أوبزيرفر: ألعاب التخريب في إيران التي يمارسها ترامب لن تغير النظام بل ستشعل المنطقة

2020-07-12

حذّر المعلق سايمون تيسدال من الهجوم المتصاعد من إسرائيل والولايات المتحدة وغيرهما من الدول المتنمرة على إيران، وأنه يزيد من التوتر في الشرق الأوسط.

وقال في مقال نشرته صحيفة “أوبزيرفر”: ” يبدو من المؤكد الآن أن إسرائيل أو عملاءها قاموا بتدمير قسم لتخصيب الوقود في مفاعل نطنز يوم 2 تموز/ يوليو”.

ونقلا “عن مسؤول أمني شرق أوسطي” أخبر صحيفتين أمريكيتين أن إسرائيل هي وراء الانفجار. وكشف الإعلام الإسرائيلي في الأسبوع الماضي أن المسؤول هذا هو مدير الموساد يوسي كوهين، والمقرب من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

وبعد أن قللت إيران في البداية من الهجوم الذي كشف عن مظاهر الخلل الأمني الإيراني، قامت إيران بتحميل إسرائيل المسؤولية. وقال متحدث باسم الحكومة الإيرانية إن “الطريقة التي تستخدمها إسرائيل خطيرة وربما انتشرت حول العالم” مما أثار مخاوف من عمليات الانتقام. واستخدمت إسرائيل وأمريكا مجموعة غير معروفة وهي “فهود الوطن” باعتبارها المسؤولة عن التفجير.

ويقول الكاتب إن إسرائيل لو كانت المسؤولة عن الهجوم فلن تكون نفذته بدون معرفة أولية وتشجيع من إدارة دونالد ترامب. وتشترك الحكومتان بسجل معروف في الهجمات الإلكترونية على المنشآت النووية الإيرانية.

ويضيف الكاتب أن حملة “أقصى ضغط” دخلت مرحلة جديدة من خلال عمليات التخريب المتزايدة. وقال إن التفجير في نطنز هو واحد من سلسلة تفجيرات غامضة وتضم حوادث في منشآت صناعية تمت في الأسابيع القليلة الماضية، فيما سُجل تفجير آخر يوم الجمعة في شرق طهران.

وكان بعض هذه التفجيرات مجرد حوادث، إلا أن التفجير الشهر الماضي بمصنع للصواريخ الباليستية “خوجير” كان عملا مقصودا. فالولايات المتحدة وإسرائيل تعتبران البرامج الباليستية الإيرانية تهديدا عليهما.

وكتب المعلق يونا جيرمي بوب في صحيفة “جيروزاليم بوست”: “ما يشهده العالم الآن (أنه بمساعدة إسرائيل والولايات المتحدة والسعودية وربما المعارضة الإيرانية) هو ضرب المفاعلات النووية والأسلحة التقليدية ومؤسسات الحرس الثوري بشكل عملي وبدون مقاومة”.

ويقول تيسدال إن الضغط على إيران لا يرحم، فقد قام ترامب وفي وقت واحد بتشديد العقوبات التي تبناها بعد خروجه من الاتفاقية النووية عام 2018. وتريد الولايات المتحدة من الأمم المتحدة تمديد الحظر المفروض على تصدير السلاح إلى إيران، والذي سينتهي في تشرين الأول/أكتوبر.

وتعارض بريطانيا وفرنسا وألمانيا الخطوات الأمريكية، لكنها مجرد متفرج. وتأمل أمريكا وإسرائيل وأصدقاؤهما من دول الخليج العربية، أن تضعف العقوبات الاقتصادية ووباء كورونا الذي قتل من الإيرانيين 12 ألف شخص، النظام الإيراني.

وأدى تراجع موارد النفط بسبب انخفاض الطلب العالمي وزيادة البطالة وانهيار قيمة العملة الإيرانية إلى اندلاع تظاهرات لم تدم طويلا العام الماضي.

ويضيف الكاتب أن عمليات التخريب والعقوبات والوباء هي كوكتيل قاسٍ. والمشكلة بالنسبة لترامب وشلة البلطجية من أصدقائه، بنيامين نتنياهو ومحمد بن سلمان، هي أن الوصفة المسمومة ليست ناجحة. وفي الحقيقة، على عكس ما يريدون يحدث، فيما تم تضييع فرصة نزع فتيل الأزمة، ربما للأبد.

وفي الوقت الذي أكدت فيه إيران أنها لا تريد اكتساب الأسلحة النووية، إلا أنها تقترب أكثر من أي وقت مضى نحو بناء قدرات لتصنيعها، كل هذا بسبب النوايا الأمريكية السيئة.

وحذرت بريطانيا وغيرها، ترامب عندما مزق الاتفاقية النووية أن هذا بالضبط ما سيحدث. وحقيقة تأكيد تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية ما قالته لا يدعو للراحة.

ولم تمنع الضغوط الخارجية إيران من مواصلة بناء الصواريخ، ولم تحدّ من تدخلها الضار في سوريا والعراق واليمن، أو أدت إلى تغيير ديمقراطي داخل البلد.

وكان ترامب وليس ملالي طهران البادئ بالحرب، عندما اغتال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري والذي قالت الأمم المتحدة في تحقيق لها إنه لم يكن قانونيا.

ويعتقد تيسدال أن ترامب اليائس والباحث عن طرق لاجتذاب الناخبين الأمريكيين قبل تشرين الثاني/ نوفمبر لجأ إلى ألعاب بهلوانية مثل عمليات التخريب شبه السرية.

ويعتقد الكاتب أن التفكير الفج وراء سياسة الضغط الأقصى والتي ترى أن جعل الحياة في إيران لا تطاق ستدفع قادة إيران للسلام أو لتغيير النظام، مفلس. وسيضع الإيرانيون بلدهم أولا حالة تعرضه للضرب، مع أن القيادة الفاسدة والعقيمة ضللتهم وخانتهم وقمعتهم. ومع أن تغيير النظام أمر مطلوب في إيران، لأن نظام ما بعد الثورة عام 1979 بات مهلهلا، ولكن الأمر في النهاية يعود إلى الإيرانيين أنفسهم.

ويرى الكاتب أن مأساة إيران هي أنها لو كانت تتمتع بقيادة جيدة ومحترمة، للعبت دور الحاجز ضد روسيا والمتشددين السنة في أفغانستان والدول العربية وتركيا، وهذا هو رأي المؤسسة البريطانية منذ القرن التاسع عشر.

وبدلا من ذلك، فلا تزال النزعة الانتقامية لليمين الإيراني المتطرف التي تعود إلى حصار السفارة الأمريكية في طهران عام 1980، تضعف أي عملية إصلاح مؤيدة للغرب والمعسكر الإصلاحي بقيادة الرئيس حسن روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف.

وساعدت المعاملة المزدوجة الأمريكية مع إيران على انتخاب المتشددين في البرلمان هذا العام. ويتهم المعسكر المتشدد أي شخص يدعو للتعاون مع الغرب بالخيانة.

وتعزز قوتهم بسبب تحالفهم مع قوات الأمن وتحكمهم بالقضاء. وتم استبدال حليف مهم لروحاني في رئاسة البرلمان بعمدة طهران السابق محمد باقر قاليباف، والذي يهدف لانتصار الرافضين في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

والشخص المفضل للفوز هو سعيد جليلي، المقرب من الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد. ويعمل المتشددون على ترشيح قاضي الإعدامات ورئيس القضاء إبراهيم رئيسي ليحل محل المرشد آية الله علي خامنئي.

ففوز المتشددين هو إشارة لنظرائهم في أمريكا وإسرائيل الذين يحبون المواجهة. ولو زاد الضغط الخارجي على إيران بطريقة لم تعد تحتمله، فستقوم بالضرب كما فعلت في الماضي.

ويختم الكاتب بالتساؤل: “هل الشرق الأوسط أمام مصيبة محتومة في الأشهر الست المقبلة؟ فلو خرج ترامب فقد تم تجنب مواجهة قاتلة. وإن لم يذهب فابحث عن ملجأ، فستكون هناك تفجيرات جديدة”.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي