فايننشال تايمز: أردوغان تحرك ضد صهره بعدما اكتشف حجم الأزمة الاقتصادية

2020-11-13

إبراهيم درويش

قالت صحيفة “فايننشال تايمز” إن الأزمة الاقتصادية الكبيرة التي كانت تعاني منها تركيا كانت وراء استقالة صهر الرئيس رجب أردوغان من الحكومة، وجاءت بعد أشهر من التحديات المتزايدة.

وقالت لورا بيتل، إن بيرات البيرق، وزير المالية والاقتصاد القوي في تركيا، وضع رسالة عاطفية على إنستغرام أعلن فيها عن استقالته يوم الأحد الماضي. وقال: “آمل بقضاء وقت أكثر مع أبي وأمي وزوجتي وأولادي”.

ولم يكن هناك أي ذكر للرجل الذي جعله ثاني أقوى رجل في الحكومة والمدين له بمسيرته السياسية، أي أردوغان. وتقول الصحيفة إن تركيا شهدت أسبوعا من دراما سياسية وعائلية بدأت برحيل البيرق لكنها كانت متوقعة منذ أشهر نتيجة المشاكل الاقتصادية المتزايدة وانهيار العملة المستمر.

إلا أن قلةً ستشعر بالأسى لرحيل رجل كان محلا للسخط الواسع وصنع أعداء له داخل الدولة التركية. وقال مسؤول في الحكومة: “شعر معظم الناس بالراحة لرحيله”. ولم يكن البيرق (42 عاما) مسؤولا عن إدارة الاقتصاد رقم 19 في العالم فقط، لكنّ المدير التنفيذي السابق المتزوج من ابنة أردوغان إسراء، جمع تأثيرا واسعا داخل الحكومة وخارجها.

وشعر الكثيرون داخل حزب العدالة والتنمية الحاكم أنه كان يجهز لكي يكون خليفة لأردوغان. وقال زميل آخر: “لا أعتقد أن أحدا كان يتوقع ما حدث” و”لن يحصل على السلطة التي كانت بيده”.

وقالت الصحيفة إن سبب اندلاع الانفجار السياسي والعائلي هو اكتشاف الرئيس الوضع الحقيقي للاقتصاد. وتعرض أردوغان في الأسابيع الماضية لضغوط من داخل حزب العدالة والتنمية الذي عانى من تراجع في شعبيته بسبب فيروس كورونا وارتفاع أسعار المعيشة ومعدلات البطالة وانهيار قيمة العملة التركية.

وظل البيرق طوال الأشهر الماضية يؤكد أن تركيا في وضع اقتصادي أفضل من الدول المنافسة لها، وتعيش وسط عملية تحول اقتصادي كبرى. وردد نفس الكلام في اجتماع مع نواب حزب العدالة والتنمية في الأسبوع الماضي حسب الإعلام التركي. وأكد أن الليرة التي فقدت ثلث قيمتها أمام الدولار الأمريكي منذ بداية العام الحالي، يجب ألا تكون المعيار الوحيد للحكم على صحة الاقتصاد.

ولكن الرئيس قرر التحرك عندما قُدمت له كشوفات عن حجم الأزمة الاقتصادية، وذلك حسب مسؤولين من داخل حزب العدالة والحكومة، خاصة الوضع الخطير للعملة الصعبة داخل المصرف المركزي. وعند استبعاد الأموال المقترضة والمسؤوليات الأخرى جانبا، فوضع العملة الأجنبية خطير، حيث وضعتها تقديرات بحوالي 50 مليار دولار في نهاية شهر أيلول/ سبتمبر. والعجز هذا سببه التدخل الفاشل في العملة الذي قاده البيرق والذي كلف أكثر من 140 مليار دولار خلال العامين الماضيين.

ولكن البعض يجد صعوبة في عدم معرفة أردوغان الذي يلتقي عادة برجال الأعمال من كل المجالات بالوضع الاقتصادي. ولكنّ آخرين يرون أنه عزل نفسه عن الواقع بسبب تهميشه النقاد الداخليين وإحاطته نفسه بالموالين الأشداء.

وقال مسؤول بارز داخل حزب العدالة والتنمية: “يحصل الرئيس على معلوماته من تقارير صهره. وهو مشغول لكي يحصل على معلومات من مصادر أخرى”. وقال مصدر آخر: “هذا أمر لا يصدق، لكنه صحيح”.

وبدأت الأحداث يوم السبت، عندما ظهرت ملاحظة في المجلة الرسمية عن عزل أردوغان مدير المصرف المركزي، وتعيين ناجي أغبال، وهو حليف قديم وناقد لسياسات البيرق، والرجل الذي فتح عينيه على حجم الوضع الاقتصادي وتحرك لتأكيد سيطرته على الاقتصاد.

وكان رد البيرق غاضبا وشديدا. وبعد أن نشر استقالته التي فاجأت مساعديه وحذفها عن إنستغرام وتويتر، اختفى عن الأنظار.

وقال أردوغان يوم الأربعاء إن مدير المصرف المركزي والاقتصاد يخططان لحملة تهدف لاستعادة ثقة المستثمرين والعملة الأجنبية التي يحتاجها الاقتصاد. وبناء عليه استعادت الليرة التركية بعضا من قيمتها.

ويرى المتشككون أن مصاعب تركيا لا تحل بتغيير مسؤول أو بلغة لطيفة، كما أن أردوغان سيظل الشخصية الأقوى في السلطة ولديه مواقف غير تقليدية من الاقتصاد.

وفي حالة قرر المصرف المركزي رفع سعر الفائدة الأسبوع المقبل، فقد يساعد على عودة الاستثمارات الضرورية. وفي الوقت الذي يقول فيه المحللون إن مشاكل الاقتصاد التركي هي من صنع أردوغان، إلا أن أحداث الأسبوع الماضي كشفت عن براغماتية وتكيّف الرجل الذي تسيّد السياسة التركية على مدى العقدين الماضيين.

وقالت شان سلجوقي، مديرة شركة اسطنبول للبحث الاقتصادي: “أظهر أردوعان مهارته السياسية مرة ثانية.. وكان هناك ثمن لتعيين بيرات في ذلك المنصب، ولعامين وتحمل أردوغان الثمن. ولكنه عندما اكتشف أن الاقتصاد ينهار وهو ينهار معه، تحرك بطريقة غير متوقعة”.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي