فوز بايدن بالرئاسة دون فوز حزبه بـ"الشيوخ" سيقيّد أجنداته

2020-10-09

مجلس الشيوخ الأمريكي

بالرغم من أنَّ أنظار العالم تتجه إلى معركة دونالد ترامب للفوز بولاية رئاسية ثانية ضد خصمه جو بايدن، هناك معركة أخرى لا تقل أهمية عنها على عضوية مجلس الشيوخ الأمريكي، والتي تصل لذروتها في 3 نوفمبر/تشرين الثاني أيضاً.

وحتى إن فاز بايدن على ترامب، فلن يكون قادراً على تمرير أي تشريع يتعلق بالقضايا المهمة مثل الرعاية الصحية، والهجرة، والتغير المناخي، ما لم يتزامن فوزه مع اكتساح الديمقراطيين لانتخابات مجلس الشيوخ، الذي يسيطر فيه الجمهوريون حالياً بأغلبية 53 مقعداً مقابل 47.

ما الذي يحتاجه الديمقراطيون لتحقيق ذلك؟

وتقول صحيفة The Guardian البريطانية إنه يمكن للديمقراطيين تحقيق ذلك؛ إذ يبدو أنَّ مرشحيهم في ولايتي أريزونا وكولورادو يتمتعون بحظوظ جيدة في وجه الخصوم الجمهوريين الحاصلين على العضوية حالياً. ولا يتمتع بفرص ضئيلة في الربح من المرشحين الديمقراطيين سوى عضو حالي في ولاية ألاباما، وذلك وفقاً لآخر نشرة توقعات من موقع The Cook Political Report.

ويعتمد عدد المقاعد الإضافية، التي يحتاج إليها الديمقراطيون للفوز بأغلبية الأصوات، على من سيفوز بالبيت الأبيض؛ لأنَّ أي تعادل في مجلس الشيوخ من 50 مقعداً مقابل 50 مقعداً، سيكسره نائب الرئيس الحالي. وإذا فاز ترامب بولاية ثانية، فربما يحتاج الديمقراطيون إلى 3 ولايات، بالإضافة إلى أريزونا وكولورادو لحصد الأغلبية، لكن إذا فاز بايدن، فربما لن يحتاج الديمقراطيون إلا إلى ولايتين إضافيتين فحسب.

ويُقال "ربما" لأنَّ هناك ما يكفي من الوقت لتُغيّر سباقات أخرى غير مذكورة هنا حسابات القوى.

من أين ستأتي هذه المقاعد؟

هناك 5 منافسات تتساوى الحظوظ فيها حالياً، وفقاً لنشرة توقعات The Cook Political Report، هي: ماين ونورث كارولينا وآيوا وجورجيا ومونتانا.

ويركز الديمقراطيون على الفوز في ماين ونورث كارولينا وآيوا. ففي هذه السباقات الثلاثة، يبدو أنَّ الجمهوريين الحاصلين على العضوية حالياً تأثروا من تراجع شعبية ترامب، بينما يمكن أن يستفيد منافسوهم الديمقراطيون من الإقبال الكبير للمُصوِّتين الذين يرغبون في رؤية ترامب يُهزَم.

إلى جانب ذلك، تسبب الاتجاهات الديموغرافية الواسعة المتاعب للجمهوريين في أنحاء الدولة، إذ تراجع عدد النساء اللاتي يرغبن في دعم ترامب في انتخابات 2020، وبالمثل يتخلى عنه الناخبون في الضواحي، وفقاً لاستطلاعات الرأي، ويتراجع التأييد لترامب حتى بين البيض من خريجي الجامعات.

وفي ولاية ماين، يبدو أنَّ السيناتورة الجمهورية الحالية سوزان كولينز، التي تشغل مقعدها منذ فترة طويلة، أصبحت على خلاف أخيراً مع الناخبين، الذين قال معظمهم إنهم لا يؤيدون تصويت سوزان لاعتماد بريت كافانو، وهو ثاني اختيار لترامب، للانضمام إلى المحكمة العليا.

وفي ولاية كارولينا الشمالية، دافع السيناتور الحالي، توم تيليس، عن طريقة تعامل ترامب مع أزمة فيروس كورونا المستجد، في حين قال غالبية الناخبين إنهم دعموا حاكم الولاية الديمقراطي في صدامه مع ترامب بشأن قواعد الصحة العامة لاستضافة المؤتمر الوطني الجمهوري.

وفي حين بدا من الصعب التغلب على الجمهوري جوني إرنست في وقت سابق من هذه الدورة الانتخابية، لكن تضرر موقفها أيضاً من الدفاع عن سياسات ترامب للتعامل مع الجائحة، وفي المقابل، أظهرت منافستها تيريزا غرينفيلد قوة غير متوقعة.

لكن مع بقاء شهر على الانتخابات، لا تزال هناك فرصة ليتغير هذا السباق وغيره تغيراً جذرياً. ويأمل الجمهوريون في أن يؤدي الصراع السياسي حول المرشحة للمحكمة العليا إيمي كوني باريت إلى تحفيز الناخبين المحافظين، تماماً مثلما حدث في الخلاف على كافانو في انتخابات التجديد النصفي لعام 2018. ويمكن للتداعيات السياسية في اللحظات الأخيرة من المناقشات، أو أزمة "كوفيد-19″، أو الاقتصاد أو بعض التحولات غير المتوقعة، بدورها، أن تُغيِّر مجرى السباقات أيضاً.

المرشحة للمحكمة العليا إيمي كوني باريت

المجلس الذي يحدد "مركز القوة" في أمريكا

وإذا فاز ترامب بالرئاسة وخسر الجمهوريين للشيوخ، فإن الرئيس سيكون في طريقه لمواجهة واقع جديد مختلف عن السابق، وبالنسبة إلى الرئيس الذي نال تأييدا مطلقاً من نواب حزبه في جميع سياساته المثيرة للجدل خلال فترة حكمه، بدءًا من الانسحاب من الاتفاقات الدولية الكبرى للتجارة والمناخ ومحاولة تعطيل النظام العالمي، ومروراً بالتجاهل العلني للديمقراطية وحقوق الإنسان واحتضان الحكام المستبدين، بالنسبة إليه فإن وجود كونغرس ديمقراطي معارض لن يكون تحديا سهلاً على الإطلاق.

فرغم التآكل المتزايد لسلطة الكونغرس في السياسة الأمريكية، بفعل الاصطفاف الحزبي المتزايد والدواعي الانتخابية التي صارت تحكم قرارات النواب أكثر من أي وقت، والصلاحيات المتوسعة التي نالها الرؤساء منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2001، رغم كل ذلك فلا يزال الكونغرس يملك سلطة كبيرة في الرقابة على سياسات أي إدارة أمريكية، بما في ذلك صلاحية إعلان الحرب أو وقفها، والقدرة على تنظيم القوات المسلحة وتنظيم التجارة والهجرة، وذلك من خلال أداتين رئيسيتين، الأولى هي الامتناع عن الموافقة على أي تشريعات تطلبها الإدارة تتضمن سياسات مثيرة للجدل والسعي لإقرار تشريعات مضادة، أما الأداة الثانية فهي قوة الموازنة، حيث يستطيع المجلس تمويل البرامج التي يدعمها وحجب الأموال عن تلك التي لا يدعمها.

وقد أثبتت تجارب السياسة الأمريكية أن الكونغرس القادم من حزب منافس لحزب الرئيس، يمكن أن يفعل الكثير لتقييد صلاحيات الرئيس، ففي السبعينات، ورداً على تجاوزات الرئيس نيسكون في ووترجيت، تحركت الأغلبية الديمقراطية لتقييد الرئاسة من خلال سلسلة تشريعات، جاء على رأسها قانون "سلطات الحرب" الذي حد من صلاحية الرئيس في استخدام القوة العسكرية دون موافقة الكونغرس، إضافة إلى قانون الميزانية الذي عزز قدرة الكونغرس على إدارة عملية الموازنة، وحد من قدرة الرئيس على الإخلال بالقرارات المتعلقة بالتمويل، وكذلك قانون مراقبة تصدير الأسلحة الذي منح الكونغرس صلاحية عمل مراجعة شاملة لصادرات الأسلحة، وقانون مراقبة الاستخبارات الأجنبية الذي أنشأ إطارا جديدا للإشراف على خطط المراقبة الإلكترونية بحجة الأمن القومي، كما استحدث الكونغرس آنذاك لجنة خاصة للرقابة على أجهزة الاستخبارات.

وفي التسعينات، قام الكونغرس الجمهوري بتحدي خطة للرئيس الديمقراطي بيل كلينتون لإدارة الشؤون الخارجية، واستخدم ضغوط الميزانية لفرض خطة لإعادة هيكلة الوزارة.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي