استراتيجية هانكوك.. اطلب المستحيل ثم أَلقِ اللوم على الآخرين

2020-09-17

وزير الصحة البريطاني يلوم الآخرين على فشل سياسته

حين ينظر معظم الناس إلى مات هانكوك فإنهم يرون شخصاً يخدم في حكومة تقف على طرفي نقيض مع كل شيء يؤمن به، لأنه يولي تطوره المهني أهمية أكبر من قيمه.

من ناحية أخرى، أشك في أن مات هانكوك يرى نفسه جاسوساً على بريكست من الداخل، كما فعل دون براسكو، عميل "مكتب التحقيقات الفيدرالي" الأميركي، مع المافيا. أي أنه شخص جيد، يفعل الشيء الصحيح، ويبقي الأشخاص السيئين تحت السيطرة.

تكمن المشكلة في أن سلسلة أحداث تفشي فيروس كورونا غير المتوقع قد عززت التغطية التي يتخفى وراءها، وساعدته على الذهاب باختراقه بعيداً إلى درجة لم يعد معها أفراد أسرته المقربون أنفسهم يعرفون في أي جانب هو يقف فعلاً.

ويمكنه أن يؤدي دور الطعم ولعبة توجيه اللوم إلى غير أصحابه بنجاح لا يقل عن أي شخص آخر، كما ثبت مرة أخرى، من خلال تقديمه تحديثاً آخر عن جائحة فيروس كورونا لمجلس العموم، وكان ذلك لمناقشة "عملية مونشوت" (وهي خطة حكومية لإجراء اختبارات فيروس كورونا على نطاق واسع).

إن الخطة واضحة حالياً، وحتى أنه من الممكن القول إنها فعالة. وتتمثل الخطة المرسومة للتعامل مع فيروس كورونا، في وضع خطة واضحة ومنطقية مئة في المئة. وتشتمل على نظام اختبار ضخم، يدعمه نظام تتبع واختبار بمعايير عالمية، فضلاً عن بنية عالية الاستجابة تشتمل على احتواء حالات تفشي الفيروس في مناطق بعينها.

وحين يتجرأ أي كان، وخصوصاً حزب العمال، على الإشارة إلى أن أياً منها لا يعمل في الحقيقة، فإن من الممكن توجيه اللوم له باعتباره لايقدم الدعم الكافي، ولأن مواقفه متأرجحة إذ يقول شيئاً هذا الأسبوع ونقيضه في الأسبوع التالي.

وهذه تعد إستراتيجية يضعفها جزئياً الواقع غير المواتي، التي سمحوا لأنفسهم بصورة عرضية في الوقت الذي كانوا يتابعونها، أن يصبحوا مثالاً لعدم الكفاءة والكذب. وأي فائدة وفرها الشك ذات يوم بإمكان تحسن أدائهم، قد ضربوا بها عرض الحائط من طريق حوادث مؤسفة مثل قيادة السيارة إلى بلدة برنارد كاستل Barnard Castle لإجراء فحص النظر ( كما ادعى دومينيك كامينغز كبير مستشاري جونسون)، وفشل نتائج الثانوية العامة المتقدمة (مستوى أ) فشلاً ذريعاً استقال بسببه كل من له علاقة باستثناء المسؤول الأول عنه.

في لحظة ما، وبينما كان هانكوك يتكئ على منبر المتحدثين في مجلس العموم، ويهنئ نفسه بنجاح برنامجه لإجراء اختبارات جماعية للفيروس، الذي يشتمل على سفر أبناء لندن الى إنفيرنيس في أقاصي شمال اسكتلندا في شمال المملكة المتحدة كي يخضعوا للاختبار في مراكز يمكنهم دخولها بسياراتهم، قال الوزير فعلاً الكلمات التالية إن "حزب العمال يجب أن يعرف البرنامج ويلتزمه".

لم يوضح مباشرة أي برنامج ينبغي بهم التعرف عليه والانخراط فيه. وما إذا كان المقصود هو تطبيق تتبع المخالطين الذي لاوجود له؟ أم هو برنامج الاختبار والتتبع الذي تتراوح نسبة فعاليته حالياً بين 62 في المئة و 69 في المئة، مع أنها كانت يجب أن تصل إلى 80 في المئة حتى يصبح قابلاً للاستعمال؟ (وصف السيد هانكوك إدعاء الـ60 في المئة بأنه ببساطة "غير صحيح". غير أن خدمة "فول فاكت" Full Fact للتدقيق في الحقائق اعتبرته "صحيحاً". وللمرء أن يختار ما يراه مناسباً".

أم أنه برنامج "عملية مونشوت"  الذي يكلف 100 مليار جنيه إسترليني (أي حوالي 125 مليار دولار أميركي)، وسينفذ 10 ملايين اختبار يومياً بحلول رأس السنة، والذي سيُبنى بفضل تقنيات غير موجودة للآن، ولاعلاقة له بأي شيء اقترحته أي دولة أخرى كطريقة قابلة للتطبيق بغرض المضي إلى الأمام؟

كان الحديث عن  "عملية مونشوت" بالتحديد هو ما أثار ضحك نواب المعارضة، ما حمل هانكوك على الإعلان عن عزمه على "الابتعاد عن نصي الذي أعد سلفاً".

وقال "لقد سمعت الرافضين من قبل... سمعتهم يقولون، إننا لن نبدأ بإجراء الاختبار. وعارضوا الاختبارات الـ 100 ألف، وهل أجريناها؟ نعم لقد فعلنا".

لم يعد ثمة قيمة لكونهم لم يعارضوه. كما أن لا قيمة  لما بات معروفاً حق المعرفة بأن هانكوك كان فقط قادراً على الإعلان بشكل لاهث عن النجاح في تحقيق هدف إجراء 100 ألف اختبار في اليوم، من خلال وضع عشرات آلاف الاختبارات في الموقع خلال اليوم السابق على إجرائها.

الأمر الذي تجدر الإشارة إليه، هو أن تحول هانكوك قد اكتمل حالياً. إنه الآن واحد منهم، وعلى الرافضين والمتشائمين والسوداويين أن يعتادوا على ذلك.

وإذا كنتَ واحداً من الأشخاص الذين لايزالون يتشبثون بالحقيقة والواقعية، فحسناً، لم يعد مات هانكوك في صفك، هذا إن كان قد وقف إلى جانبك على الإطلاق.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي