لماذا يختلف هطول الأمطار مرة بعد أخرى خفة وغزارة؟

2020-08-17

في بعض الأيام يهطل المطر بهدوء ولطف ويغذي الأرض، ولكن في أيام أخرى تهطل الأمطار بغزارة، وهو ما يطلق عليها خبراء الأرصاد الجوية "انفجار السحب".

ويمكن أن يجعلك الوقوف في الخارج في إحدى هذه العواصف المطيرة الشديدة تشعر وكأنك مخنوق في منشفة ثقيلة ومبللة، كما يمكن لهذه العواصف أن تغمر الأراضي الواقعة تحتها وتؤدي إلى دمار كبير.

جيفري ب. هالفرسون أستاذ الجغرافيا والأنظمة البيئية والعميد المشارك لكلية الدراسات العليا في جامعة ميريلاند بمقاطعة بالتيمور (University of Maryland Baltimore County) يشرح أسباب هذا الاختلاف في مقال له بموقع "ذا كونفرزيشن The Conversation".

إذًا، ما الذي يسبب هذا الاختلاف؟

تأتي كل الأمطار من مزيج من شيئين: الرطوبة في الهواء والتي تكون عادة على شكل غيوم، وتيارات الهواء التي تتحرك لأعلى، وعندما يرتفع الهواء الرطب عبر السحابة يبرد ويتحول الماء الموجود فيه إلى قطرات مطر صغيرة.

وهذا هو نفس الشيء الذي يحدث عندما ترى أنفاسك في أمسية باردة، ويتسبب تغير درجة الحرارة من دافئة إلى باردة في تكوين قطرات الماء في أنفاسك.

وفي السحابة تكون قطرات المطر الصغيرة هذه خفيفة للغاية وتطفو بينما يدفعها الهواء الصاعد لأعلى، لكن كلما ارتفعت زاد حجمها وأثقلها، وفي النهاية تصبح ثقيلة جدا لدرجة أنها تسقط على الأرض مثل المطر.

 العواصف الممطرة الشديدة تحدث عندما تكون هناك رطوبة عالية في الهواء ويتحرك الهواء لأعلى بسرعة كبيرة (بيكسابي)

عواصف الهواء البارد

يمكن أن يحتوي الهواء البارد على رطوبة أقل بكثير من الهواء الدافئ، لذلك لا تحتوي غيوم الشتاء على الكثير من الماء، ولهذا السبب تكون رقيقة وتتكون من طبقات ولا تكون منتفخة وطويلة ومليئة بالماء.

ونظرا لأن الهواء البارد يغوص نحو الأرض فمن الصعب جعل هذا الهواء يرتفع بسرعة، لذا فإن هذه السحب الشتوية لا تحتوي إلا على تيارات هوائية صاعدة لطيفة.

وعندما تكتسح هذه التيارات البطيئة السحب الرقيقة التي لا تحتوي على الكثير من الرطوبة تتشكل قطرات مطر صغيرة تسحبها الجاذبية بسهولة لأسفل عكس تيار الهواء قبل أن تصبح كبيرة جدا، وعندما تكون السحب ضعيفة والهواء يتحرك ببطء نحصل على أمطار لطيفة وهادئة.

العواصف الرعدية والشتوية الشديدة

تحدث العواصف الممطرة الشديدة عندما تكون هناك رطوبة عالية في الهواء ويتحرك الهواء لأعلى بسرعة كبيرة، والعواصف الرعدية الصيفية هي خير مثال على ذلك.

يرتفع الهواء الدافئ الرطب بسرعة كبيرة -مثل منطاد الهواء الساخن- ويمكن أن يتحرك بسرعة قد تتراوح بين 48 إلى 64 كلم في الساعة، ويحتفظ الهواء أيضا برطوبة أكثر بكثير من سحب الشتاء -تصل إلى 5 أضعافها.

كل هذا يخلق غيوما طويلة وسميكة ومليئة بالرطوبة، وتتشكل قطرات الماء بسرعة عندما يتحرك الهواء لأعلى عبر السحب، ولكن نظرا لأن الرياح تهب لأعلى بسرعة كبيرة يمكن أن تتضخم القطرات قبل أن تسحبها الجاذبية إلى الأرض.

الأمطار الغزيرة المفاجئة تؤدي إلى فيضانات مفاجئة من جداول الأنهار إلى الطرق لتحبس الناس أينما كانوا (بيكسابي)

وعندما يصبح وزن كل قطرات الماء أكثر من أن تحملها الرياح ينهار تيار الرياح، وتنهار جميع قطرات المطر في السحابة في الحال، لتشكل العواصف الرعدية الصيفية.

ويمكن أن تسقط العواصف الرعدية بوصة واحدة أو بوصتين أو حتى 3 بوصات من المطر (أي من 2.54 إلى 7.62 سنتيمترات) في أقل من ساعة، ويمكن أن تؤدي هذه الأمطار الغزيرة المفاجئة -التي تسمى "انفجار السحاب"- إلى فيضانات مفاجئة يمكن أن تفيض من جداول الأنهار إلى الطرق وتحبس الناس أينما كانوا.

ولحسن الحظ، ونظرا لأن العواصف الرعدية شديدة العنف وصغيرة نسبيا فإنها لا تدوم طويلا، وبمجرد أن يسقط المطر من الغيوم ويسحق التيارات الهوائية الصاعدة تختفي الغيوم وتُرى السماء غالبا زرقاء لطيفة.

العواصف لا تتماثل

بالطبع، يمكن أن يتسبب الشتاء أيضا في حدوث بعض العواصف القوية، خاصة فوق مياه المحيط الأكثر دفئا، فعندما تسقط العواصف الشتوية القوية الكثير من الأمطار الغزيرة فإن نفس المبادئ تعمل: الكثير من الرطوبة في الهواء، وتيارات الرياح السريعة الصاعدة والغيوم الطويلة.

والقاعدة أنه لا توجد عاصفتان متماثلتان أبدا، ففي بعض الأحيان يمكن أن تمطر الغيوم بشدة بحيث تشعر وكأنك تقف في الحمام، وفي أوقات أخرى تجلب فقط رذاذا هادئا لطيفا، والآن، سواء أكنت غارقا أو تغني تحت المطر فإنك سوف تعرف السبب.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي