قرار سيسمح بتصدير أكثر أسلحتها فتكاً لأخطر الدول.. ماذا يعني تجاوز واشنطن لاتفاقية الحد من الأسلحة؟

2020-07-25

أعلنت إدارة ترامب، الجمعة 24 يوليو2020 ، أنها ستسمح ببيع الطائرات المسيرة المسلحة المتطورة لدول أخرى، وتتخطى جزءاً من اتفاقية دولية للحد من تصدير الأسلحة أسهمت الولايات المتحدة في صياغتها قبل ثلاثة عقود، كما تقول صحيفة New York Times الأمريكية.

وناقش مسؤولون بالإدارة لأعوامٍ طريقة بيع المسيرات المتطورة رغم بنود في الاتفاقية، المعروفة باسم نظام مراقبة تقنية الصواريخ، تمنع 35 دولة موقعة على الاتفاقية من بيع هذه التكنولوجيا. وقد أعلنت الإدارة في 2018 أنها ستوسع مبيعات المسيّرات، لكنها لم تتمكن من ذلك بسبب قيود الاتفاقية.

ما تبعات هذه الخطوة؟

الاتفاقية غير ملزمة قانوناً، وتعامل كمذكرة تفاهم بين الدول الأعضاء. لكن الالتفاف حول بندٍ من الاتفاقية قد يضعف الاتفاقية عموماً ويشجع الدول الأخرى على تجاهل أو إعادة تفسير بعض البنود غير المناسبة لمصالحها. وقد اعتمدت الولايات المتحدة على الاتفاقية للمساعدة في الحد من الصادرات الدولية لتكنولوجيا الصواريخ إلى الدول التي تراها تهديدات أمنية بسبب برامجها النووية، وبالأخص كوريا الشمالية وإيران.

لكن إدارة ترامب أظهرت احتقارها لمفهوم الاتفاقيات الدولية وانسحبت من عددٍ من الاتفاقيات الكبرى التي تفاوضت عليها الإدارات السابقة مع دول العالم، من بينها اتفاقية باريس للمناخ والاتفاقية النووية الإيرانية.

كلارك كوبر، السكرتير المساعد للشؤون السياسية العسكرية بوزارة الخارجية، قال عصر الجمعة إن الولايات المتحدة ستفرض "تقديرها الوطني" وتتجاوز القيود المفروضة بموجب الاتفاقية بخصوص مبيعات المسيرات الكبيرة. وقال كوبر إن هذا بموافقة الرئيس ترامب ويدخل حيز التنفيذ فوراً.

وأضاف كوبر أن الولايات المتحدة ستدرس كل عملية بيع على حدة، و"تستمر في إجراء مراجعاتٍ متأنية"، مؤكداً أنه "يقع على عاتق الولايات المتحدة ضمان أن الأنظمة التي سنبيعها ستُستعمل بمسؤولية ولن تهدد مصالحنا أو مصالح حلفائنا".

وقال البيت الأبيض في بيان إن ترامب اتخذ ذلك القرار لأنه بعد عامين من المفاوضات، فشلت الدول الأعضاء في الموافقة على تغييرات تسمح بمبيعات المسيرات، وهذا القرار يأتي وفقاً لكايلي ماكيناني، السكرتير الصحفي للبيت الأبيض: "لتحسين إمكانات شركائنا وزيادة الأمن الاقتصادي".

"قرار متهور"

من جانبه، قال بوب مينينديز، عضو مجلس الشيوخ بولاية نيوجيرسي، الرئيس الديمقراطي للجنة العلاقات الخارجية، إن الولايات المتحدة هي التي شجعت الدول الأخرى منذ أعوام على تبني قيودٍ على تصدير المسيرات المتطورة. وتابع مينينديز: "هذا القرار المتهور يجعلنا، مرة أخرى، أقرب إلى تصدير بعض من أكثر أسلحتنا فتكاً إلى أطراف تنتهك حقوق الإنسان في أنحاء العالم. تحرّك متهور آخر من إدارة عازمة على القضاء على أوجه التعاون الدولي التي جعلت الولايات المتحدة والدول الأخرى أكثر أمناً لعقود".

وقد عرقل حظر تصدير المسيرات الكبيرة بعض المسؤولين الأمريكيين، ومن بينهم بيتر نافار، المستشار التجاري بالبيت الأبيض الذي يروج لزيادة مبيعات الأسلحة، ومعه مساعدون بمجلس الأمن الوطني ومسؤولون بالبنتاغون يسهمون في الإشراف على صادرات الأسلحة.

المنافسة مع الصين

يرى هؤلاء أن الشركات الأمريكية ينبغي أن يُتاح لها بيع هذه المسيرات من أجل التنافس مع الصين غير الموقعة للاتفاقية. وقد طورت مجموعة شركات شينغدو لصناعة الطائرات، وهي شركة صينية، طائرة Wing Loong II المسيرة، التي لها نفس إمكانات طائرة MQ-9 Reaper الأمريكية من شركة General Atomics في سان دييغو.

وقد صعدت General Atomic هذا العام من جهود الضغط السياسي لإقناع الحكومة بالسماح ببيع طائرات Reaper، التي يحظر تصديرها بسبب إلزام المصدرين في الاتفاقية بوجود "قرائن قوية لإنكار الضرر"، وفقاً لأحد المعاونين بالكونغرس.

ويقلق بعض المشرعين من الجهود التي استمرت لأعوام من جانب المسؤولين بالإدارة الأمريكية لتجاوز العقبات التي وضعتها الاتفاقية. فهناك دول عدة بالشرق الأوسط، من بينها السعودية والإمارات، متعطشة لشراء المسيرات القادرة على حمل حمولات ضخمة. والإمارات والسعودية شنتا حرباً جوياً مدمرة في اليمن أدت إلى مقتل آلاف المدنيين.

التصدير لدول الخليج

وحاول بعض المشرعين من الحزبين منع إدارة ترامب وبعض الشركات الأمريكية، وبالأخص Raytheon، من بيع الأسلحة لهذين البلدين. فقد استعمل جيشاهما قنابل أمريكية في حرب اليمن، ما أدى إلى انتقادات واسعة للولايات المتحدة من جمعيات حقوق الإنسان. وفي مايو/أيار 2019، تخطى وزير الخارجية مايك بومبيو قراراً من الكونغرس بتجميد مبيعات أسلحة تقدر بـ 8.1 مليار دولار للدولتين، مصدراً إعلان طوارئ مشكوكاً في قانونيته.

وقد فرض المشرعون قراراً بتجميد شحنة من مسيرات Predator متجهة إلى الإمارات، مع أن هذه المسيرات ليست محظورة بموجب الاتفاقية.

وأدت صادرت الأسلحة، وبالأخص للدول الخليجية العربية، إلى صدامات كبرى بين إدارة ترامب والكونغرس، ويناقش مسؤولون بالإدارة ما إذا كان الوقت قد حان لإنهاء عملية مراجعة الكونغرس لصفقات الأسلحة المقترحة، التي استمرت لعقود.

وقد حاول مسؤولون بوزارة الخارجية والبنتاغون يعملون على قضايا منع الانتشار مقاومة جهود مسؤولين آخرين يحاولون تمرير قرار تخطي الحظر، الذي يشمل الطائرات المسيرة القادرة على حمل 500 كيلوغرام على الأقل من الأسلحة مسافة 300 كيلومتر. ويؤمن هؤلاء المسؤولون ومعهم بعض المشرعين أن الدول والشركات الأخرى ما أن تقع في حوزتها هذه المسيرات قادرة على نسخ التكنولوجيا الخاصة بها وتصنيعها بأنفسهم.

وقد تجاوزت الولايات المتحدة بالفعل القيود المفروضة بموجب الاتفاقية وسمحت للشركات الأمريكية بتصدير المسيرات المتطورة في أربع مواقف على الأقل، أغلبها من أجل التصدير لدول في حلف الناتو، وفقاً لأحد المعاونين بالكونغرس. وقال مسؤول لوزارة الخارجية إن مطالبة الاتفاقية بـ"قرائن قوية لإنكار الضرر" لا تحظر تصدير هذا النوع من الأسلحة حظراً قاطعاً.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي