لوموند: العيون تتجه صوب إسرائيل بعد الانفجار الذي استهدف موقعا نوويا في إيران

2020-07-08

قالت صحيفة لوموند الفرنسية إن الانفجار الذي هز موقعا في مجمع نطنز النووي الإيراني قد اتضح أنه عمل متعمد وأن لإسرائيل يدا فيه، لكن طهران تريد تجنب التصعيد خوفا من حمل الأوروبيين على الاصطفاف مع الموقف الأميركي.

وفي مقال مشترك بين مراسل الصحيفة بالقدس لويس إمبرت والصحفي ألان كافال، قال الكاتبان إن مسؤولا في الاستخبارات بالشرق الأوسط ذكر لصحيفة نيويورك تايمز -دون الكشف عن هويته- أن إسرائيل هي المسؤولة عن الانفجار القوي الذي لا يزال غير معروف الأصل بدقة.

وانتقد وزير الدفاع الإسرائيلي السابق أفيغدور ليبرمان هذا التصريح، ونسبه إلى رئيس الموساد يوسي كوهين، دون تسميته بصراحة، وقال إنه يجب إسكات هذا المسؤول.

وبموجب السياسة الإسرائيلية التي تقتضي عدم إنكار مثل هذه المعلومات أو تأكيدها رسميا، اكتفى وزير الخارجية الإسرائيلي غابي أشكنازي يوم الأحد الماضي بالقول إن هدف إسرائيل هو منع إيران من تطوير سلاح نووي، وإنها لذلك كانت تقوم "بأعمال من الأفضل عدم الحديث عنها".

وفي نفس السياق، أعلنت سلطات تل أبيب أول أمس الاثنين أنها أطلقت قمرا صناعيا جديدا للتجسس قادرا على تحسين مراقبتها أنشطة إيران النووية.

من جهتها، أكدت طهران في وقت سابق أن منشأة نطنز -التي يتم فيها تجميع واختبار أجهزة الطرد المركزي المتقدمة لإنتاج اليورانيوم المخصب- قد تضررت جراء الحادث، وأنها أكملت تحقيقاتها ومعرفة مصدر الحادث، لكنها امتنعت عن الكشف عنه في الوقت الحالي "لأسباب أمنية".

ولاحظت الصحيفة أن المعلومات التي تقدمها طهران تمزج بين الشفافية والاحتياط، في وقت يتساءل فيه الرأي العام الإيراني عن سلسلة من الأحداث استهدفت في الفترة الأخيرة البنية التحتية للدولة، بما فيها مواقع مرتبطة بالبرامج النووية والباليستية.

انتظار وترقب

وفي إسرائيل، يفسر الترقب وعدم الوضوح الإيراني بأنه إحجام عن الانخراط في تصعيد عسكري، حيث يرى رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية السابق عاموس يدلين أن "مشكلة الإيرانيين هي أنهم لا يرغبون في التصعيد قبل الانتخابات الأميركية" المقرر إجراؤها في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

ومما حفز هجوم نطنز الأخير -حسب الكاتبين- هو أن إيران تبدو من وجهة نظر تل أبيب مقيدة جزئيا بأزمة اقتصادية غير مسبوقة تحت تأثير العقوبات الأميركية ووباء كوفيد-19، والمخاوف من استفزاز القوات الأميركية في فترة ما قبل الانتخابات، وبالتالي فإن هذا الضعف المفترض يفتح لتل أبيب نافذة من الفرص لبضعة أشهر.

وقالت سيما شاين المديرة السابقة لقسم البحث والتقييم في الموساد المسؤولة عن إيران في معهد دراسات الأمن القومي إن "هدف إيران النهائي هو رفع العقوبات وليس التصعيد العسكري، ولكن من الصعب ألا ترد حتى لا تبدو ضعيفة (…)، قد تعتقد أن هجوما سيبرانيا على إسرائيل والولايات المتحدة لن يتحول إلى مواجهة عسكرية، إلا أن نجاحه غير مؤكد، خاصة أن محاولتها الأخيرة ضد شبكة المياه الإسرائيلية باءت بالفشل".

ويضيف الكاتبان أنه ومع أن وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية نشرت عقب حادثة نطنز نصا يحذر واشنطن وتل أبيب من رد الفعل الإيراني ويشير إلى تجاوزهما الخط الأحمر وينبه إلى الحاجة إلى إعادة التفكير في إستراتيجية إيرانية إلا أنها ظلت حتى الآن حذرة في ردودها.

لكن ضبط النفس هو السائد في طهران كما يرى خبير في الشؤون الدبلوماسية الإيرانية، حيث يقول إنه "لا ينبغي إعطاء الذرائع للولايات المتحدة من خلال رد فعل متهور".

عواقب سلبية

وأشار كاتبا مقال لوموند إلى أن سياسة الضغط الأقصى على طهران التي انتهجتها واشنطن لم تسفر عن أي نتائج مقنعة، وهي لذلك تشن حملة في مجلس الأمن الدولي لتمديد حظر الأسلحة المفروض على إيران قبل أن ينتهي في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وتهدد بعودة كاملة لعقوبات الأمم المتحدة، إلا أن باقي أعضاء المجلس -خاصة من الأوروبيين- يرفضون مثل هذا السيناريو.

وأساس ذلك -حسب الكاتبين- هو أنه يبدو أن السلطة التنفيذية الإيرانية تريد في هذه المرحلة تجنب مثل هذا السيناريو، وذلك من خلال إبداء الحذر، خاصة أن ردا إيرانيا يمكن أن تستفيد منه الولايات المتحدة، مما قد يجبر الأوروبيين على التحول ولو على مضض إلى دعمها.

وحسب توقعات المخابرات العسكرية الإسرائيلية، فإن الأنشطة في موقع نطنز لا تستدعي عملا عسكريا إسرائيليا عاجلا مدفوعا بالخوف من امتلاك إيران أسلحة نووية على المدى القصير، لأن قدرات طهران لا تزال محدودة، ولأن الموقع المتضرر مفتوح لعمليات التفتيش من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

ورجح الكاتبان في ختام مقالهما أن تغرق حادثة نطنز هذا الجزء من البرنامج النووي الإيراني في الغموض، إذ قد ترغب طهران في إعادة بناء منشآت مماثلة لتلك التي دمرت ولكن سرا.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي