اكتشاف جديد.. المد والجزر سبب في انبعاثات الميثان بالقطب الشمالي

الامة برس-متابعات:
2020-12-20

 

 محاكاة شكل انبعاثات الميثان القريبة من قاع المحيط (يوريك ألرت)

محمد شعبان:ينضح المحيط المتجمد الشمالي بكميات هائلة من غاز الميثان، وهو أحد الغازات التي تساهم في ظاهرة الاحتباس الحراري، إذ تتسرب كميات كبيرة من الميثان في تلك المنطقة منذ آلاف السنين، كما أن هذه النسبة معرضة للزيادة كلما ارتفعت حرارة الأرض بفعل الاحترار العالمي.

وهو بالفعل ما تم رصده خلال العقود الماضية، حيث سجلت ازديادا في كمية غاز الميثان الموجود في الغلاف الجوي.

يرجع العلماء السبب في زيادة غاز الميثان في الغلاف الجوي إلى زيادة النشاط البشري، بالإضافة إلى مصادر أخرى لا يمكن حصرها تتسبب في هذه الزيادة، منها ما ينتجه المحيط المتجمد الشمالي.

إلا أن الكيفية التي ينفث بها القطب الشمالي ذلك الغاز دافعا إياه ضمن الغازات المتسببة في الاحترار العالمي كانت لغزا محيرا للعلماء.

دور القمر

في دراسة حديثة نشرت نتائجها في دورية "نيتشر كوميونيكيشنز" (Nature Communications)، استنتج العلماء أن للقمر دورا في هذه العملية، حيث يتسبب في حدوث حركة المد والجزر التي تعتبر إحدى القوى الهائلة الموجودة في الطبيعة التي تؤثر على شكل الشريط الساحلي.

إلا أن للمد والجزر دورا آخر في انبعاثات غاز الميثان الكثيفة في المحيط المتجمد الشمالي.

القمر يلعب دورا في زيادة انبعاثات الميثان في المحيط المتجمد الشمالي (بيكساباي)

وطبقا للبيان الصحفي الصادر عن مركز هيدرات وبيئة ومناخ غاز القطب الشمالي (CAGE ) (Centre for Arctic Gas Hydrate, Environment and Climate) في 11 ديسمبر/كانون الأول الجاري، تقول أندريا بلازا-فافيرولا، المشاركة في الدراسة، إنهم لاحظوا وجود "تجمعات لكميات من غاز الميثان في الرواسب الموجودة على بعد متر واحد فقط من قاع المحيط والتي تتأثر بتغيرات الضغط الطفيفة في أعمدة الماء (مصطلح يطلق للتعبير عن طبقات الماء الممتدة من السطح حتى القاع)".

أثر الفراشة

تضيف فافيرولا "تتسبب تيارات الجزر في انخفاض ضغط أعمدة المياه ومن ثم زيادة انبعاثات الميثان. وعلى النقيض، فإن تيارات المد المرتفعة تعني ارتفاع ضغط أعمدة المياه، وبالتالي انحسار انبعاثات غاز الميثان تلك".

وتعقيبا على النتائج، صرح يوخن كنيس الباحث المشارك في الدراسة بأن "التغيرات الطفيفة في الضغط هي التي تتسبب في إطلاق تلك الكميات الكبيرة من الميثان. وبالطبع تعتبر هذه هي المرة الأولى التي نرصد فيها هذه الظاهرة".

تثبيت مقاييس الضغط العالي ساعدت في تحديد انبعاثات الميثان (يوريك ألرت)

أساليب جديدة

تشير فافيرولا إلى أن عملية الرصد قد أجريت من خلال تثبيت مقاييس الضغط العالي في الرواسب الموجودة بالقرب من القاع وتركها لمدة 4 أيام.

وترصد هذه المقاييس التغيرات في الضغط ودرجة الحرارة، إذ أشارت القياسات المستمرة على مدار الساعة إلى وجود تباين في مستويات غاز الميثان والتي ارتبطت في الأساس بتغير حالات المد والجزر.

وعن آلية القياس الجديدة تمضي فافيرولا قائلة إن "انبعاثات الغاز المرصودة كانت منتشرة على امتداد قاع المحيط بشكل أكبر مما يمكننا رصده باستخدام أجهزة المسح التقليدية. وإذا لم نر أي فقاعات أو أعمدة للغاز في الماء، فمن الصعب حقا أن نرصد نفثات الغاز المستمرة لساعات ما لم يكن لدينا أداة للرصد المتتالي، مثل أجهزة قياس الضغط العالي".

تُظهر النتائج أن انبعاثات الغازات الحالية في القطب الشمالي لم تقدر حق قدرها. وهو ما يؤكد عليه كنيس قائلا "علينا ألا نتجاهل تبعات هذا الأمر التي قد تبدو كبيرة، إذ تؤدي التغيرات الطفيفة في الضغط إلى زيادة انبعاث غاز الميثان.

ويضيف "بينما قد يبقى الغاز حبيسا في أعماق المحيط في حالة المواقع العميقة، لن يكون الأمر كذلك في حالة المواقع الضحلة التي تتسبب بالطبع في وصول الميثان إلى الغلاف الجوي، مما قد يمثل مشكلة على المدى الطويل".

انبعاثات الميثان تكون أكبر في المواقع الضحلة مقارنة بالمواقع العميقة (بيكساباي)

وقد يعدل ارتفاع منسوب مياه البحر من هذا التأثير، إذ يتسبب في تقليل انبعاثات الغاز أيضا. وهنا يبقى التساؤل: هل يؤدي ارتفاع منسوب مياه البحر إثر الاحترار العالمي إلى موازنة أثر درجة الحرارة على انبعاثات الميثان ولو بشكل جزئي؟

تجيب فافيرولا بأن "أنظمة الأرض متداخلة بشكل لافت. وقد حاولت دراستنا فك إحدى هذه التشابكات، إذ يتسبب القمر في تباين مستويات المد والجزر محدثا تغيرات طفيفة في الضغط الناجم عن طبقات المياه. وبالتالي فإن طبقة المياه القريبة من القاع ستؤثر على انبعاثات الميثان".







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي