"أندلسيات" عرض راقص يخرج النساء من ظلام التاريخ

2020-08-25

سرد بالجسد لكنه منقوص

تونس – ضمن فعاليات الدورة الـ46 لمهرجان البحر المتوسط بحلق الوادي، انتظم مساء الإثنين حفل تكريم للراقص المسرحي الراحل نجيب خلف الله من خلال عرض “أندلسيات” لنسرين الشعبوني، وذلك بفضاء دار الثقافة حلق الوادي في الضاحية الشمالية لتونس العاصمة.

في “أندلسيات” تسافر الفنانة الكوريغرافية والراقصة نسرين الشعبوني عبر الزمن إلى شخصيات نسائية أندلسية مؤثرة ساهمت في تغيير التاريخ وأثرت على كبار الأمراء والملوك.

يبدأ العرض المنفرد بديكور على هيئة مكتب مليء بالكتب التاريخية، تضعنا من خلاله الشعبوني في زمن سابق من خلاله تعود إلى أجواء المخادع والجنس والنظرة إلى المرأة وتقلبها بين الضعف والاستكانة والقوة والفعل والتأثير، المرأة التي كانت عنصرا فاعلا في الحكم وفي تسيير شؤون البلاد والناس.

 

عرض مسرحي راقص يكرّم الفنان الكوريغرافي الراحل نجيب خلف الله.

“أندلسيات” هو تكريم للشخصيات التاريخية التي عبّرت عن رأيها وصدحت بأصواتها الصامتة عن طريق الرقص الأندلسي المستوحى من التاريخ العربي والأندلسي التقليدي والمعاصر مثل رجاء بن عمار أو مصمّمات الرقص الأندلسيات مثل  صبح البشكنجية، نزهون وولادة بنت المستكفي.

واستوحى هذا العمل أسسه من العديد من الهويات الجسديّة، الفنية والثقافية بهدف تجسيد هوية كوريغرافية ولغة موحّدة للرقص المعاصر في زماننا هذا، وذلك بالاعتماد على وثائق تصويرية للوحات المستشرقين وبنظرة نقديّة لتلك الأيقونات.

الديكور البسيط خدم العرض بداية من الطاولة والمقتنيات القديمة على ظهرها من شمعدان وريش، ثم الفراش الذي لعبت حوله ووراءه وعليه الراقصة ثم مكان تغيير الملابس، وهو الحجاب من خلفه تغير الراقصة هيئتها في تنقلها من عصر إلى عصر؛ من الأندلس إلى غاية يومنا هذا، واللباس الرياضي.

إضافة إلى الديكور رافقت العرض مقاطع فيديو في الخلفية، مثل صور نساء مؤثرات وصور من التاريخ وأخرى رمزية مثل صورة رقعة الشطرنج، لكنه كان في أغلبه سطحيا لم يقدم الإضافة الكبيرة للعرض بقدر ما كان تفسيرا للمفسر.

ومن ناحية أخرى، حاولت الشعبوني بحركاتها  طرق مواضيع شائكة مثل الجنس وتأثير المرأة الذي يبدأ من جسدها، وتنقلت من زمن إلى زمن لتنتهي بإلقاء الأغراض القديمة من على الطاولة إلى الأرض في دلالة على كسر الصورة النمطية عن المرأة ككائن مخدعي وجسد مغر وغيره من متعلقات النظرة الذكورية القديمة.

لكن الراقصة لم تتمكن بشكل جيد من أداء بعض حركاتها فكانت متلبدة وثقيلة لم تقدم الرسالة بسلاسة الأجساد الراقصة التي تكتب في الهواء، بل رأيناها خاصة في مشاهد الاستلقاء تتحرك بصعوبة غير مقصودة كما يبدو، وهو ما نعيبه على العرض، إضافة إلى السينوغرافيا الضعيفة والموسيقى التي لم تحمل اكتشافا جديدا ولم تدفع إلى مناطق أخرى من الجسد والفكرة.

العرض الذي قدم سابقا في مهرجان سهريات صيف الحمامات كان مخيبا لآمال الجمهور، رغم ما حاول تقديمه من رسائل هامة في رصد لتاريخ المرأة العربية المخفي والمهمش ودورها الخفي في تحريك رقعة الشطرنج.

يشار إلى أن الساحة الثقافية التونسية قد فقدت فجر  الجمعة 24 يوليو الماضي الفنان الكوريغرافي نجيب خلف الله عن سن ناهزت 53 سنة، وذلك على إثر أزمة صحية حادّة ألمّت به.

ويعتبر خلف الله علامة فارقة في فن الكوريغرافيا في تونس، حيث ترك بصمة خاصة في الحركة والأداء والتمثل والنهج الفني الذي اختاره من خلال الغوص في أكثر قصص الإنسان عمقا وضبابية، يدخلها من خلال جسده العاري من الحركات القديمة اللابس لطرق جديدة للفعل.

حركات ثقيلة







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي