تجارة المخدرات في اليمن..أسرار وأحداث وخفايا !!

2020-10-28

**أرغمتهم ظروف الحرب على العمل في نقل المخدرات لتغطية نفقاتهم واحتياجاتهم المعيشية..!!
***اشترط عليهم تجار المخدرات استخدام النساء كدروع ناعمة***!!


تحقيق: هايل علي المذابي
* يشير مصطلح الدروع البشرية في عالم الجريمة إلى استخدام الجسد البشري كدرع وقاية من المخاطر وحامياً من كل أشكال الاختراقات الأمنية المختصة باكتشاف المجرمين، واكتشاف المحتوى المحظور الذي يتسترون عليه، ويخشون انكشافه.
وقد يوجد في عالم الإرهاب، مثلاً، مطلوبين للعدالة بتهمة الإرهاب، فيلجأون الى الاحتماء بمنازل يسكنها الأطفال والنساء، وحين ينتقلون على متن سياراتهم يستخدمون ذات الغطاء البشري للتمويه على وجودهم، وتضليل رجال الأمن.
وفي عالم المخدرات يستخدم تجار المخدرات النساء بكثرة كدرع بشري خصوصاً في عمليات نقل المخدرات من مكان إلى آخر وتحديداً عندما يتخلل الطريق نقاط تفتيش أمنية.
ولطالما صادف رجال الأمن في المناطق الشمالية، والذين يتمركزون على الطريق الذي يربط بين الشمال والجنوب وتحديداً في مواقع نقاط التفتيش في هذا الطريق، منذ بداية الحرب في اليمن، الكثير من حالات نقل المخدرات باستخدام الدروع البشرية، وبعد التقصي الواسع والتحقيق المستفيض حول هذه الظاهرة اتضح أن تجار المخدرات يشترطون على كل سائق ينضم للعمل في شبكتهم أن يخصص له عددا من النساء لمرافقته بالتناوب خلال رحلاته التي يقوم بها لنقل المخدرات من الجنوب إلى مناطق الشمال على متن سيارته للاحتماء بهن من شكوك رجال الأمن في نقاط التفتيش والتعمية عليهم بهذا الدرع البشري الناعم.
ومن جملة الأسباب التي يعرفها تجار المخدرات ويفهمونها جيداً لتبرير استخدام هذه الدروع البشرية أثناء عمليات نقل المخدرات وكذلك في تجارتها وترويجها ويعرفها السواد الأعظم من الناس أيضاً هي أن المجتمع اليمني شأنه شأن معظم المجتمعات هو مجتمع يقدس المحارم، ولا ينتهك لأي رجل حرمته عندما يكون برفقته امرأة أو أطفال حتى ولو كان مطلوباً للعدالة.
إنه استغلال للقيم الإنسانية، واستغلال للعادات والتقاليد المحافظة التي يقدسها أبناء المجتمع واستغلال للثوابت واللامتغيرات البنيوية المقدسة لدى كل المجتمعات بلا استثناء، واستغلال للحياء الذي يتمتع به رجال الأمن شأنهم شأن أبناء المجتمع اليمني تجاه النساء وتقديسهن وعدم التعرض لهن أو لمن يرافقهن بل ونصرتهن ونصرة من يرافقهن والتهافت على تقديم الخدمة لهن ولمن يرافقهن ومنحهن الأولوية في المرور والانتباه الكبير لعدم مضايقتهن.



*استخدام الدروع البشرية في تجارة المخدرات دولياً!!
ازدهرت تجارة الرق في العالم في العصور الحديثة بسبب ازدهار تجارة المخدرات بالتزامن مع البدايات الأولى لشيوعها ورواجها، وقد كان أهم سبب في ذلك وخصوصاً تجارة رق النساء هو استخدام تجار المخدرات لهن بكثرة في تجارتهم، ولا يختلف في ذلك تجار الأعضاء البشرية أيضاً عن تجار المخدرات.
يتعمد تجار المخدرات الذين يشترون النساء أن تأخذ الفتاة عددا من الجرع المخدرة لتتحول إلى مدمنة ثم تصبح ناقة ذلولة لا حول لها ولا قوة، ولا سيد لها تتبعه ككلب صبور إلا تاجر المخدرات الذي يتفضل عليها بجرعة مخدرات بين الحين والآخر، والثمن المقابل هو أن تنفذ له أكبر قدر ممكن من الخدمات بما فيها الخدمة الجنسية والأهم خدمة الدرع البشري الذي يحتمي به في هذه التجارة المحرمة.
*استخدام الدروع البشرية في تجارة المخدرات في السياق المحلي!!
في السياقات المحلية لتجارة المخدرات تأخذ الدروع البشرية نمطاً آخراً غير ما تعرف به في السياقات الدولية، حيث تعتبر وسائل النقل العامة والخاصة المأهولة بالناس نساءً وشباباً وشيوخاً وأطفالاً درعاُ يناسب بشدة عمليات النقل للممنوعات بدون أي احترازات من الأجهزة الأمنية.
وفي سياق آخر يتعمد تجار المخدرات إلى تبني مجموعة واسعة من بنات الهوى ونساء البغاء لخدمة تجارتهم واستخدامهن كدروع بشرية بل إن أهم شرط يشترطه تجار المخدرات على أفراد شبكاتهم العاملين في مجال نقل المخدرات وقيادة المركبات المحملة بالممنوعات هو اصطحاب إمرأة معهم أثناء القيام بعمليات نقلهم للممنوعات والسفر بها والمرور بها خلال نقاط التفتيش، بل إن الكثير من سائقي المركبات الخاصة بنقل الممنوعات يعمدون إلى إبرام عقود زواج عرفية مع بنات الهوى ونساء البغاء لاستخدامهن كدروع بشرية أثناء عمليات نقل المخدرات حتى يسلموا من المضايقات و الوقوع في مواقع الاشتباه من قبل الأجهزة الأمنية أثناء نزولهم في الفنادق أثناء السفر أو أثناء عبورهم من النقاط الأمنية الخاصة بالتفتيش، وحيناً آخر يعمد الناقل للممنوعات باستئجار درع بشري مكون من رجل وعائلته زوجة وأطفال بحيث يرافقونه في رحلته مقابل مبلغ مالي محدد يتم الاتفاق عليه بينهما، وثمة طريقة أكثر شجاعة حيث تستخدم المرأة ذاتها في هذه التجارة المحرمة كمروجة وتاجرة مخدرات فهي في ذاتها تمثل درعاً بشرياً لا يمكن الشك فيه أو حتى التجرؤ عليه في أسوأ الأحوال فتؤدي بذلك مهمة مزدوجة الأولى وهي تاجرة مخدرات، والثانية درع بشري وغطاء لهذه التجارة المحرمة.


وفي معظم الحالات تستخدم الدروع البشرية في تجارة المخدرات دون أي علم لها بما هي فيه وبما تقوم به، وليست هي شغوفة بالعلم بما يحدث فهي غالباً تكون منشغلة بالرحلة التي تقوم بها مع ناقل الممنوعات ومنشغلة بمتعتها بتلك اللحظات التي تقضيها في سفرها وترحالها.
كما أن الثمن الذي تقبضه النساء التي تستخدم كدروع بشرية في تجارة الممنوعات في الغالب هو ثمن زهيد جداً مقارنةً ً بما يجنيه ناقل المخدرات وتجار الممنوعات وهي أي الدروع البشرية المستخدمة في الغالب لا تكترث كثيراً لما سوف تحصل عليه قليلاً كان أو كثيراً ويكفيها تغطية نفقات الرحلة بسخاء من قبل السائق ناقل الممنوعات التي هي برفقته بالإضافة إلى الحصول على مبلغ بسيط نهاية الرحلة ساعة الوصول فيكون شكرها للناقل على ذلك شكراً جزيلاً وافرا.
وأما الثمن في الحالات الأخرى ذات الكثافة البشرية أثناء استخدام وسائل النقل العامة البرية تحديداً كوسيلة لإرسال ونقل الممنوعات على متنها فهو مجاني لأن ركاب هذه الوسائل لا يعلمون شيئاً عن هذه التجارة ولا عن مضمون ما تحمله وسيلة النقل التي يركبونها شيئاً.
* استغليت مرض أختي فهل ستسامحني؟
(س. ب) مواطن من أهالي قرية الظهرة محافظة البيضاء، حدّثه أحد أبناء قريته ويعمل في تجارة المخدرات يدعى (أ.ظ) عن موضوع العمل في نقل كميات المخدرات من محافظة البيضاء إلى العاصمة صنعاء واستطاع إقناعه بالعمل معه بعد اغراءه بحجم ما سيجنيه من وراء هذا العمل، ما سينتشله من براثن الحاجة وليدة الحرب، ولكنه اشترط عليه ليتم ذلك أن ترافقه عائلة أثناء قيامه بنقل المخدرات (حشيش مخدر) من البيضاء إلى صنعاء والمقابل مبلغ (6000) ستة آلاف ريال سعودي في كل حملة يقوم بها، يقول (س. ب): فكرت فيمن سأصطحبه معي في رحلتي إلى العاصمة وأخبرت أختي (ش. ب) بأن ترافقني من أجل أن أجري لها بعض الفحوصات في صنعاء واستفدت من كونها أجرت عملية جراحية لأكياس دهنية منذ قرابة شهر وقد وافقت أختي، ثم اتفقت أنا وتاجر المخدرات (أ.ظ) على أن يأتي إلى بيتنا في القرية في الساعة الواحدة بعد منتصف الليل ليأخذ سيارة والدي التي استخدمتها في التنقلات نوع (شاص تويوتا) ويذهب ليحملها بكمية الحشيش المخدر ثم يعيدها لي وقد فعل ذلك وعاد في الساعة الرابعة صباحاً ثم تجهزت وأبلغت أختي بأن تتحضر للسفر ولكنها لم تكن تعلم بأني استخدمها كدرع بشري يحميني من التعرض لأي عملية تفتيش في النقاط الأمنية وذلك كما فهمت من تاجر المخدرات (أ. ظ) عندما استفسرته عن سبب أهمية اصطحاب عائلة معي في التي سأقوم بها.


في صباح يوم الجمعة الباكر تحركت بصحبة أختي من مدينة البيضاء باتجاه العاصمة صنعاء وقد مر الأمر كما تم التخطيط له في بداية الرحلة وتجاوزنا النقاط الأمنية في مدينة البيضاء ومدينة رداع، وظننت أن الأمر قد تم حيث والنقاط الأمنية في هذه المناطق هي الأكثر تشديداً، وبعد أن وصلت إلى أول نقطة أمنية على مدخل مدينة ذمار نقطة ( الأفلاك ) تم إيقافي من قبل أفراد النقطة الأمنية وطلبوا مني أنا وأختي بالنزول من على متن السيارة وكنت متفاجئاً من عدم اكتراثهم لكوني بصحبة عائلة لكني اكتشفت لاحقا انه تم ايقافي بموجب بلاغ، وعندما قاموا بتفتيش السيارة وجدوا كمية الحشيش المخدر على متنها (100 مائة قالب/كيلو) من مادة الحشيش المخدر، وبصدق أنهم لم يتجاوزوا الخطوط العرفية الحمراء فلم يتعرضوا لأختي بسوء، وبعد أن تم التحقيق معي اتضح لهم بأني استغليت مرض أختي في الأمر وأن أختي لا تعلم عن الأمر شيئاً وقد قاموا بالتصرف وفقاً للأخلاق التي يعرف بها أهل اليمن فأخذوا مني رقم والدي واتصلوا به ليأتي لأخذ أختي من غرفة التوقيف معززة مكرمة ويعيدها إلى البيت ويتركني لأواجه مصيري خصوصا بعد أن علموا بيقين أنها لا تعلم شيئا عما كان محملا على متن السيارة من كمية المخدرات، ولكن ما لا يعلمه أحد غيري أن الندم وتأنيب الضمير على ما جنيته في حق أختي عندما استغليت مرضها في عملية نقل المخدرات، والأمرّ من ذلك أنني لا أستطيع تخيل كيف يمكنها أن تسامحني على ما فعلته أو تقبل بالنظر في وجهي، وكل ذلك لم يكن ليحدث لولا الطمع وقبول العمل في هذه التجارة المحرمة.
*من الأمن السياسي إلى نقل وتهريب المخدرات!!
يعمل (ي. ح) من أهالي مدينة حجة في جهاز الأمن السياسي سابقا، وبسبب الحرب وانقطاع الرواتب ترك العمل الأمني وانخرط في العمل في نقل وتهريب المخدرات من المحافظات الجنوبية في اليمن إلى المحافظات الشمالية وذلك منذ بداية الحرب العام ٢٠١٥م، وقد اشترط عليه تاجر المخدرات الذي عمل كسائق وناقل لديه قبل أن يبدأ العمل في نقل وتهريب المخدرات أن ترافقه عائلة أثناء عمليات النقل للمخدرات من منطقة العبر بمحافظة حضرموت إلى محافظة صنعاء، تماماً كما حدث مع (س. ب) الذي اضطر إلى اصطحاب اخته المريضة معه.


*أخبر صديقه المعاق أنه يعمل في تجارة السيارات!!
فكر (ي.ح) مليا في مسألة اصطحاب عائلة معه واحتار في ذلك كثيراً، ولإنه لا يرغب في الانغماس في العلاقات المشبوهة مع جنس النساء من خلال اصطحاب بعضهن معه في رحلات النقل لكميات المخدرات، واستخدامهن كدرع بشري يحتمي به أثناء سفرياته، فقد فكر بطريقة رجال الأمن كونه كان احدهم، وعرض الفكرة على صديقه المعاق (أ. ش) بعد أن أفهمه أنه يسافر إلى المحافظات الجنوبية من أجل تجارة السيارات وأعمال التخليص الجمركي، وبالطبع وافق صديقه (أ. ش) على العرض وبدأ السفر مع (ي. ح) مصطحبا معه زوجته التي هي الأخرى رحبت بالأمر بالإضافة إلى طفليهما والمقابل الذي سيحصلون عليه من السائق (ي. ح) مقابل مرافقتهم له هو مبلغ ١٠٠ ألف ريال يمني مقابل كل رحلة بالإضافة إلى مصاريف الاقامة في الفندق ونفقات المأكل والمشرب.
* خمسة آلاف ريال سعودي مقابل نقل ١٠٠ كيلو حشيش مخدر!!
يقول (ي. ح): (اتفقت مع وكيل تاجر المخدرات الذي يدعى (م.ش) على نقل كميات المخدرات التابعة لموكله تاجر المخدرات (ح. ر) والذي يسكن في محافظة مأرب وهو من أهالي محافظة الجوف مقابل (٥٥٠٠) خمسة ألف وخمسمائة ريال سعودي لكل كمية (١٠٠ قالب/كيلو) من مادة الحشيش المخدر أقوم بنقلها على متن السيارة التابعة لهم نوع باجيرو لون أبيض موديل ٢٠١٦م بشرط الاحتماء بدرع بشري يرافقني في رحلات النقل وذلك لغرض ضمان أكبر لوصول شحنات المخدرات والتمويه والتعمية على رجال الأمن في نقاط التفتيش، وقد كان الأمر بغاية السهولة، حيث كان صديقي المعاق (أ.ش) يحضر زوجته وطفليه معه ونسافر معا وعند وصولنا إلى منطقة العبر أتركهم في الفندق ثم أذهب بمفردي على متن السيارة وأقوم بتحميل كميات المخدرات واخفاءها في خزان الوقود الاحتياطي في منتصف السيارة تحت الكرسي الأوسط ثم أعود وآخذهم من الفندق ونعود إلى صنعاء، وبدون أن يعترضنا أحد أثناء مرورنا في نقاط التفتيش الأمنية والسبب وجود العائلة برفقتي.



* تضاعفت نسبتي بسبب صديقي المعاق وعائلته!!.
ويضيف (ي.ح): بعد أن حققت نجاحا كبيرا في نقل كميات كثيرة من المخدرات تضاعفت نسبتي المادية حتى وصلت إلى مبلغ (٨٠٠٠) ثمانية ألف ريال سعودي لكل كمية ١٠٠ قالب/كيلو من المخدرات أقوم بنقلها وتهريبها وكل ذلك بفضل وجود صديقي المعاق (أ.ش) الذي يرافقني هو وأسرته أثناء الرحلات. وهكذا حتى تم القاء القبض علينا أثناء حملة تفتيش صارمة وتشديد كبير في إحدى النقاط الأمنية..

*كنت مخدوعا!!
يقول (أ.ش) المعاق الذي يرافق (ي.ح) مع اسرته: لقد اكتشفت أنني كنت مخدوعا وتم استغلالي أنا واسرتي بعد أن تم القاء القبض علينا برفقة المدعو (ي.ح) والذي كان يستخدمنا كدرع بشري يحتمي به أثناء قيامه بنقل كميات المخدرات، ولعل السبب الأول في ذلك هو اعاقتي وعدم قدرتي على العمل بسهولة بالإضافة إلى فقرنا واحتياجاتنا المادية التي تضاعفت بسبب الحرب وقد كنت غبيا عندما كنت اصدقه وهو يقول أنه يسافر بسبب تجارة السيارات وأعمال التخليص الجمركي لها ولم اكلف نفسي أن أسأله في أي رحلة عن ضرورة أن نرافقه أنا واسرتي مادام عمله هو تجارة السيارات ولماذا يحتاج أن ارافقه أنا وعائلتي؟ وبدلا من ذلك كنت أفرح أنا واسرتي بذلك المبلغ الذي كنا نحصل عليه مقابل مرافقتنا له، لقد تم استغلالنا واستغلال حاجتنا الماسة للمال التي زادت بسبب الحرب وبأبشع صورة ممكنة لكن ما فائدة معرفة ذلك بعد وقوع المحذور، فقد أصبحت أنا وزوجتي الان خلف القضبان ولكنه من المؤكد سيكون درسا للزمن..

*لقمة سائغة مقابل لا شيء!
ويضيف (أ.ش): لقد كنت سعيدا أنا وعائلتي نتعاون في كسب قوتنا اليومي وتدبير احتياجاتنا بالطرق المشروعة والكسب الحلال نأكل من عرق جبيننا ونربي طفلينا على اللقمة الحلال لكن الطمع اعمانا وجعلنا نصدق كذبة الحصول على لقمة سائغة سهلة مقابل أن نعمل لا شيء، ولم نكن نعلم أن غاية صديقي من مرافقتنا له أنها نقل وتهريب المخدرات لحساب سيده تاجر المخدرات الذي يعمل لديه".
* من بيع الشاورما إلى نقل المخدرات!
يحكي السائق (أ.ن) قصته في نقل وتهريب مادة الحشيش المخدر باستخدام الدروع الناعمة ويقول :في البداية كنت أعمل على شواية شاورما في إحدى الكافتيريات بمنطقة التحرير بصنعاء، لكن هذا العمل لم يكن يكفي عائده بالكاد لاحتياجاتي الشخصية، بل كان تافها لا يذكر، وبذات يوم دخلت إلى صالون الحلاقة المجاور للكافتيريا لحلاقة شعري عند صديقي الحلاق، وكانت مصادفة أن وجدت لديه زبونا على وشك الإنتهاء من الحلاقة، كان الزبون يحلق شعره ويتحدث بعصبية في هاتفه مع سائق يعمل لديه كما فهمت من حديثه، وعند إنتهاء المكالمه تحدثت إلى هذا الزبون وسألته" هل توظفني عندك؟ "فقال" هل تعرف تسوق سيارة؟ " فقلت نعم، وحينها بادر الحلاق بتزكيتي لدى زبونه وعرفني إليه وكان اسمه (م . ش) وانتظرت لحظات حتى إنتهى من الحلاقة وخرجت معه واتفقنا على البدء في العمل من اليوم التالي، وسلمني بعدها سيارة برادو وطلب مني أخذها إلى الورشه لفحصها وقمت بأول رحلة لي في نقل مادة الحشيش المخدر وسافرت إلى منطقة العبر بحضرموت لوحدي على متن السيارة وقابلت أشخاصاً هناك في الطريق الصحراوي قاموا بوضع كمية ١٠٠ مائة قالب/كيلو حشيش مخدر على متن السيارة في خزان البترول الاحتياطي المخفي تحت كرسي الوسط وعدت بها إلى صنعاء..

* إذا اردت العمل لابد من إمرأة ترافقك!
بعد أن سلمت كمية المخدرات لصاحب العمل (م. ش) اتفقنا على الرحلة الثانية بعد يومين وسافرت وعندما وصلت إلى مدينة ذمار إتصل بي المدعو (م.ش) وقال لي توقف لاتواصل الرحله إلا ومعك إمرأة ترافقك فتوقفت واتصلت بصديقي المقرب جداً مني في صنعاء وأخبرته بالأمر وطلبت منه أن يبحث لي عن رفيقة ترافقني في رحلتي من مدينة ذمار وانتظرت بعدها ثلاث ساعات ثم جائتني شابة في العشرينات بعد أن تواصلت معها بالهاتف وركبت معي على متن السيارة وانطلقنا خط رداع البيضاء إلى منطقة العبر..


*عقد زواج فوتوشوب!
في الطريق اتصلت بصديقي وطلبت منه أن يبعث لي عقد زواج فقام بتجهيز عقد بالفوتشوب وتعديل عقد زواج سابق باسمي وأرسله لي على الواتساب وتعارفنا على الطريق انا والشابة (هـ.ع) وأخبرتها باسم مستعار لي وعندما وصلنا منطقة العبر ذهبت إلى محل طباعة أوراق وكمبيوتر واستخرجت عقد الزواج من الهاتف وطبعته على الورق ودخلت الفندق مع الشابة (ه.ع) بموجبه وانتظرنا معاً في الغرفة حسب توجيهات صاحب العمل(م.ش) لي بعدها جاءني إتصال في الصباح الباكر من اليوم التالي وقاموا بتوجيهي فتركت الشابة في غرفة الفندق وخرجت لتحميل كمية الحشيش المخدر على متن السيارة وعدت لأخذ الشابة من الفندق وعدت إلى صنعاء وكنت أعبر النقاط الأمنية بكل سهولة بعد أن قامت الشابة بلبس نظارة شمسية على وجهها وكشفت نقابها وبقيت بالحجاب فقط فكان شكلها يبهر الجنود ونعبر من كل نقطة بدون تفتيش أو توقيف حتى وهكذا حتى وصلنا مدينة ذمار فدفعت للشابة مبلغ خمسين ألف ريال يمني رغم أننا إتفقنا على مبلغ ثلاثين ألف ريال فقط لكنها كانت مفيدة جداً وسهلت لي الرحلة والعبور من نقاط التفتيش وواصلت رحلتي إلى صنعاء وسلمت الكمية.

* نقل وتهريب المخدرات بعقد زواج عرفي!.
وانتظرت بعدها الإتصال الذي يوجهني بالسفر وقد حذرني صاحب العمل من السفر بلا إمرأة إلى جانبي ترافقني في رحلتي وإن لم افعل ذلك فسوف يلغى الإتفاق الذي بيني وبينه وسافرت بعدها أكثر من مرة لنقل الحشيش وفي كل رحلة كان صديقي (م.ع) يقوم بالتنسيق لي مع فتاة من معارفه وظل الأمر هكذا حتى مللت فاقترحت على صديقي بأن أتزوج عُرفي لغرض عدم إرتكاب الحرام والشعور بالأمان أيضاً وقد فعل ما أردته منه ووجد فتاة يتيمه الأب من أسرة بسيطه سبق لها الزواج من قبل ووافقت على الارتباط سراً بي وبعقد زواج عرفي وكنت أستخدمها كدرع بشري يحميني أثناء سفري من عدم التعرض لي وايقافي في نقاط التفتيش ومكثت معها فترة لابأس بها من الوقت حتى مللت من الروتين نفسه..


* زواج عرفي للمرة الثانية!
مع إزدهار العمل معي وتوفر السيولة المادية الكافية اقترحت على صديقي الزواج بفتاة أخرى بنفس الطريقة السابقة (عقد عرفي) وقد اختار لي فتاة أخرى وجدها مثل المرة السابقة عن طريق معارفه وبعد طرح الأمر عليها وافقت على الزواج بعقد عُرفي وأسكنتها مع زوجتي الأولى في شقة واحدة ومع الوقت زاد إعجاب رب العمل بي وبطريقتي في العمل فزاد لي من السيولة المادية أكثر وأكثر وهكذا. وهذه قضيتي مع الدروع البشرية التي استخدمتها في عملي وأثناء قيامي بنقل المخدرات من المحافظات الأخرى إلى العاصمة...

خاتمة
في السنوات الأخيرة ومنذ بداية الحرب في اليمن ازدادت عمليات ضخ المخدرات نحو المحافظات الشمالية قادمةً من محافظات الجنوب وبشكل يدعو للريبة حول خلفيات هذه العمليات وأسباب ازدهارها خصوصاً منذ بداية الحرب، كما يزداد الأمر ريبة أن أسياد هذه التجارة المحرمة في محافظات الجنوب يسرحون ويذهبون ويجيئون بكامل حريتهم لكأنما يملكون حصانة دبلوماسية تقيهم تعرض رجال الأمن لهم رغم أنهم معروفون شمالاً وجنوباً بنوع أعمالهم واشتغالهم في مجال المخدرات.. إلا أن المؤكد أن ثمة إدارة خفية لقوى خارجية لتكون هذه الحرب حرباً ممنهجة يصبح كل شيء فيها مباحا حتى ولو كان على حساب القيم الإنسانية الأصيلة.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي