كوميدية لكنها غير مضحكة

هل تعاني المسلسلات المصرية من أزمة سيناريو؟

2020-08-08

لمياء رأفت

ربما لاقت المسلسلات المصرية التاريخية والدرامية منافسة شرسة من المسلسلات التلفزيونية السورية، وكذلك الأمر في الدراما، لكنها ظلت تعتلي عرش المسلسلات الكوميدية لسنوات طويلة.

كان هذا حتى جاء عام 2020 ليكشف الحقيقة التي ربما أراد الكثيرون غض البصر عنها، وهي أن المسلسلات الكوميدية المصرية تعاني من أزمة كبيرة للغاية في الكتابة، وأصبحت مسلسلات كوميدية غير مضحكة.

استسهال وقصص معادة

تراكمت أزمة المسلسلات الكوميدية على مر سنوات من الاستسهال والتكرار وإعادة تدوير الحبكات نفسها حتى وجدنا موسما دراميا مهما مثل رمضان يخلو من مسلسل كوميدي حقيقي يجتمع حوله الكثيرون، وها نحن الآن بعد هذا الموسم وصدور أكثر من مسلسل كوميدي مثل "جمجوم وبم بم" و"الحرامي" نعاني من الأزمة ذاتها.

وأصبحت أغلب المسلسلات الكوميدية تعتمد على "الإفيهات" أو النكات التي يتم تركيب المشهد على أساسها وليس العكس، حيث في المعتاد أن المسلسلات أو الأفلام الكوميدية تكتب مشاهدها كأي عمل آخر، ثم يتم إيجاد "الإفيهات" المناسبة لكل مشهد بصورة ملائمة له، ولكن في "جمجوم وبم بم" -على سبيل المثال- فنجد أن المشاهد فارغة تمامًا ولا هدف منها سوى إلقاء نكتة قد تجذب بعض الضحكات.

وحتى هذه الإفيهات أصبحت تعتمد في الوقت الحالي على الأكثر تداولا (الترند) في مواقع التواصل الاجتماعي أو النكات الشائعة، والتي للأسف قتلت تداولًا حتى أصبحت سخيفة، خاصة مع تكرارها عدة مرات داخل العمل نفسه، كما حدث في مسلسل "الحرامي"، حيث تم استخدام النكات على فيروس كورونا والحذر منه بصورة مستمرة، على الرغم من أن طول الحلقات لا يحتمل هذا التكرار حيث بلغ طول الحلقة الواحدة عشر دقائق فقط.

حدث الشيء ذاته في مسلسلات رمضان خاصة مسلسل "رجالة البيت" الذي شهد غضبا جماهيريا كبيرا على صناعه بسبب سخف مشاهده وأداء أبطاله، حتى اعتذر بطله أحمد فهمي على مواقع التواصل الاجتماعي بأن المسلسل جانبه التوفيق بالفعل.

إعادة تدوير الممثلين

واحد من أهم عيوب المسلسلات المصرية عامة هو إعادة استخدام الممثلين في الأدوار ذاتها التي نجحوا فيها من قبل، حدث ذلك من قبل مع بيومي فؤاد الذي استمر في الظهور في الأدوار نفسها تقريبًا منذ لمع نجمه في مسلسل "الكبير أوي" مع أحمد مكي، وها هو يحدث الآن مع محمد سلام في مسلسل "جمجوم وبم بم"، حيث يقدم فيه دور بم بم الشاب غير المتعلم الذي يعتمد في كسب رزقه على "الفهلوة" وخفة الظل، وهو الدور ذاته الذي قدمه منذ سنوات في مسلسل "نيللي وشريهان" عام 2016.

هذا بالإضافة إلى كونه مملا بالتأكيد للمشاهدين، إلا أنه استنزاف لمواهب الممثلين، ورفض لاستغلال قدراتهم وتجربتها في أدوار مختلفة، مما يؤدي بعد ذلك إلى غيابهم عن الشاشة، وتحولهم إلى وجوه مكررة معتادة.

مسلسلات غير كوميدية مضحكة

على عكس التجارب السابقة، سنجد أمامنا مسلسل "بـ100 وش"، وهو عمل لا ينتمي بوضوح إلى نوع الكوميديا، بل هو أقرب لمسلسلات الإثارة والجرائم، وعلى الرغم من ذلك كان المسلسل الأكثر إضحاكا في رمضان 2020، واجتذب الكثير من المشاهدات بسبب الحس الكوميدي الخاص به.

ما ميز المسلسل عن المسلسلات الكوميدية المعروضة في الوقت ذاته كونه اعتمد على سيناريو قوي بالفعل، عمل استطاع جذب المشاهد بصور مختلفة، مع قصة متماسكة تنتقل من نقطة لنقطة بصورة سلسلة، ولكن في الوقت ذاته أحداثه مطعمة بخفة الظل والدعابات اللطيفة التي تحولت بعد ذلك إلى ترندات بالفعل على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب إعجاب الجمهور بها، بل طالب الكثيرون بعودة المسلسل بجزء ثان.

السبب الثاني هو عدم اعتماده على ممثلين كوميديا محترفين، فكل من آسر ياسين ونيللي كريم لم يشتهرا بتقديم الأعمال الكوميدية من قبل، وليسا متمرسين في إلقاء الإفيهات أو النكات، لذلك جاء إلقاؤهما لها سلسلًا وسهلًا بلا افتعال على عكس ما يحدث مع الممثلين الكوميدين، فكل منهما خرج من جلده أو منطقة الراحة التي اعتاد عليها، وظهر بصورة جديدة أعجبت بالفعل المتفرجين.

أزمة المسلسلات الكوميدية المصرية بحاجة إلى ثورة فعلية في كتابة السيناريوهات، وتخلي الكتاب عن طريقة الكتابة المعكوسة التي تبني القصص على الإفيهات، واللجوء إلى الصورة السليمة في كتابة نصوص متماسكة تستحق الظهور على الشاشة وخلطها بالنكات بصورة طبيعية بلا افتعال أو اجتذاب الضحكات بالقوة من المشاهدين.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي