فضاء آمن للتعلم

طريقة التدريس القديمة لم تعد مناسبة في ظل كورونا

المصدر : الصحافة الأميركية
2020-08-31

يعتقد كثير من الآباء أن الطريقة القديمة في التدريس لم تعد مناسبة ما لم يتوفر علاج لفيروس كورونا؛ وبالتالي لماذا لا يتم اعتماد طريقة تحمي العائلات من المرض كما تحميها من أمراض أخرى مثل العنصرية؟

ويعد قول "انتقلنا إلى هنا لأجل المدارس" عائقا شائعا أمام عائلات الضواحي الأميركية الغنية بما يكفي لتحمُّل الضرائب المرتفعة التي تذهب لتمويل المدارس العامة ذات التصنيف الجيد، ولكنها ليست ثرية بما يكفي لإرسال أطفالها للمدارس الخاصة.

ونظرا لأن دخل الآباء السود أقل 40% من دخل الآباء البيض غير اللاتينيين (اللاتينون هم مواطنو الولايات المتحدة من أصول بلدان أميركا اللاتينية وإسبانيا)، ولأن الأسر ذات الدخل المزدوج من السود واللاتينيين تمتلك نصف مقدار ثروة الآباء العازبين البيض، فإن الأحياء ذات المدارس العامة الممولة بشكل مناسب تكون ذات أغلبية بيضاء.

فكرة جديدة للدراسة

في تقرير نشرته مجلة "ووركينغ ماذر" (workingmother) الأميركية، قالت الكاتبة ميريديث بودغاز إن هناك عواقب سلبية لهذا الأمر، ومن المرجح أن يقوم الآباء البيض بتكوين صداقات مع البيض في أحيائهم، وسيقوم الأطفال بفعل الشيء نفسه، بحيث لا يعترضهم أشخاص لا يشبهونهم لأعوام، وحين يتعرفون على أشخاص مختلفين قد يخافون منهم أو يكونون قساة معهم.

ويتم نبذ العائلات التي تنتمي للمجموعات الممثلة تمثيلا ناقصا في "المناطق ذات المدارس الجيدة". وحسب وانجيكو نجوروج، الأستاذ المساعد بمدرسة بيرلمان للطب في جامعة بنسلفانيا ومدير برنامج قسم الطب النفسي للأطفال والمراهقين والعلوم السلوكية في مستشفى الأطفال في فيلادلفيا؛ فإن الأطفال الصغار في عمر عامين ونصف العام يفضلون اللعب مع أطفال من العرق نفسه.

كما أن أطفال الآباء الذين لا يتحدثون عن العرق قد يربطون الاختلافات بأمور سلبية، وهذا يحدث في أنحاء الولايات المتحدة منذ عقود، ولكن الوباء جاء ليكسر هذا النمط.

تجارب التعلم عن بعد

كما أن قلة قليلة من الآباء كانت لديهم تجارب إيجابية للغاية مع التعلم عن بعد الذي فرضه فيروس كورونا على العائلات في مارس/آذار الماضي، وهذا لأن المعلمين لم يكن لديهم الوقت للتدرب على أفضل الممارسات، ولم يكن لدى الآباء الدعم الكافي من أماكن عملهم لدمج تعلم أطفالهم في جداولهم، حسب الكاتبة.

وتنوه إلى أنه لم يكن لدى الجميع التكنولوجيا اللازمة للنجاح، وكان الكل يشعر بالقلق من فيروس قاتل زعزع شعور العائلات بالأمان وأخل بالحياة الطبيعية. ومع ذلك يجب النظر للمخاطر الصحية لإعادة فتح المدارس كفرصة لتحسين التعلم عن بعد بطريقة تجعله الحل الأمثل، على الأقل بالنسبة لبعض العائلات.

ولكن، ماذا لو لم يكن التعليم الجيد مرهونا بالمكان الذي تعيش فيه ومقدار الضرائب الذي يمكن للوالدين تحمله؟ ماذا لو لم يتم توزيع الأقسام حسب العمر بل حسب القدرات والاهتمامات المشتركة، وحسب الخلفيات المختلفة؟

إنشاء فصول صغيرة عن بعد

تقترح الكاتبة إنشاء فصول صغيرة عن بعد تسجل العائلات بها من أي مكان في الولايات المتحدة للمشاركة في البرنامج التجريبي. كما يقوم أفضل المعلمين عن بُعد في البلاد بتدريس الأطفال الذين يُقسمون لمجموعات بعد تقييم نقاط القوة والضعف واهتماماتهم.

بعدها، تتم مطابقة المعلمين مع المجموعات على الأساس نفسه، مع مراعاة الجداول الزمنية المفضلة لدى الجميع لأن البرنامج لا يعتمد على مناطق صغيرة، فهناك مجموعة أكبر من المدربين الذين يمكن دمجهم مع الأطفال الذين سيتعلمون منهم بشكل أفضل وفي الأوقات الأكثر ملاءمة.

ويتلقى الطلاب أجهزة يمكنهم تشغيلها بأنفسهم، بدل الاعتماد على الآباء لمساعدتهم، وهذا من العوائق العديدة للآباء العاملين، كما أن الفصول المتنوعة والمختلفة عرقيًا واجتماعيًا تزيد التفاهم بين الأطفال من أوساط مختلفة.

وستظل فرص التواصل الاجتماعي باستخدام التكنولوجيا بين الأطفال لإجراء محادثات فردية واللعب كما يحصل في فترة الاستراحة، وستكون هناك أنشطة حركية يقوم بها التلاميذ من مواقع تعلمهم البعيدة.

لكن من غير الواضح إذا كانت الأنظمة المدرسية، المعتمدة في مدينة نيويورك ولوس أنجلوس، والتي ستواصل توفير التعلم عن بُعد في الخريف، ستعمل على تنويع الفصول الدراسية عمدَا؛ بأخذ تلاميذ من ذوي البشرة البيضاء من جزيرة ستاتن وتجميعهم مع الأطفال من ذوي البشرة السوداء من برونكس، وتدريسهم من قبل معلم لاتيني مثلا.

بدائل مقترحة

ولكن، ما مصير الأطفال الذين لا يستطيعون التعلم انطلاقا من المنزل لأن آباءهم يعملون؟ وماذا عن توجه هؤلاء الأطفال لمركز مخصص به غرفة واحدة حسنة التهوية بها مجموعة محدودة من الأطفال مقارنة بفصل مكتظ بمدرسة تقليدية؟

سيكون هناك شخص بالغ يحصل على أجرة -كما هي الحال لدى موظف يعمل في الرعاية النهارية- وظيفته أقرب لتقديم الرعاية أو المساعدة التكنولوجية من كونه معلما.

والهدف من ذلك منح الأطفال فضاء آمنا للتعلم لحين عودة الآباء من العمل، ولكن من دون البقاء ضمن مجموعات كبيرة من الأطفال والبالغين الذين يختلطون معا في المباني المدرسية التقليدية، ويزيدون احتمال انتشار الفيروس. وسيظل هؤلاء الأطفال يتلقون التعليم من قبل النظام الوطني عن بعد في مجموعات تعليمية منفصلة، رغم وضعهم المادي المشترك.

ربما يمكن تجميع الأموال التي تُخصص حاليًا لتعليم هؤلاء الأطفال بمناطقهم التعليمية المحلية أو بمراكز رعاية الأطفال، كما هو في مدينة نيويورك وتخصيصها لتمويل هذا البرنامج الوطني.

وقد تحتاج العائلات في المناطق التعليمية ذات الأداء العالي لحافز إضافي للانضمام لهذا المشروع، لأنهم لم يعودوا يتلقون الفوائد التي توفرها لهم منطقتهم.

وأضافت الكاتبة أن هناك فائدة أخرى تتمثل في تمكين المدرسين الذين يتركون المهنة لأنهم لا يشعرون بالأمان في المرافق المدرسية، أو لا يستطيعون توفير الرعاية لأطفالهم من المشاركة أيضا في البرنامج، مع ضرورة التفكير ماليا لتفعيل هذا المقترح.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي