آمنة النصيري من التعبيرية إلى التجريد : حكيم العاقل

خدمة شبكة الأمة برس الإخبارية
2009-04-18

عندما يخوض الفنان تجارب مختلفة ويدخل نفسه في مغامرة التجريب يتخطى الكثير من الملابسات ، فلم يعد الأسلوب شيئاً مميزاً للفنان بل التغير الموضوعي والأسلوبي ، والبحث الدائم عن التقنيات التي تلبي الهدف الأساس من الفن الذي يتطور يومياً في مختلف أنحاء العالم.
تكون الدهشة في الانتقالات المدروسة للعمل الفني من جميع النواحي ، فالتسلسل المعرفي يقود الفنان الى انتهاج أسلوب في كل مرحلة بعيداً عن الثوابت .
هذا ما تقودنا اليه تجربة آمنة النصيري فمن التعبيرية (بمراحل مختلفة) تجسد لدى الفنانة الحس القصصي المروى ، والحكايات المجتزئة مع توظيف خيالي للإشكال ومعالجات ذكية للمواضيع ، وإدخال الزخرفة بحذر ، ونجد في هذه المرحلة (ترميز/تفكيك) للرموز الحيوانية التي تأتي أحيانا بانسيابية خيالية في التوصيف البصري وتمثل محور العمل الفني ، وفي مرحلة لاحقة نجد الأشكال الحيوانية أصبحت هدفاً يحمل أبعادا رمزية تحمل (موتي فات) خيالية وظفتها الفنانة لإيصال الهدف الاتساقي والمعرفي الذي لا يحمل أي عنوان بل يحمل دلالات معرفية تتكئ على عناصر الاستجلاب الشكلي والتو ظيف المعرفي ، ونجد ان الحضور الجسدي(الفجر) مرتبط بمجموعة من التدعيات الجمالية في التوظيف .
استطاعت النصيري في تجربة (الطيور) ان تشكل عالماً من الألوان المتسقة مع حركة تبدأ بالمحور وتنتهي بالتلاشي ، نجد في هذه التجربة تجارب شتى فالطيور الملونة المزخرفة ترسم على الخلفية السوداء لتأكيد الهدف ، وتتطور هذه التجربة من الورق الى القماش لا تتخذ بعدا آخر و(ديناميكية) وحركة ، وتكوين مدروس يخاطب الحسي والجمالي الصرف ، امتزجت الطيور مع الورود المجردة بصيغ تعبيرية يختلط فيها التعبير مع التجريد وهذا ما سيقود الفنانة الى التجريدية بشقيها الغنائي والهندسي .
تتعامل آمنة النصيري مع اللوحة بحالات من الصدق ، واختلاق الأشكال غير المألوفة ، وتوظيفها ضمن دائرة التجريب والبحث الذي يقود الفنانة الى تجارب جديدة وتقنيات متعددة تتسم كلها بالمغامرة الخلاقة فعدم التشبث بأسلوب هو ما يعطي التنوع المدروس ، فالفن لا يحده حدود ولا يؤطره أسلوب ، وتظل بصمة الفنان رغم تعدد الأساليب والتقنيات.
من الخطوط الفاصلة الى اللون مسافات قطعتها الفنانة على مدى أعوام لتخوض تجربة التجريد التي يشكل اللون أساس هذه التجربة والتقنية التي تمثلت بانتقالية احترافية من حيث الأحجام الكبيرة و(الكنفس) الاحترافي مع اختلاف وتنوع في المعالجات الاسلوبية.
أشكال ويهامات انسجام وتضاد لوني ،وحروف مبعثرة (مسندية/عربية) توظيف للأشكال رموز مستجلبة
واستقرار تجريبي على الألوان -تجريد ما يمكن تجريده- مساحات وتفاصيل من الألوان التي لا يحكمها قانون ثابت في التكوين من الأسفل الى الأعلى ومن الجوانب الى والوسط تكوينات لولبية ، خطوط أفقية تخرج من اللوحة بعثرة للأشكال في الفراغ ، كل هذا في تجربة الفنانة الأخيرة الذي لا يحده حدود فالمراس والخبرة أعطت الفنانة هذا الفضاء الحر في التجريب دون الاستقرار على شكل فمحور العمل يرتكز على التناول الحر للعمل الفني وتكيفه لونياً، وإيصاله الى اتساق وسيطرة واضحة على اللوحة .
يمكنني ان أقول:إن الفنانة آمنة النصيري استطاعت ان تكون فنانة تجريدية بامتياز فمعرفتها بالتجريد وثقافتها كباحثة من أهم الباحثين في الفنون البصرية على مستوى الوطن العربي ، الى جانب مشاهدتها لأهم أعمال الفنانين في العالم الى جانب أبحاثها في الفنون البصرية المقدمة في المحافل الدولية أهلها لأن تنحو بتدرج معرفي الى التمكن وخوض التجارب المتتالية خاصة وان اللوحة التجريدية تحتاج الى سيطرة وخبرة وليس مجرد (شخبطات) كما يحلو للبعض تسميتها .
تمثل الفنانة آمنة النصيري اتجاهاً في المحترف التشكيلي اليمني تبلور خلال السنوات الأخيرة الماضية تحمل الجرأة في تقديم منجز بصري يحاكي مايدور في المحترفات العربية والعالم ، واعتقد ان هذه التجربة تتطور باستمرار وإدخال عناصر جديدة في كل مرحلة ، وهذا يقود الفنانة الى فضاء مفتوح لإيصال سلسلة من الأفكار والرؤى والتجريب .
تركت الفنانة لنفسها فضاء مفتوحاً لتطوير التجربة التجريدية سواء من الناحية الشكلية او التقنية ، فالتجديد التقني يلازم اللوحة التجريدية التي تعتمد بشكل اساس على التكنيك وقدرة على استعمال المواد وتكييفها باتساقية معرفية سواء في اختيار المواد(موضع التجريب) الى جانب اختيار المقاسات المناسبة فالأحجام الكبيرة تلعب دوراً في عملية التلقي ،وهذا ما لاحظناه في معرضها الاخير في المركز الفرنسي المشترك مع مظهر نزار وطلال النجار.

الثقافية









شخصية العام

كاريكاتير

إستطلاعات الرأي