"جريما في المعادي".. أشرف عبد الباقي يتخلى عن "مسرح مصر" بنجاح غير متوقع

2020-07-24

ريتا فؤاد

مع محاولة إعادة الحياة إلى شكلها الطبيعي قدر الإمكان، والتعايش مع جائحة كورونا بداية من يوليو/تموز في الكثير من البلدان على مستوى العالم ومن بينها مصر، عادت دور العرض السينمائي والمسارح للعمل بـ25% من طاقتها.

وتزامن ذلك مع الإعلان عن عودة عرض بعض المسرحيات التي كانت قد توقفت لأكثر من 3 أشهر بسبب أزمة فيروس كورونا، ومن ضمنها مسرحية "جريما في المعادي" التي اتخذت من مسرح نجيب الريحاني في وسط القاهرة مقرا لها، وهي من تأليف وإخراج النجم أشرف عبد الباقي وإنتاج شركته "ورك شوب للإنتاج الفني".

والمسرحية عبارة عن عمل مقتبس من مسرحية كوميدية إنجليزية من تأليف هنري لويس وجوناثان ساير وهنري شيلدز، بعنوان "المسرحية الخاطئة" (The Play That Goes Wrong)، والتي سبق أن قُدمت عالميا في عدة دول مثل ألمانيا والأرجنتين ولندن وبرودواي، قبل أن يحصل أشرف عبد الباقي على حقوقها الأدبية، ومن ثم تترجمها نادية حسب الله، و"يمصّرها" هو بمعالجة طازجة أضاف إليها بصمته الخاصة.

"مسرحية كلها غلط"

فكرة مبتكرة قام عليها العمل، أساسها وقوع أخطاء مدروسة ومتعمدة سواء على مستوى التمثيل أو الديكور ووحدات الإضاءة، حتى أن بعض الممثلين أثناء العرض "يتظاهرون" بالتعرض لإصابات فيتم استبدالهم بآخرين من العاملين خلف الكواليس غير المدربين على التمثيل، وغير العارفين من الأساس بالحوار المطلوب منهم، وهو ما تنتج عنه كوميديا عبثية لم يشهد الجمهور مثلها من قبل.

وبالرغم من أن الجمهور يعرف أن المسرحية مبنية على فكرة الأخطاء، بداية من اسمها نفسه الذي كتب "جريما" بدلا من "جريمة" عن قصد وكنوع من التماهي مع الفكرة العامة، إلا أن الأحداث تظل غير متوقعة على الإطلاق، وقادرة على إصابة المشاهدين بالدهشة والاستمتاع بآن واحد.

واستكمالا للخروج من الصندوق، جاءت طرق الدعاية نفسها للمسرحية مبتكرة هي الأخرى، سواء بتصوير المسرح وطاقم التمثيل كمكان غير آمن وأشخاص مستهترين، أو بتصميم إعلان تشويقي للمسرحية تضمن آراء نجوم آخرين بالعرض وكيف أنهم لم يستمتعوا به مما أشعرهم بالغضب وضياع الوقت سدى.

قبل أن يعودوا في نهاية العرض المسرحي للإعراب عن رأيهم الحقيقي به، وهو ما تراوح بين الإشادة واستحسان التجربة أو وصفها بالجديدة والجريئة، وربما أفضل عمل مسرحي مصري في السنوات الأخيرة كافة، بينما صرح آخرون بغبطتهم لأبطال العرض وتمنيهم أن يكونوا جزءا منه.

الجنود المجهولون

وبقدر ما قد تبدو الحبكة بسيطة جدا، فإن الجهد المبذول فيها يمكن وصفه بالشديد التميز، سواء على مستوى التمثيل الذي قام به مجموعة كبيرة من الوجوه الجديدة بلغ عددها 40 شخصا، دربهم أشرف عبد الباقي لا على التمثيل فقط وإنما أيضا على الحركات وأماكن الوقوف التي يجب الالتزام بها بصرامة وإلا تعرضوا لإصابات لا تحمد عقباها.

وكون المسرحية تعتمد بالأساس على الحركة والسقوط مرارا من ارتفاع وتهالك الديكور هنا وهناك، ربما كان ذلك من أسباب أن يكون للمسرحية فريقا عرض يمثلان فيها بالتناوب، وهو ما سمح بعرض المسرحية نفسها مرتين يوميا على حفلين مسائي (ماتينيه)، وآخر ليلي (سواريه)، على أن يؤدي بطولة كل منها فريق مختلف.

وهو ما ينقلنا بالتبعية لأهمية كل جندي مجهول بقي خلف الستار، بداية من محمود سامي مصمم الديكور مرورا بمنفذيه وفريق الصوت، ووصولا للعاملين وراء الكواليس الذين كان عليهم إسقاط وإتلاف الديكور ووحدات الإضاءة بل أحيانا حرقها في الوقت المناسب تماما لعدم إفساد النص.

الارتجال ممنوع

ومع أن أشرف عبد الباقي عكف في السنوات الأخيرة على تقديم مسرحيات كوميدية ضمن تجربة "مسرح مصر"، التي ضخت للسينما والدراما الكثير من نجوم الكوميديا الحاليين، ومن بينهم علي ربيع وأوس أوس ومصطفى خاطر وحمدي الميرغني وغيرهم، وهي التجربة التي حققت نجاحا جماهيريا هائلا، لكنها على مستوى الدراما والكوميديا غير المقحمة جاءت لها وعليها؛ إلا أن تجربة "جريما في المعادي" مختلفة شكلا وموضوعا ولا يمكن مقارنتها بسابقتها.

ولعل أوضح اختلاف هو كون عروض "مسرح مصر" قامت على الارتجال الذي قد يصل لنسبة 90% من العرض، وهو ما مُنع نهائيا في "جريما في المعادي" التي وجب على أبطالها الالتزام الحرفي بالنص لكل شخصية، وهذا لأن ذلك من جهة يتعارض مع فكرة المسرحية نفسها، ومن أخرى لأن من شأنه الإضرار بسلامة الممثلين وإفساد العرض كاملا.

كامل العدد

وبالرغم من أن أبطال العمل جميعهم غير معروفين، خاصة أن أشرف عبد الباقي عادة ما كان يقتصر دوره على التدريب والإخراج باستثناء بعض العروض التي شارك في بطولتها لاعبا دور المحقق بدلا من آخرين، إلا أن المسرحية حققت نجاحا هائلا ومستحقا نقديا وجماهيريا.

وهو ما سمح للعرض بالاستمرار على مدى عامين كاملين، بل تنقله بين العديد من المحافظات المصرية مسجلا أكثر من مرة اكتمال عدد الحضور في مسارح بالقاهرة والمنيا وبورسعيد وأسيوط. كما أن المسرحية عرضت ضمن فعاليات المهرجان القومي للمسرح المصري، وفي مدينة جدة تحت رعاية هيئة الترفيه السعودية.

 

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي