القميص الأبيض في القرن العشرين

2020-09-02

مع نهاية الحرب العالمية الأولى ومع التبدلات الإجتماعية الكبرى التي حدثت، ظهر قميص الأبيض بتصميم أكثر إنسيابية ونعومة وبموديلات تتناسب مع الملابس الأقل رسمية.

واحد من الأشخاص الذين لعبوا دوراً في مسار القميص الأبيض التاريخي هو أمير   أمير ويلز إدوارد الثامن الذي كان معروفاً بحسه الخاص في الموضة وغالباً ما كان الجميع يقلده في أنماطه التي يعتمدها. أمير ويلز كان يكره القمصان البيضاء فإستبدلها بقمصان واسعة ملونة وناعمة. خياره «الملون» أدى إلى نقلة نوعية في عالم موضة الرجال في تلك الفترة وجعل القميص الأبيض يفقد المزيد من شعبيته.

ولكن ورغم كل هذه التبدلات استمر الربط بين القميص الأبيض وبين الأخلاق والرصانة والاحترام. واقع تعزز في العام ١٩٢٤ مع رائد الأعمال والعالم والوالد المؤسس لـ «أي بي أم» الذي فرض زياً موحداً على موظفيه قائم على إعتماد القميص الأبيض أسفل السترة. الرجل التقليدي هذا الذي كان يؤمن برمزية القميص أصر على إعتماده من قبل الموظفين العاملين لديه وهذا الأمر عزز الصلة التي كانت بين القميص الأبيض وصفات الجدية والإحترام والرصانة.

 النقلة النوعية الثانية للقميص خلال هذه الفترة كانت مع دخول الأقمشة الصناعية الى القمصان وذلك في خلال الفترة الممتدة بين نهاية ١٩٥٠ و بداية ١٩٦٠.

لاحقاً ومع نهاية ١٩٦٠ وبداية الـ ١٩٧٠ بدأت أنماط الزهور المختلفة تغزو القمصان وأصبحت الياقات أكثر عرضاً. القميص الأبيض لم يعد شائعاً ولكنه إحتفظ برمزيته كلباس «مناسب ومحترم» وسط الكم الهائل من القمصان الملونة.

مع بداية الثمانينيات ظهرت ولفترة وجيزة القمصان البيضاء بالنمط الرومانسي وإنما مع إضافات وكانت عبارة عن قمصان واسعة مع زركشة على الجهة الأمامية. شهرة هذه القمصان جاءت بعد أن إعتمدتها فرقة «سبانديو للباليه»، ورغم كونها غير مألوفة وباهظة الثمن لكنها راجت بشكل كبير وإنما لفترة وجيزة.

خلال ما تبقى من الثمانينيات ظهر مبدأ «قوة الملابس »وبدأت دور الأزياء ومنها «هوغو بوس» بإعادة طرح القميص الأبيض وربطه بالقوة والبرستيج.. وهكذا إستعاد القميص مكانته وعاد ليكون رمزاً للسلطة والثراء ليس بسبب اللون فحسب وإنما بسبب نوعية الأقمشة المستخدمة والموديلات أي باختصار الماركة.

القرن الحادي والعشرين

تبدلات كثيرة طرأت بدلت الكثير من المفاهيم خلال القرن هذا. نمط الحياة بات أكثر سرعة وبالتالي كان هناك حاجة للتعديل والخروج بقمصان بيضاء تتناسب مع وتيرة الحياة الجديدة.

الحياة الجديدة خلال هذه الفترة بدلت مفهوم «رجال الأعمال» فظهرت فئة جديدة من الشباب الذين حققوا نجاحات كبيرة وثروات طائلة. هذه الفئة لم تكن تريد القميص الأبيض الفاخر الذي يعتمده رجل الأعمال التقليدي بل تريد قميصاً أبيضاً عملياً غير تقليدي يعبر عنها وعن نظرتها للحياة وللأعمال. وهكذا ومع ظهور رجال أعمال غير تقليديين على رأس مؤسسات غير تقليدية ظهرت القمصان البيضاء الهجينة التي تجمع بين سمة الرسمية وغير الرسمية لتتناسب مع هذه الفئة وتوجهاتها.

التعديلات التي دخلت على القميص الأبيض والتي ما تزال نفسها حتى يومنا هذا هي أنه بات متعدد الإستخدامات فالتصاميم باتت تتيح للشخص بأن يعتمده في مكان العمل وبأن يعتمده للخروج لاحقاً لتناول العشاء مع الأصدقاء. التركيز أيضاً إنصب على ضرورة جعله عملي، وهكذا راجت القمصان المصنوعة من القطن الفاخر التي توفر الراحة والأناقة.

في المحصلة ما يمكن قوله هو أنه يسهل علينا إعتبار الأمور المتوفرة وبكثرة من حولنا من المسلمات، وغالباً ما ننسى بأن لها جذورا ضاربة في التاريخ وبأنها كانت يوماً ما لها مكانتها وقيمتها التي تختلف بشكل جذري عن قيمتها اليوم.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي