لبنان يعود لعصر ما قبل الكهرباء.. انقطاع لأكثر من 12 ساعة يومياً، والحل في إيقاد الشّموع

2020-07-08

تتوالى الأزمات على مفاصل الاقتصاد اللبناني، الواقع تحت ضغوطات اقتصادية ومعيشية ومالية ونقدية، بفعل تذبذب وفرة النقد الأجنبي، وتراجع ثقة الشارع بالعملة المحلية (الليرة).

أحدث الأزمات التي تواجه لبنان تأثر وفرة إمدادات الطاقة الكهربائية في مختلف محافظات البلاد، مع بدء التقنين لساعات طويلة، في ظل شح مادة الوقود المستخدم لتوليد الطاقة، الناجم عن عدم توفر السيولة الأجنبية.

ووصل انقطاع التيار الكهربائي بالعاصمة بيروت إلى أكثر من 12 ساعة يومياً، يترافق مع تقنين آخر من قبل أصحاب المولدات الكهربائية، بسبب شح مادة الوقود في الأسواق.

انخفاض حاد على العملة المحلية

الليرة اللبنانية مربوطة رسمياً عند 1500 للدولار، لكن يجري تداولها في السوق السوداء عند حوالي 9 آلاف ليرة لكل دولار، بعد انخفاضات حادة في الأسابيع الماضية.

ومطلع يوليو/تموز الجاري، أبلغ مجلس إدارة مؤسسة كهرباء لبنان (حكومية)، وزير الطاقة ريمون غجر، بأنه قد يستحيل على المؤسسة الحفاظ على استمرارية المرفق العام لإنتاج ونقل وتوزيع التيار الكهربائي إلى المشتركين.

وقرر مجلس الإدارة إبلاغ وزير الطاقة بأن الأوضاع في البلاد، والمشاكل باتت تزيد من الصعوبات الملقاة على عاتق المؤسسة وتثقل كاهلها.

الشارع محبط

المواطن عادل أحمد (34 عاماً) يقول: "لم نكن نتوقع أن يحصل هذا خصوصاً في بيروت، حيث وفرة الطاقة أكثر من المحافظات الأخرى.. اليوم نحصل على الكهرباء بشكل متقطع لا يزيد على ساعتين في كل مرة".

فيما تفيد زينة حلواني، صاحبة مقهى، بأن "البضاعة مصيرها التلف بسبب ارتفاع أسعار السلع التي تعتمد على الكهرباء للحفاظ على جودتها.. وبالتالي أي رفع للأسعار يعني أن الزبون سيفكر أكثر من مرة قبل الشراء".

وترى بتول (26 عاماً) أن "الشعب اللبناني يفكر الآن بالكهرباء.. ربطة الخبز أصبحت بقيمة ألفي ليرة (1.3 دولار بالسعر الرسمي) إنه سعر مرتفع، العالم يتقدم ويتطور ونحن نعود إلى الشمعة".

فيما يقول إيلي فغالي (27 عاماً): "ساعد الله الشعب اللبناني على الحكام السارقين، خنقونا وسرقونا وقتلونا، والله يضعون من يطالب بلقمة العيش والكهرباء ويقول كلمة الحق، في السجون"، وفق تعبيره.

ليس الدولار فقط

تعليقاً على الأزمة، شرحت مصادر في وزارة الطاقة، سبب تقنين التيار قائلة: "التقنين هو بسبب التأخير بتسلم الوقود اللازم لتوليد الطاقة.. نأتي به من خلال عقود مع شركتي سوناطراك الجزائرية وkpc الكويتية".

وتضيف: "بعد المشكلة التي حصلت مع الشحنتين لسوناطراك، وقلنا إنهما غير مطابقتين للمواصفات وتم حجزهما، والقضاء قام بتحقيقاته، قالت الشركة إنها لن تأتي بالوقود إلا بعد الإفراج عن الشحنتين".

وتابعت المصادر: "القضاء أعطى أمراً وألغى الحجز عليهما وحلت المشكلة، كان هناك فترة شهرين لا نستلم فيهما الوقود واستنفدنا كل المخزون، الآن عدنا إلى الجدول على أن تصل الشحنات تباعًا اعتباراً من نهاية الأسبوع الجاري".

وتؤكد أن "التأخير بشحنات الفيول هو السبب الأساسي للأزمة وليس شح الدولار فقط، بيروت كانت تحصل على 22 ساعة تغذية وباقي المناطق 12 أو 14 ساعة في الصيف، الآن لا يمكننا تأمين ذلك".

وفي أبريل/نيسان الماضي، حققت السلطات بقضية الوقود المغشوش، التي أدت إلى توقيف ممثل شركة "سوناطراك" الجزائرية في البلاد طارق الفوال، و16 شخصاً آخرين، في قضية تسليم شحنة تتضمن عيوباً في نوعية الوقود، لصالح شركة كهرباء لبنان.

وترتبط "سوناطراك"، منذ يناير/كانون الثاني 2006، باتفاقية مع وزارة الطاقة اللبنانية، لتزويدها بوقود الديزل وزيت الوقود (الفيول) حيث تقوم ببيع وقود السيارات و"المازوت" إلى مؤسسة كهرباء لبنان.

احتكار الوقود

وتشير المصادر في وزارة الطاقة إلى سبب آخر في الأزمة، يعود إلى شراء الوقود من الأسواق واحتكاره أو تخزينه تخوفاً من فترة مقبلة "قاتمة".

من جهته، يقول رئيس تجمع المولدات في لبنان عبدو سعادة: "نحن نعاني كثيراً بالقطاع، وجدنا لنغطي عجز الدولة لا لنكون محلها، أصبحنا نحمل المسؤولية ولم يبق أحد آخر مسؤولاً".

ويضيف: "اليوم كهرباء لبنان تقنن بين 20 و22 ساعة، ونحن نعطي الطاقة في ظل شح مادة المازوت التي نحصل عليها من السوق السوداء، سعره بالسوق 14 ألف ليرة، ونحن نأخذه بسعر 24 ألفاً.. هذه معاناة".

ويشهد لبنان، منذ 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، احتجاجات شعبية ترفع مطالب اقتصادية وسياسية، أجبرت حكومة سعد الحريري على الاستقالة في 29 من الشهر نفسه، وحلت محلها حكومة حسان دياب في 11 فبراير/شباط الماضي.

ويطالب المحتجون برحيل الطبقة السياسية، التي يحملونها مسؤولية "الفساد المستشري" في مؤسسات الدولة، ويرونه السبب الأساسي للانهيار المالي والاقتصادي في البلاد.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي