من سيف الخوبيش إلى صولجان مزود ببلطة

الأسلحة المصرية القديمة لجيوش الفراعنة

متابعات/الأمة برس
2020-12-15

كانت القوات المصرية القديمة واحدة من أعظم القوى المقاتلة في العالم القديم خلال عصر المملكة المصرية الحديثة من عام 1550 إلى عام 1070 قبل الميلاد، إذ تمكنت من ذلك بالاستعانة بتكنولوجيا خاصة بها.

فخلال فترة طويلة من تاريخها المبكر، اعتمدت مصر على صولجانات حجرية بسيطة، ورماح خشبية وفؤوسٍ وأقواس وسهام لمحاربة رجال القبائل النوبية والليبية المجاورة.

ثم جاء الهكسوس، الجيش الغازي الذي انطلق من سوريا وغزا مصر عام 1650 قبل الميلاد بأسلحة متطورة إلى حد كبير، مثل العجلات الحربية السريعة والأقواس المركَّبة القوية.

فيما يلي نسرد لكم الأسلحة الـ 9 التي أمدَّت الجيش المصري بالنفوذ في أوج قوته وفقاً لما ذكره موقع HISTORY الأمريكي.

رمح برونزي ودرع

مثل معظم جيوش العصور القديمة، كان رماة الرماح هم نواة الجيش المصري وكانوا مسلحين بدرع خشبي يُسمَّى "أيكم" في أيديهم اليسرى ورمح برأس برونزي يُسمَّى "دجا" في أيديهم اليمنى ويتقدمون على العدو في تشكيلات مكتظة بشدة.

أتاح طول الرمح للمحاربين المصريين الإطاحة بأعدائهم وهم يحتمون بالدروع التي تمنحهم أماناً نسبياً، وكان الطرف البرونزي للرماح صلباً وحاداً بما يكفي لاختراق الدروع الجلدية لمشاة العدو.

والأفضل من ذلك أن تلك الرماح كانت رخيصة الثمن.

يقول بول إليوت المؤرخ ومؤلف كتاب Warfare in New Kingdom Egypt: "في عصرٍ كان فيه هذا المعدن ثميناً للغاية، كان كل ما تحتاجه هو القليل من البرونز عند طرف الرمح".

وأضاف: "يمكنك تجهيز المئات من المجندين بهم، وهو ما كان في هذا الوقت مثالياً عند دخول الحروب".

وقبل غزو الهكسوس، كانت رؤوس رماح المصريين مصنوعة من الخشب ومعرضة للانقسام عند الاصطدام. تعلَّم المصريون من الهكسوس كيفية صناعة أطراف الرماح البسيطة من البرونز بالاستعانة بمغرز مجوف يتلاءم بشكل محكم مع الرماح الخشبية.

كما كانت دروع المصريين مصممة بحيث تكون عملية أكثر منها جميلة- كانت تتكون من ثلاثة ألواح خشبية ملتصقة معاً بالغراء وجلود الحيوانات- لكنها أصبحت بمثابة قوة دفاعية جبارة عندما كانت قوات المشاة تضم صفوفها معاً لتشكيل الكتائب.

الرمح الخفيف

كان الرمح المصري الخفيف أكثر من مجرد قذيفة تُطلق باليد كذلك كان في القتال القريب بمثابة رمح قصير يبلغ طوله حوالي متر واحد.

كان جنود المملكة الحديثة يحملون جعبة الرماح الخفيفة على أكتافهم مثل الأسهم.

وفي المسافات القريبة، كانوا يستخدمونها للتصويب نحو العدو وهم يحتمون خلف دروعهم، وكان بإمكانهم أيضاً إطلاق تلك الرماح الخارقة للدروع لمهاجمة العجلات الحربية أو صفوف المشاة.

يقول إليوت إن المصريين لم يتعاملوا مع الرماح الخفيفة باعتبارها عتاداً حربيًا يُستخدم لمرة واحدة كالسهام؛ إذ أعدوا رماحهم الخفيفة بحيث تتلاءم مع أنصالٍ معدنية على هيئة معيَّن وجعلوها أسهل للتصويب والرمي مع مقبضٍ خشبي مُحكم ومقوَّى.

بلطة المعارك

كانت بلطة المعارك المصرية سلاحاً داعماً يضعها المحارب في حزامه أو يعلقها على كتفه.

ففي القتال المباشر يمكن أن تخترق هذه البلطة درع العدو أو تقتل عدواً مصاباً بضربة ساحقة.

وفي فتراتٍ مبكرة من التاريخ المصري، عندما لم يكن الأعداء يضعون الدروع، كان نصل بلطة المعركة شبه دائري أو هلالي الشكل، ومصمماً لإحداث جروح قطعية وعميقة في الأجساد غير المحمية.

لكن خلال عصر المملكة الحديثة، التي واجهت خلالها مصر جيوش الحيثيين والسوريين الذين يرتدون جركينات جلدية واقية على صدورهم، ازدادت حدة نصل البلطة وأصبح طرفها مستقيماً.

الصولجان المزود ببلطة

جمع علماء الآثار أدلة حول سلاحٍ مصري مميز يُسمى الصولجان المزود ببلطة وصولجان الحرب التقليدي هو هراوة قوية ويُعد من أقدم الأسلحة على وجه الأرض.

منذ بداية عام 6000 قبل الميلاد، سلّح المصريون أنفسهم بصولجانات بسيطة تتكون من مقبض خشبي يعلوه رأس حجري ثقيل.

لكنهم طوروا هذا التصميم الفتاك بإضافة نصلٍ مقوس مدمجٍ في رأس خشبي صلب وذلك خلال عصر المملكة الحديثة.

يقول إليوت: "إنه سلاح مصري تماماً". "إنه بلطة في الأساس لكنها مزودة بقوة إضافية".

كان من الممكن استخدام هذه البلطة باليدين لكسر سيوف العدو واختراق حتى أقوى الدروع البرونزية.

السيوف القصيرة

قطعاً لم تكن السيوف والخناجر سلاحاً مصرياً شائعاً قبل أن يُدخل الهكسوس تطورات في تقنيات صب البرونز (صنع السبائك البرونزية).

عندها فقط أصبح من الممكن جعل السيوف القصيرة قوية بما يكفي للصمود وتحمل قسوة المعارك.

ولأن البرونز ليس أقوى المعادن، صُنعت بعض السيوف من خلال صبّها في قطعة واحدة صلبة، فأصبح النصل والمقبض قطعة واحدة لمنح السيف قوة إضافية.

كان هناك نوعان شائعان من السيوف المصرية القصيرة:

الأول: على شكل خنجر مع طرف حاد، وكانت وظيفته طعن العدو من مسافة قريبة جداً.

الثاني: أطول مع جوانب مسطحة وطرف دائري يشبه سكين الزبدة. كان هذا السيف مخصصاً لتمزيق العدو من مسافة أكثر أماناً وكان قوياً بما يكفي بحيث لا ينثني عندما يهبط بقوة على درعٍ أو عظم.

سيف الخوبيش

ربما كان السلاح المصري الأشهر والأكثر إثارةً للرعب في عصر الدولة الحديثة هو ذلك السيف المعقوف الذي يُطلق عليه سيف الخوبيش.

يبدو النصل المميز للخوبيش مثل علامة الاستفهام وتوجد حافته القاطعة على الجانب الخارجي من الجزء المعقوف مثل السيف الأحدب، وليس من الداخل مثل المنجل.

في اللغة المصرية القديمة، تعني كلمة "خوبيش"، أي "الأرجل الأمامية للحيوان"، مثل كلمة "dogleg" الإنجليزية.

مرةً أخرى، يدين المصريون للهكسوس بهذا السلاح ذي المظهر الوحشي، والذي كثيراً ما يُصوَّر في النقوش الجدارية البارزة بينما يستخدمه أحد الفراعنة لضرب جيوش العدو بعنف.

على سبيل المثال، دُفن الملك الشاب توت عنخ آمون مع اثنين من سيوف الخوبيش.

وفي الحروب القديمة، كان سيف الخوبيش بمثابة سلاح داعم مثل البلطة أو السيف القصير لتسديد الطعنات القاضية للعدو في قتال متلاحم عن قرب.

القوس المركَّب

قبل غزو الهكسوس، اعتمد المصريون على القوس البسيط وهو سلاح بسيط يتكوّن من قوس وسهم مصنوع من قطعة واحدة من الخشب.

لكن السوريين قدّموا لهم القوس المركب بدقته وقوته المدمجة، وهو سلاح معقد ومكلف مصنوع من طبقات من الخشب وقرون وأوتار الحيوانات وكانت معكوسة لتوليد قوة هائلة.

يقول إليوت: "تحول القوس المركب إلى سلاحٍ مصريٍ خارق. لم يكن لديهم عدد قليل من رماة السهام. كان لديهم فصائل مكونة من 50 من رماة السهام الذين كانوا بمثابة قوات اصطدام، وكلهم يطلقون السهام على العدو في وقت واحد".

كانت الأقواس المصرية المركبة طويلة؛ إذ بلغ طولها متراً ونصف تقريباً، وصُنعت بدقة من خشب أشجار القضبان وقرون الماعز وأعصاب الثيران وأوتارها، وكلها مثبتة معاً بواسطة الصمغ الحيواني.

سمح هذا التصميم متعدد الطبقات، إضافةً إلى التصميم المعكوس، للقوس بالعودة إلى وضعه مع تأثير أكبر بكثير من القوس البسيط؛ إذ كان يطلق سهماً يصل إلى مسافة تتراوح بين 250 إلى 300 متر وفقاً لروايات القدماء.

كانت أوتار الأقواس المركبة مصنوعة من أمعاء حيوانية منسوجة بإحكام، وكانت الأسهم مصنوعة من عيدان القصب الخشبية مع طرف برونزي حاد، وكانت تنمو بوفرة في وادي النيل، كما كانوا يزوّدون السهم بثلاث ريشات في نهاية السهم.

يشار إلى أنّ الأقواس المركبة باهظة الثمن ويصعب صنعها لدرجة أن الجيوش المصرية الغازية كانت كثيراً ما تطلب الأقواس كجزية بدلاً من الذهب.

يذكر أن رمسيس الثالث قد جلب معه 603 من الأقواس مركبة بعد أن هزم الليبيين.

العجلات الحربية

قبل أن تصبح الخيول كبيرة بما يكفي لامتطائها في المعارك في سلاح الفرسان، كانت العجلة الحربية هي آلة الحرب الأسرع والأكثر رعباً.

مجدداً، كان الهكسوس هم الذين قدّموا للمصريين العجلات الحربية الخشبية خفيفة الوزن ذات الأرضيات الجلدية المرنة لامتصاص الصدمات، لكن المملكة المصرية الحديثة، بثروتها الهائلة، هي التي نشرت أفواجاً من العجلات الحربية المدججة بالسلاح في ساحة المعركة لإحداث مفعول فتاك.

يقول إليوت إن المصريين تعاملوا مع العجلة الحربية وكأنها "قاعدة أسلحة" سريعة الحركة يقودها سائق ومحارب.

 

الدرع المقوَّى

لم يكن لدى جنود المشاة المصريين العاديين في جيش المملكة الحديثة الكثير من الحماية في ساحة المعركة.

وفقاً لما تخبرنا به النقوش الجدارية والأدلة الأثرية، ربما كانوا يرتدون أغطية قماشية بسيطة مقوّاة بالصمغ الحيواني، ولكن بعيداً عن قدرتها على ردع سهام مصوّبة من مسافة بعيدة، لم تكن هذه الأغطية فعّالة جداً كدروع.

وكانت الدروع الأكثر تطوراً والتي توفر قدراً أكبر من الحماية مخصصةً لراكبي العجلات الحربية؛ السائق والمحارب، الذين كانوا أهدافاً ثمينة لرُماة الأعداء، لا سيّما أولئك الذين كانوا يحملون أقواساً مركبة طويلة المدى.

كما كان سائقو العجلات الحربية المصريون يخوضون المعارك مرتدين معاطف طويلة من القشور البرونزية، الأمر الذي جعلهم أشبه بسحالٍ ضخمة تقف في وضع مستقيم.

إضافة إلى أنّ الخيول كانت كذلك ترتدي دروعاً، على الأقل وفقاً لمرفقات المقابر والنقوش الجدارية.

إذ يظهر كل من رمسيس الثاني وتوت عنخ آمون يقودان عجلات حربية تقودها خيولٌ ملكية مرتديةً سترات زاهية الألوان تغطيها القشور البرونزية.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي