سكان كندا الأصليون يعانون تمييزا عنصريا في الرعاية الصحية

2020-10-28

بعد سنوات من الكفاح من أجل الحصول على معاملة منصفة، أصبحت أوليبيكا كيغوكتاك وهي من السكان الأصليين في كندا، مستعدة للتحدث عن تجربتها مع نظام الرعاية الصحية في البلاد الذي يواجه انتقادات متزايدة على خلفية اتهامات بالعنصرية.

تقول الطالبة الجامعية في مونتريال التي نشأت في منطقة نونافوت الشاسعة في البلاد إنها أمضت معظم حياتها في محاربة العداء والمقاومة اللذين كانا يبديهما المهنيون الطبيون عندما كانت تطلب المساعدة والمشورة.

ووفقاً لوكالة فرانس برس فقد أضافت: “يجب أن نشعر بالأمان عندما نذهب إلى المستشفى وأن نشعر بأننا جميعا متساوون. لون الدم يوحدنا”.

وهذه الشابة التي تبلغ من العمر 26 عاما اليوم والتي تشمل ذكرياتها المريرة الاضطرار إلى التهديد بإيذاء نفسها قبل أن يعالجها الطبيب، هي جزء من رد فعل عنيف متزايد من الشعوب الأولى التي سكنت البلاد بسبب حالة معاملة سيئة في أحد مستشفيات كيبيك.

فقد تعرضت جويس إيتشاكوان البالغة 37 عاما وهي من السكان الأصليين، لإساءات عنصرية شرسة من جانب ممرض قبل وفاتها بفترة وجيزة ما أثار غضبا شجع السكان الأصليين في أنحاء البلاد على رفع الصوت. على تويتر، أطلق وسم “جوستيس بور جويس” “العدالة لجويس” واندلعت احتجاجات مناهضة للعنصرية شارك فيها آلاف الأشخاص في شوارع مونتريال.

ونشرت إيتشاكوان التي أدخلت مستشفى “جولييت” قرب مونتريال وهي تعاني من آلام في المعدة، مقطع فيديو على “فيسبوك” قبل وفاتها بفترة وجيزة يظهر الإساءات التي تعرضت لها على أيدي مقدمي الرعاية الصحية.

وقال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو الذي جعل “المصالحة” مع الشعوب الأصلية من أولوياته، إنها تعرضت “لأسوأ أشكال العنصرية”.

فقدان الثقة

ويؤكد ناشطون في حقوق السكان الأصليين أن ما حصل مع إيتشاكوان ليس حالة معزولة. تتذكر كيغوكتاك اضطرارها للمشاجرة، في سن 19 عاما، مع طبيب في مستشفى في مونتريال لم يقبل أن يزيل لها جهاز تحديد النسل. وتقول إنها اضطرت لتهديده بأنها ستزيله بنفسها قبل أن يوافق أخيرا على القيام بالأمر.

وتوضح “مع وجود تاريخ من تعقيم النساء من السكان الأصليين بالقوة في كندا لجعلهن عاقرات، فقد رأيت ذلك حقا إساءة معاملة: فهم لا يريدون أن أنجب أطفالا ويرفضون إزالة الجهاز”.

وفي تجربة مريرة أخرى، تروي كيغوكتاك أنها انتظرت ساعات في أبريل الماضي قبل أن تتلقى العلاج من نزف مهبلي، لكن ليس قبل أن يستجوبها طبيب حول ما إذا كانت تتعاطى المخدرات.

وتتابع “بالنسبة إلي .. لو كنت بيضاء لما حدث ذلك على هذا النحو” مضيفة أن التجربة جعلتها “تفقد الثقة في نظام الرعاية الصحية”.

وهي تقول إن العنصرية موجودة “في كل مكان” بما يشمل محاولات العثور على شقة أو وظيفة.

نقطة تحول

جاءت وفاة إيتشاكوان بعد عام من نشر تقرير خاص خلص إلى أن “السكان الأصليين في كيبيك يتعرضون فعلا لتمييز منهجي في ما يتعلق بالخدمات العامة”.

وتوضح كارول ليفيسك عالمة الأنثروبولوجيا المتخصصة في قضايا السكان الأصليين في المعهد الوطني للبحوث العلمية “عندما يصف السكان الأصليون تجاربهم، فإن غالبية الناس لا يصدقونهم”.

وتلفت إلى أن معاناة إيتشاكوان التي شهدها الملايين عبر الإنترنت وحظيت بتغطية إعلامية على نطاق واسع، قد تشكل نقطة تحول في العلاقات العرقية الكندية.

يقول خبراء إن السكان الأصليين الذين يتعرضون للتمييز يلجأون إلى نظام الرعاية الصحية الشاملة الممول من الحكومة بوتيرة أقل ونتيجة لذلك يجدون أنفسهم في كثير من الأحيان في حالات خطرة.

ويقول دايفيد-مارتن ميلو من جمعية “دكتورز اوف ذي وورلد كندا”، “يُعتقد تلقائيا أن هذا الشخص عنيف وعدائي لذلك يتم الافتراض أنه تحت تأثير مواد مهلوسة” مشيرا إلى أن العبء يصبح مضاعفا عندما يكون أحد المرضى في وضع هش أو مشرد.

وأنشأت المنظمة غير الحكومية المعروفة أيضا باسمها الفرنسي “ميدسان دو موند” ثلاثة “مراكز محلية لضمان حقوق السكان الأصليين” في العام 2019 للمساعدة في الحصول على رعاية صحية أكثر إنصافا في مونتريال.

ويوضح ميلو أن المجموعة سعيدة لأنها أوجدت “روابط ثقة أفضل “بين السكان الأصليين والفرق الطبية” واستطاعت تلبية المزيد من حاجاتهم”. بالنسبة إلى أوديل جوانيت مديرة “وابيكوني موبايل” وهي منظمة غير ربحية في مونتريال تعمل على زيادة الوعي بحقوق السكان الأصليين من خلال ورش العمل وعرض أفلام، إن الأمر لا يتعلق دائما بإساءة عنصرية في العلن.

وتشرح “لست في حاجة إلى وجود بيان عنصري صريح لأعرف أن هناك تحيزات موجودة في كل مكان” مضيفة “يجب أن تختبر العنصرية حتى تفهم الأمر”.

وتقول هذه المرأة البالغة من العمر 45 عاما وهي من السكان الأصليين إنها تجنبت نظام الرعاية الصحية الكندي بعدما تلقت تشخيصا خاطئا في شبابها مرتبطا بإدمان الكحول.

ورحبت جوانيت بزيادة “الضغط” على السلطات منذ وفاة إيتشاكوان لإصلاح الأمور. وتضيف لوكالة فرانس برس “يجب أن نندد بالعنصرية التي نراها ويجب ألا نتوقف عن إيصال صوتنا”.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي