مسرحية " زجاج في طريق الحفاة "

2020-12-19

قاسم ماضي *

 

المسرح فارغ تماماً ، الا من " سايك أبيض " على طول المسرح ، وتكون في الخلف ،أمراتان ترتديان ملابس سوادء ، وهما مختفيتان خلف " السايك " ضربات موسيقية فيها من الترقب الكثير
" ترافقها اصوات مع ضربات الموسيقى "
واحدة " تجلس في اليسار وهي مقرفصة ،
وفي اليمين " الثانية " تجلس وهي مقرفصة ،
" تظهران و من خلال بقعة ضوء مسلطة عليهما ، في نفس الوقت "
" نسمع موسيقى حزينة ، وفيها نوع من الطبول ، وكأنها تشييع جنائزي ، وهما تتمايلا بطريقة راقصة ، وفيها نوع من الغضب "
المرأة : 1"
" كأنما تصارع نفسها ، وبطريقة فيها تعبير صارخ من خلال الجسد الذي يتلوى أمام بقعة الضوء
تنسحب الاضاءة من المرأة الأولى " دم "
وتظهر المرأة :2
" وهي تصارع نفسها " دم " وتقوم بنفس الحركات التي قامت بها المرأة 1
تظهر المرأة 1:
" من خلال بقعة الضوء وهي تردد بخوف وتوسل "
المرأة 1: كان يدور في المراعي
والحقول
منادياً بالمحبة
والسلام
وأسمه علي
أسمٌ على مسمى " ولكنه غير علي الذي نعرفه أيها السادة .
" بصوت بكائي فيه افتخار وقوة " ظلام "
المرأة 2: وهي تتموج وبصوت حزين وبكائي "
" أحياناً أتمنى " بتأمل "
لو انني ولدتُ واحداً من الذين يسيئون لنعمة الحياة
حتى لا يتألم أحد من أجلي ، أجل من أجلي
وها ولدي أسمه " عمر " وهو أسم على مسمى . ولكنه غير عمر الذي نعرفه ايها السادة " ظلام "
" المرأة الأولى ، والمرأة الثانية في وسط المسرح " عبر أستخدام قطع الديكور التي يحتاجها المخرج
وممكن أن يكون صراع بجسديهما ، بحركات تعبيرية ، وهما تدوران حول بعضهما ، في حركة تعبر عن حالة الحب بين الأثنتين ، و هما تفتخران بولديهما " مع ضربات موسيقية " وربما حركات راقصة تظهر التماسك بينهما ، أو ممكن أن تحملا صور أبناءهما على ظهريهما عن طريق طبع الصورة على الملابس ،
" الأثنتان " بصوت واحد "
" ولدي ، وولدك نذرٌأ نفسيهما من أجل الوطن
و أن يظلا بعيدان عن كل مايسيئ إلى نقاء هذا العالم وقداسته "
" وهما تدوران حول بعضهما ويكرران هذا الحوار " وفي هذا الحوار نوع من الأفتخار "
المرأة 1: كسرة خبز ، مجد ، محبة ، ينبغي تقاسمهما هكذا تعودنا
المرأة 2 : كان معي دائماً ، يسهر على سلامتنا " تتقدم إلى الجمهور "
المرأة 1: يحبني ، بل ويرعاني ، وليس هذا فقط بل ينزع الأشواك بيديه المباركتين عن طرقاتي التي أسلك " بحرقة وألم "
المرأة 2: لقد منحني كنوزاً لا تقدر بثمن ، قبل رحيله ، بل مقتله
المرأة 1 : فأنا أحبه حدٌ أن أذوب في محبته ، وهو الآن لا أدري أين يرقد ؟
المرأة 1: اه ، اه ، " وهي تولول وكأنها مجنونة وبصوت متعب تقول "
اما زال فوق هذه الأرض شبر دونما جراح
أنها مهزلة ، مهزلة " وهي تبكي "
المر أة 2: أنا " بتردد وتوسل "
أنا وانت ندفع فاتورة أحلامنا ،
كوننا ولدنا أحراراً
وعشنا أحراراً
" يدوران حول بعضهما مما تشكلان جسدأ واحداً "
المرأة 1: أنهم أجل أنهم لديهم أطماع في الثروة " بخوف وتردد " " ممكن ومن خلال " السايك " طائرات غربية "
المرأة 2 : أنهم يريدون الغاءنا، صدقيني أنهم " يدوران "
المرأة 1 : اش ، اش ، أش أنهم في كل مكان ،مثل الحشرات الزاحفة " تنسحب " وهي خائفة
المرأة 2 : لا تعممي مخاوفك ايتها المرأة
المرأة 1 : التجربة التي عشت ، والمسامع التي أمتلأت بأرذل الأقاويل
المرأة 2: أو لهذا خط الأسى قرطاس سريرتك !
المرأة 1: الصمود رغم كل فواجع الزمن ! الصمود
المرأة 2 : ها نحن ركبنا كل شيء ، الجثث ، والارواح ، المعتقة بالموت والتفوق
المرأة 1: أبحرنا في دماء الجرحى ، منذ بداية النفاق والخديعة
المرأة 2 : وها نحن مشينا فوق كساح المشلولين من أجل عبور مؤقت للبقاء وعدم الفناء
المرأة 1: هذه الأيام خديعة وخيانة
المرأة 2 : أخلوا الساحة ، وأحملوا الأحلام والمفاتيح ، أستعداداً لوقف نزيف الدم والموت
المرأة 1: هؤلاء مثل الهررة
المرأة 2 : الهررة " بسخرية " أمثولة مكر ودسائس ورغبات !
المرأة 1 : هؤلاء أكاذيب وأوهام !
المرأة 2 : هؤلاء الهررة ألم تغيرهم أيام المحن وصعوبة المخاوف !
المرأة 1 : هؤلاء لكل منهم درب وطريق !
المرأة 2 : ما أقبح هزائم هؤلاء !
المرأة 1 : ليتني أراهم ؟
المرأة 2 : ها أنت تحدثين نفسك !
المرأة 1 : ما أكثر أحلام الأمهات !
المرأة 2 : أحلام موحشة تسودها الكراهية والخوف !
المرأة 1 : عذاب الأزمنة !
المرأة 2 : وخراب الأفئدة !
المرأة 1 : وها نحن واقفون على مقاعد الضجر الذي لا ينتهي
المرأة 2 : من أين تأتي هذيانات الريح !
المرأة1: طرقات وأرصفة وأقدام ، دم ، دم يسيل في هذه الأرض " ممكن أن تكون هناك أغنية عن الوطن متماشية مع الحوار أو قصيدة .
المرأة 2: دم ، اقتحام المكان من قبل ذئب يلاعب مؤخرته " وهي تفرك بيديها "
المرأة 1 : تمور قبورنا بالصراخ والتوسل
المرأة 2 : وتعج آذاننا بغبار النداءات المسرعة باتجاه ما ندري من المجهولات
المرأة1: لا ندري متى ، وكيف ، ولماذا تجيء هذه الرياح !
المرأة 2: ثمة تواريخ تُعلن موتَها !
المرأة 1: وأخرى تؤسس لموت آتٍ !
المرأة 2: أن ثمة حروب تُشن بعقل المليارات
المرأة 1: انظروا إلى الطرقات كيف تموت !
المرأة2: أنظروا إلى الإثارة كيف تموت !
المرأة 1: انظروا إلى بحار الأعماق كيف تموت !
المرأة 2: انظروا سماواتنا كيف تموت !
المرأة 1: ثمة ظلام يلفُ الليل !
المرأة2: أن الإنسان هنا ، قد مل ما تبقى من فرح الأوهام
المرأة1: امرأة في آخر سنواتها تتوسل حجر القبور
المرأة 2: بومضة ضوءٍ لتراه الولدَ الفار بأتجاه شراسة الموت
المرأة 1: فادية نفسها لغيابه الساطع الوضوح
المرأة 2: وهي تهمس لجدار وحشتها
" الأثنان معا ً " وبصوت فيه حزين كبير مع موسيقى فيها جنائزية "
ان الأمهات وملح رغبات الأولاد " بحزن "
المرأة 1: مررنا بين ضربات قلوب الأمهات ، مرور الرصاص الذي زرع في مهجتي
المرأة 2: ومن بين ذهول اليتامى ، الذين سقوا التراب بحثاً عن لحظة حياة ، تتعلق بعينٍ ترصد المفتاح بالشواهد
" الأثنان معاً "
خديعة وخيانة يا أختاه "
" تظهر انفجارات على السايك الأبيض ، والجثث منتشرة " ولهيب النيران المشتعل
" الاثنان معاً "
الاشباح ومصاصي الدماء
المرأة 1: الوطن المسروق
المراة 2: كنا نضجُ بالوجود ! ياأختاه
المرأة1: وكان الوجود يضجُ بنا
المرأة 2: ضقنا بالحياة حتى ضاقت الحياة بذاتها
المرأة1 : يا أختاه ! بأن الأسود لا تأكل الجيف ! صدقيني
المرأة 2: وأن الحيوانات لا تأكل أولادها " وهي ساخرة مما تقول "
المرأة 1: تظلُ مؤمنة ً بحقها في البقاء والتشبت !
المرأة 2: خرافة تغفو في خرافة
المرأة 1: فالنمل يظل يقاتل ،
قتال البقاء والصمود ،
والتشبت والأيمان ، بأفراد تمده بأفراد ، ويظل متمسكاً
المرأة 1: أنا جائعة ! هل لديك شيء تعطيني أياه كي أكله ُ
المرأة 2: إلى أين ترانا ذاهبين ! في زمن الجوع والموت والقتل !
المرأة 1: ها نحن نبحث عن منافذ للخلاص !
المرأة 2: ربما إلى الموت !
المرأة 1: لا !!
المرأة2: ولم لا !!! وهي اطلق آهة فيها الكثير من الوجع
المرأة 1: لا فرق ما دمنا بين قبضات الوهم ؟
المرأة 2 : هل نقول أن الأوطان محض هراء !
المرأة 1: بل أنها كتل نار تحرق عاشقيها !
المرأة 2: وتغدو خطوات المواطنة أكذوبة !!
المرأة 1: توصمه الأفواه بنعت سافل دنيء !
الاثنان معاً وبطريقة فيها مغامرة الصعود إلى الأعالي "
يبدو إنها خطواتنا الأخيرة ، يا أختاه
" موسيقى مع إضاءة خافتة وكأن المسرح يتحول إلى أناس يرتدون البياض وهم يرتلون تراتيل كنائسية حزينة " وهذه الأجساد تتجول على خشبة المسرح مع اضاءة خافتة " ممكن هنا علامات من خلال حملها تمثل جميع الديانات "
الأثنان " الفجر لعبة لا يود الانتهاء
المرأة 1: غبار أعمارنا مثل غربان بقع
المرأة 2: وجوه مسودة
المرأة1 : أحساس بالضياع والكآبة والتشرد
المرأة 2 : تفوه الحلوق برذاذ يشبه عواء ذئاب جائعة عواء
المرأة 1 : محاولين أن نلزم ما يمكن من طشاش الأيام
المرأة 2: انهيارات وخصومات
المرأة 1 : تسهم في تقسيم الناس
المرأة 2: وتدمي بواطن الأرواح
المرأة 1: وها نحن نغرق في برك الدم
المرأة 2: الرياء والنفاق " وهي تدور على خشبة المسرح "
المرأة 1 : الابتذال والمواربة والكراهيات المبطنة
المرأة 2: وجوه مغبرة ترسم بوابات الحسد والتسقيط
المرأة 1: تتحول الآمال بكامل كبريا ئها إلى مجرد انتظارات محمومة
المرأة 2: تلوك ألسنتها القذرة حد الأنفجار
المرأة1 : ثمة قلوب يبستها الانتظارات
المرأة 2 : مؤامرات غريبة تريد من خلالها إثبات ذواتها المنكسرة
المرأة 1 : كتل صم تميل إلى السواد " بحزن وخوف "
المرأة 2: هذا الوطن يحكمه الحمقى
المرأة 1: هاطلين شرورهم على النوارس
المرأة 2 : يٌغيُظهم أن تكون السماءُ زرقاء
المرأة 1: اه ثم اه أعوجاج لا يطاقٌ
المرأة 2: عبورُ في دهاليز الفسادِ
المرأة 1: متى ستغضبون ! متى ! متى
المرأة 2: سباتُ عميق " وهي تصرخ ، ظلام
في هذا المشهد ظهور فزاعات واقفة وكأنها بشر في وسط المسرح وبين هذه الفزاعات يدورن المرأة 1+ 2 وهن يلطمن على الصدور والخدود ، والشابان وهما يرتديان البياض يسيران معاً ، وتكون يداهما متلاصقة مع بعضهما وهنا أعني " علي وعمر ، مع ضريات موسيقية تناسب المشهد ، واضاءة فيها نوع من التسامي والحب لكل من أفدى روحه لهذا الوطن "
الأثنان معا ً " وهما المرأة 1+ 2 " وبصوت قوي
يجب أن تستمر الحياة كما نريد أحبتي " تخاطبان الجمهور " لا كما يريدون هم ، يكررون هذه الحوارات ثم ينسحبون الى أعلى خشبة المسرح ، ملاصقتان السايك الأبيض وهما قريبتان إلى بعضها، والشابان يدوران على شكل أشباح في وسط المسرح ،
هنا تبقى أيامنا سوية أبداً
" إظلام مع صوت موسيقى حالمة "

* كاتب ومخرج مسرحي عراقي أمريكي







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي