نيويورك تايمز: تطبيع البحرين والإمارات مع إسرائيل صدفة ومدفوع بالعداء المشترك لإيران

2020-09-13

قالت صحيفة “نيويورك تايمز” في تقرير لمراسلها مارك لاندلر، إن إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الجمعة عن اتفاق سلام بين البحرين وإسرائيل لم يكن نتيجة أشهر من الدبلوماسية المكوكية الحساسة لإدارته ولا مفاجأة غير متوقعة، فقادة دول الخليج وإسرائيل يقيمون منذ سنوات علاقة جمعهم فيها العداء المشترك لإيران، ويخافون من الفراغ الذي ستتركه أمريكا في عمليات تفكيك علاقاتها مع المنطقة.

ويرى السفير الأمريكي السابق في إسرائيل مارتن إنديك أن ما حدث هو “مهم إستراتيجيا ولا علاقة له بالسلام”. وحثت إدارة ترامب هذه القوى ورأت فيها فرصة لتحقيق تقدم على الجبهة التي فشلت فيها وهي تحقيق اتفاقية سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

وكان توثيق علاقات مع السعودية وجاراتها في الخليج مكونا رئيسيا في استراتيجية ترامب وكذا رغبته ببيع السلاح لها. لكن اتفاقيات السلام الأخيرة مصادفة أكثر منها كد وعمل شاق عبّد الطريق لعملية التوقيع في البيت الأبيض يوم الثلاثاء المقبل.

وبدأت دول الخليج بفتح العلاقات مع إسرائيل بعد اتفاقية أوسلو التي وقعتها منظمة التحرير الفلسطينية عام 1993. وافتتحت تلك الدول ممثليات تجارية متبادلة مع تل أبيب، مع أن معظمها أغلق بعد الانتفاضة الثانية عام 2000.

وزادت العلاقة قوة بعد عقد من الزمن، عندما اعتبرت إسرائيل ودول الخليج إيران عدوا مشتركا. وفي عام 2015 سمحت الإمارات لإسرائيل بفتح مكتب لها في أبو ظبي التي أصبحت مقرا للوكالة لدولية للطاقة المتجددة.

وعملت قطر مع إسرائيل للتوسط في وقف إطلاق النار في غزة، واستقبلت سلطنة عمان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عام 2018.

وترى دول الخليج في إسرائيل حاجزا لها ضد تراجع الدور الأمريكي في المنطقة، وشريكا تجاريا غنيا باقتصاد قوي وتكنولوجيا متقدمة. وبالنسبة لإسرائيل فعلاقات مع دول الخليج تفك عزلتها وتخفف من الضغوط عليها للتفاوض مع الفلسطينيين لإنشاء دولة، خاصة أن الدعم العربي للفلسطينيين ظل عمادا في هذه الدعوات.

وتقول الصحيفة إن مبادرة ترامب للسلام أعطت وبشكل متناقض الفرصة لدول الخليج كيف تفتح علاقات مع إسرائيل. فالمبادرة التي أعلن عنها ترامب كانت تميل وبقوة لصالح إسرائيل ومنحتها الضوء الأخضر لضم مناطق واسعة من الضفة الغربية.

ولو حدث الضم لكان ضربة للمبادرة العربية التي طرحت السلام الشامل مقابل الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية.

وأشارت الصحيفة إلى المقالة التي كتبها الدبلوماسي الإماراتي وسفير أبو ظبي في واشنطن، يوسف العتيبة، في صحيفة إسرائيلية حذر فيها من مخاطر الضم على علاقات إسرائيل مع دول الخليج. وتواصل العتيبة مع جارد كوشنر، مستشار ترامب، ونقل إليه نفس الرسالة. وقَبِل كوشنر الباحث عن نجاح بعد سنوات من الفشل الرسالة.

ولدى الإماراتيين سبب آخر للتطبيع وهو الحصول على صفقات أسلحة بما فيها طائرات “إف-35″  و”ريبر” ومقاتلات “إي إي-18 جي غراولر”. ويقول المحللون إن تطبيع الإمارات مع إسرائيل قد يساعدها في الحصول على نظام دفاع جوي.

ويتوقع أن تتبع دول أخرى الإمارات والبحرين، فهناك عُمان والسودان. لكن قرار البحرين محير نظرا لاعتمادها على جارتها القوية السعودية. ولم يكن الملك حمد بن عيسى آل خليفة ليتحرك بدون موافقة سعودية، مما دفع المحللين للقول إن تطبيع البحرين هو بمثابة مؤشر لتحرك سعودي قريب نحو التطبيع.

واتخذت السعودية خطوات رمزية مثل فتح أجوائها للطيران الإسرائيلي. وعبّر ولي العهد محمد بن سلمان عن استعداد للاعتراف بإسرائيل، مع أن تصريحاته كان يناقضها والده الملك سلمان، الذي أكد على دعمه للفلسطينيين والموقف العربي من التطبيع.

ووضع ترامب السعودية في قلب جهوده الدبلوماسية. وكانت أول زيارة له بعد انتخابه إلى الرياض. وتباهى بتوقيعه صفقات أسلحة بمليارات الدولارات، ودافع عن محمد بن سلمان الذي أمر بقتل الصحافي جمال خاشقجي.

ووافق السعوديون على المضي مع قرار ترامب بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس. ورغم التزامهم الكلامي بدعم الفلسطينيين وقضيتهم، فإنهم أقل التزاما بالدعم اليوم عن الماضي، ويرون أن مواجهة إيران أهم من تغذية عداء قديم مع إسرائيل.

وراهن ترامب وصهره على اعتراف سعودي. ولو حصل هذا لكان جائزة على غرار كامب ديفيد وأوسلو. ولكن السعوديين يتعاملون بجدية مع مبادرتهم التي قدموها وتبنتها الجامعة العربية عام 2002. ويعتمد الكثير على نتائج الانتخابات الأمريكية، ولكن وقف الضم ولو مؤقتا يعني إمكانية لعودة المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين حسبما يقول إنديك.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي