لقاء تريسي ومونخ

2020-11-09

صرخة مونخ لا تزال ملهمة للفنانين

فاروق يوسف*

مونخ كان نرويجيا باردا. صرخته التي هي أشهر أعماله كانت تعبيرا عن السأم. أما تريسي فإنها تركية ساخنة اخترقت المجتمع البريطاني مثل شعلة وكان غاليري “ساجي آند ساجي” بلندن قد دعّمها منذ بداياتها ورشحها لنيل جائزة تيرنر. ولكن ما المناسبة التي تجمع بين البارد والساخنة؟

معرض غريب من نوعه تقيمه الأكاديمية البريطانية. من خلال ذلك المعرض حاولت تريسي أن تقبض على مونخ حيا. وهو ما لن تتمكن منه إلّا بطريقتها.

لقد عُرفت تريسي بسخريتها الجارحة غير أنها هذه المرة تبدو جادة. تود أن تغري مونخ الميت باللحاق بها والانضمام إلى ألعابها. كما أنها تحلم لو كانت قادرة على تقليده في يأسه. ذلك سباق سيكون محسوما للأصل.

 

معرض غريب من نوعه تقيمه الأكاديمية البريطانية. من خلال ذلك المعرض حاولت تريسي أن تقبض على مونخ حيا. وهو ما لن تتمكن منه إلّا بطريقتها.

ولكن المسألة لا تتعلق بمَن يفوز على الآخر. لقد قرّرت تريسي هذه المرة أن تخضع لتعليمات الأستاذ. أن تكون تابعة له لتكتشف نفسها من خلاله. “سأعيش معك كما لو كنت خليلتك”.

سيشعر الشمالي بدفء ذلك الجسد الساخن. يفصل بين الاثنين قرن بأكمله. ولد إدفارد مونخ عام 1863، أما تريسي أمين فقد ولدت عام 1963. قرن كامل شهد فيه الفن من التحوّلات ما لم يشهده في كل عصوره السابقة.

تريسي هي ابنة تلك التحوّلات. حين ذهبت إلى النرويج كانت ترغب في أن تعيش مع الأستاذ في بيته. غير أن إلهامه دفعها إلى أن تفعل ما يشكّل تحديا لها. لقد قرّرت أن ترسم من وحي لوحاته لتقف إلى جانبه في معرض مشترك.

فكرة مجنونة لا تخرج عن دائرة ما عُرفت به تريسي من تطرّف وفضائحية وشغب. ولكن الأمر مختلف هذه المرة.

أعتقد أننا سنرى مونخ بطريقة مختلفة. ليس بالضرورة أن نراه من خلال تريسي، ولكن التحدي الأنثوي لا بد أن يضفي عليه ملامح جديدة. أما تريسي فإنها بعد أن درست على يد الأستاذ لا بد أن تكون فنانة جديدة.

علاقة عابرة للسنوات والأماكن تصنع مزاجا فنيا يجمع بين مصيرين ويطلق خيالا مختلفا. التفاتة تريسي إلى الوراء لم تكن متوقعة، وهي تستحق الثناء.

 

  • كاتب عراقي






كاريكاتير

إستطلاعات الرأي