن نصر، في تدوينة نشرها على صفحته الرسمية فيسبوك، الأحد، أن الاحتجاجات والمطالبات المشروعة تقع في وضح النهار وبوجوه مكشوفة، معتبرا أن ما "ما نراه من أعمال نهب وسرقات وتخريب في الليل وفي حالة منع الجولان يسمى تمرد على السلطة الضعيفة والمتجددة"، حسب تعبيره.

وشدد بن نصر على أن هناك من "يهلل لثورة الجياع"، قائلا "لن يخسر الا الجياع.. ولن تزيدنا الفوضى إلا ترد وتوحش.. والخلاص في تطبيق القانون ثم تطبيق القانون".

 

وشن المحلل السياسي رياض جراد هجوما على أطراف لم يسمها تجرم التحركات الاحتجاجية وتشوهها مؤكدا أن الشباب المحتج هو ضحية سياسات فاشلة.

واعتبر النقابي هاشمي الكنايسي في تدوينة على حسابه بموقع فيسبوك أن التحركات الليلية تعبر عن جميع الأطراف سواء تلك التي تشعر بالحيف أو اللصوص الذين يسايرون الموجة طمعا في غنيمة، في بلد يسوده التوتر الاجتماعي.

وشبه المحامي المعارض عماد بن حليمة الاحتجاجات بما حدث في 2011، محذرا من مهاجمة الأمن وإضعاف قدراته مشددا على أن الحلول الإصلاحية تبدأ بالضغط الشعبي على البرلمان وتنحية رئيسه راشد الغنوشي أولا.

والطبقة السياسية منقسمة أكثر من أي وقت مضى منذ الانتخابات التشريعية في 2019، رغم تفاقم الأوضاع الاجتماعية جراء انتشار وباء كوفيد-19 (177231 إصابة منها 5616 وفاة) وغلاء الأسعار وارتفاع نسبة البطالة والتراجع المستمر للخدمات العامة.

وأعلنت وزارة الداخلية التونسية، الأحد، توقيف عشرات الشبان بعد مواجهات ليلا في تونس ومدن أخرى رغم الإغلاق التام لمواجهة تفشي فايروس كورونا المستجد.

ورغم حظر التجول خرج عشرات الشبان إلى الشوارع في الليلتين الماضيتين وعمدوا إلى تكسير واجهات متاجر وسيارات والنهب وإلقاء الحجارة على عناصر الشرطة كما ذكر المتحدث باسم وزارة الداخلية خالد الحيوني.

وأضاف الحيوني أن عشرات الشبان معظمهم من القاصرين تراوح أعمارهم بين 14 و17 عاما اعتقلوا داعيا الأهل إلى مراقبة أولادهم.

وأظهرت أشرطة فيديو نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي شبانا في عدة مدن يحرقون الإطارات ويشتمون الشرطة ويخلعون أبواب متاجر ويسرقون الأدوات المنزلية.

ووقعت أعمال العنف في أحياء شعبية خصوصا في تونس وبنزرت ومنزل بورقيبة (شمال) وسوسة (شرق) ونابل (شمال غرب) وسليانة (وسط) بحسب المتحدث وأشرطة فيديو نشرها سكان على الانترنت.

ويشار إلى أن تونس فرضت حظرًا للتجول من الرابعة بعد الظهر إلى السادسة صباحا لكسر الانتشار السريع للوباء.

وسجلت تونس، الجمعة الماضية، ارتفاعا قياسيا بإصابات فايروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، حيث أعلنت تسجيل 4170 إصابة جديدة و50 حالة وفاة، في أعلى حصيلة يومية منذ بدء انتشار الفايروس العام الماضي.

وأشارت وزارة الصحة التونسية، في بيان، السبت، إلى أن إجمالي حالات الإصابة بالفايروس في البلاد بلغت 177.231 إصابةً، فيما بلغ إجمالي الوفيات 5616 حالةً.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي