بايدن يمتلك صفة غريبة قد تجعله يفوز بالانتخابات.. ورهان ترامب على الخلايا النائمة

2020-08-03

يحلُم كل سياسي بأن يتعرّض لهجومٍ من الخراف الميتة. لكن ماذا سيحدث لو قلبنا الطاولة؟ أي ماذا سيحدث حين يحتاج -بطل الرواية- للهجوم على الخراف الميتة بشكلٍ عاجل؟ فلا تستجيب الخراف. أو تظهر أي علامات تدُل على الحياة، هذه هي مُعضلة دونالد ترامب مع بايدن.

إذ لا يستطيع ترامب افتعال شجارٍ ناجح مع جو بايدن -المُرشح المفترض للحزب الديمقراطي- لأنّ جو لا يُقاتل.

إذ يُمكنك لكمه دون رحمة، لكنّه لا يتحرّك. إذ لا يُبدي علامة اهتمام. وهو ما يزال على قيد الحياة، ولكن ليس هناك ما يُقال أكثر من ذلك عنه، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The Times البريطانية.

إنّه بارع. وسواء حدث الأمر بالصدفة أو عن قصد؛ فقد اختارت حملة بايدن استراتيجيةً مُصمّمة خصيصاً لإغضاب ترامب: وهي عدم الاهتمام به كثيراً.

صدمة تأجيل الانتخابات تحطم معسكره الداخلي

لا شكّ أنّ الغضب هو الخيار الأكثر جاذبية لهذا الرئيس. حيث يُخاطر بكل شيء من أجل الأشخاص الذين لا يزالون يُحبونه. ومن هنا جاءت تغريدة الأسبوع الماضي التي تتطلّع إلى تأجيل الانتخابات. ويزيد سخونة الأحداث. ليُفاقم كل شيء فعلياً.

ولكن هناك مشكلاتٌ في هذا النهج، وهي مشكلاتٌ كُبرى. إذ كان زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، المتهم من الديمقراطيين ببيع روحه لترامب، واضحاً للغاية في رده على تغريدة تأجيل الانتخابات: "لم يسبق في تاريخ البلاد أنّ أُقيمت الانتخابات الفيدرالية المُقرّرة في غير موعدها، حتى خلال الحروب وحالات الكساد والحرب الأهلية، ولكنّنا سنجد طريقةً لفعل ذلك مرةً أخرى في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني".

وهذا رفضٌ صريح.

بينما ذهب آخرون -من الشخصيات البارزة- إلى ما هو أبعد من ذلك. حيث انقلب الأستاذ ستيفن كالابريسي أحد المحافظين البارزين على الرئيس حين كتب في مقالٍ لصحيفة New York Times الأمريكية، رداً على اقتراح تأجيل الانتخابات: "حتى وقتٍ قريب كنت أتعامل مع التأكيد الديمقراطي بأنّ الرئيس ترامب فاشي، بأنه مجرد غلوّ سياسي. لكن التغريدة الأخيرة فاشيةٌ في حدّ ذاتها وتُمثّل سبباً جديداً لعزل الرئيس فوراً مرةً أخرى بواسطة مجلس النواب، قبل عزله من منصبه بواسطة مجلس الشيوخ".

كان مقال كالابريسي صادماً لأن الرجل صوّت لصالح ترامب في عام 2016 ويحظى بتقدير كبير في الجناح اليميني للحزب، كما عملت الجمعية الفيدرالية التي أسسها عن كثب مع إدارة ترامب على تعيين قضاة في المحكمة الفيدرالية والمحكمة العليا.

ويُمكن القول إنّ تغيير الآراء هذا لم يحظَ بالتغطية الإخبارية التي يستحقها فعلياً. والأمر له أهميةٌ كبيرة. إذ إنّ كلمة "فاشي" ليست كلمةً يُمكن نسيانها بهدوء بعد مضي شهرٍ أو أكثر. ولكن أنصار ترامب جادي التفكير قد فاض بهم الكيل.

وليس هناك شك كبير في أنّ ماكونيل وغيره من الجمهوريين البارزين سيدعمون ترامب إن بدا هناك طريقٌ للنصر -من خلال التركيز أكثر على القضايا العرقية والاجتماعية. لكنّهم لا يرون ذلك يحدث. إذ بات طريق ترامب لتحقيق أغلبية في المجمع الانتخابي وعراً للغاية.

هل شعبية ترامب أكبر مما تظهر الاستطلاعات؟

وبايدن مُتقدّم حتى الآن في كافة الولايات التي يتعيّن على ترامب الفوز بها. ولكن هل هو متقدمٌ فعلياً؟ إذ تدور التساؤلات حول مصداقية الاقتراع حين يتعلّق الأمر بترامب. إذ يستشهد بعض مؤيديه باستطلاعٍ أجرته مؤسسة Cato Institute البحثية، الذي وجد أنّ 62% من الأمريكيين "يقولون إنّ المناخ السياسي هذه الأيام يمنعهم من التعبير عما يُؤمنون به حقاً، لأنّ الآخرين قد يجدونه مسيئاً".

فهل يكذبون حين يقولون إنّهم لا يُحبون ترامب؟ هذا مُمكن. ولكن الانتخابات تلو الأخرى تشهد تصويتاً من الناخبين -الذين لم يُقرّروا موقفهم- ضد الرئيس الحالي. وليست هناك أدلةٌ على ثقة الحزب الجمهوري في هذه المرحلة.

فما هي الخطة البديلة إذاً؟ العودة إلى أرضٍ وسط -وهي خطةٌ مجنونة في عدم مصداقيتها. فربما يُعيّن أنثوني فوسي رئيس المعهد الوطني لمكافحة الأمراض المعدية (عدو ترامب في ما يتعلّق بكورونا) في حكومته، أو يرتدي قناع وجه عليه شعار منظمة الصحة العالمية، أو يُحاول على الأقل الحديث بلطف عن الشعب والتواصل مع خصومه.

وهناك حالةٌ قد تقدم مؤشراً على التغيير الذي يمكن أن يحدثه ترامب.

إذ يعقد جون فافرو، كبير كُتّاب خطابات باراك أوباما السابق، مجموعات نقاش يُسأل فيها الناخبون الديمقراطيون عن رأيهم في المشهد السياسي. وقد خلص فافرو إلى الآتي: "إنّهم يرون ترامب فعلياً على أنّه جزءٌ من ثقافة وسائل الإعلام السياسية الأوسع التي تخرج عن السيطرة، وتُعتبر سخيفة وكريهة ولا تُركّز على الأمور التي تُهمهم".

وأردف فافرو أنّه خرج من مجموعات النقاش مصدوماً من مدى "السخرية وعدم الثقة التي تُسيطر على الكثير من أولئك الناخبين تجاه النظام السياسي ووسائل الإعلام".

ويعتقد فافرو أنّ التفكير في ترامب نفسه على أنّه المُشكّلة يُعَدُّ خطأً كبيراً. وإذا جعل ترامب من نفسه شخصاً أكثر قبولاً لدى المزيد من الأمريكيين، فسوف تصير كل الاحتمالات متاحة.

ومن حسن حظ أصدقاء فافرو في الحزب الديمقراطي أنّ هذه الفكرة تبدو متقنةً أكثر من اللازم بالنسبة لهذا الرئيس، فهو في الأغلب لن يتوقف على أساليبه.

 إذ سيمضي في الهجوم على خرافه الميتة، حتى تعود لتنتقم في يوم الانتخابات خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي