سوق الرهن العقاري في الصين تتجاوز 4 تريليونات دولار

2020-06-27

في إطار بحث المستثمرين والصناديق عن أدوات استثمار جديدة في ظل تبعات أزمة وباء كورونا تتجه الأنظار لسوق غير متوقعة، تتمثل في قطاع العقارات بالصين. ورغم أن بعض المؤسسات المالية الكبرى تسوّق منذ فترة مشتقات استثمارية صينية، فإن سندات الرهن العقاري تعد من الأوراق الحديثة نسبياً.

وفي ظل عدم اليقين الذي يحيط بسوق العقارات في الاقتصادات المتقدمة، تتجه البنوك الاستثمارية والصناديق والمستثمرين إلى سندات الرهن العقاري المضمونة بالعقارات السكنية في الصين.

ورغم أن الاهتمام حول العالم يتركز دائماً على سوق العقارات الأميركية، كمؤشر على نظيرتها في العالم، ولأنها من بين الأكبر حجماً والأكثر مرونة بالإضافة إلى نظيرتها البريطانية، فإن سوق العقارات الصينية تتوسع خلال العقدين الأخيرين. وزاد ذلك مع تعديل اللوائح والقواعد الحكومية التي تنظم عملية شراء البيوت وأيضاً التعديلات على شروط وقواعد الإقراض العقاري في السنوات القليلة الأخيرة. وبنهاية العام الماضي وصل حجم الإقراض العقاري في الصين إلى 30 تريليون رنمينبي (4.2 تريليون دولار).

في ورقة أولية للمستثمرين، أصدرت مؤسسة التصنيف الائتماني "ستاندرد آند بورز" عرضاً لسندات الرهن العقاري الصينية التي تخضع لتصنيفها. وتتضمن الورقة شرحاً تفصيلياً في البداية لطبيعة سوق العقارات الصينية، وأنواع العقارات السكنية فيها، ومصادر قروض الرهن العقاري.

وتسيطر 6 بنوك حكومية على 75 في المئة من سوق قروض الرهن العقاري الصيني. ومع تعديل الإجراءات الحكومية وزيادة كثافة المناطق الحضرية بها، ارتفع حجم أصول الرهن العقاري لدى تلك البنوك الستة أضعافاً في غضون السنوات العشر الأخيرة. وبالتالي زاد حجم إصدار سندات الرهن العقاري، مصدر التمويل الرئيس لقروض القطاع، ليبلغ ذروته عام 2018 حين وصل إلى 584 مليار رنمينبي (82.5 مليار دولار).

سوق مختلفة

تختلف طبيعة القطاع العقاري الصيني عمّا هو معروف في دول أخرى مثل أميركا وبريطانيا وأستراليا وغيرها. فالغالبية العظمى من العقارات السكنية هي شقق في مجمعات للشقق أو أبراج شاهقة وليست بيوتاً كما في بريطانيا وأميركا مثلاً. كذلك تتركز كثافة العقار في المناطق الحضرية، وفي قلب المدن وليس في الضواحي كما في أميركا وغيرها.

ويعتمد النطوير العقاري في الصين على الكثافة مع محدودية المساحة من الأرض، لذلك تجد التوسع رأسياً وليس أفقياً. كما أن العقارات بالمدن الكبرى والرئيسة، ووسط المدن تحديداً، أغلى سعراً وعليها إقبال أكبر من مساكن الضواحي.

وحسب القوانين المنظمة لملكية العقارات وشروط قروض الرهن العقاري تقسّم الشقق على أساس المساحة إلى نوعين؛ عادي وغير عادي. السكن العادي هو ما تصل مساحته إلى 144 متراً مربعاً، أو ما دون ذلك. والسكن الذي تزيد مساحته على ذلك فهو عقار غير عادي. وهناك معايير أخرى تتعلق بموقع العقار من المدينة.

لا توجد ملكية حرة للأرض المبني عليها العقار كما في بريطانيا وأميركا، فكل الأرض السكنية مملوكة للدولة. وعندما يشتري شخص وحدة سكنية يحصل على عقد ملكية للوحدة وعقد حق انتفاع للأرض. وفي الأغلب تكون مدة حق الانتفاع 70 عاماً، تجدد في نهايتها. لكن هناك أيضاً أماكن وعقارات تتراوح مدة حق الانتفاع فيها ما بين 20 و50 عاماً.

كل تلك العوامل ضرورية للحصول على قرض عقاري، وبالتالي تؤخذ في الاعتبار من قِبل مؤسسات التصنيف والبنوك الاستثمارية والصناديق لدى تقييم سندات الرهن العقاري. لكن في الإجمال، تعد سوق الرهن العقاري مستقرة نسبياً مقارنة بغيرها، فهي في الأغلب تسيطر عليها البنوك الحكومية، وبالتالي فسندات التمويل تلك تعد "مضمونة حكومياً" بشكل أو بآخر.

ضبط حكومي

تقسّم المدن الصينية إلى أربع درجات من حيث قيمة العقار، وتأتي المدن الرئيسة في المرتبة الأعلى. فالدرجة الأولى تشمل مدناً مثل بكين وشنغهاي وشينجين مثلاً. وهناك فارق كبير في الأسعار ما بين الدرجة الأولى والدرجة الرابعة. ففي الفترة من 2012 الى 2016 ارتفع سعر العرض (الذي يضعه البائع للوحدة السكنية حين يعرضها للبيع) في مدن الدرجة الأولى الأربعة بنسبة 80 في المئة. في المقابل ارتفع سعر العرض في الفترة نفسها في مدن الدرجة الثانية 25 في المئة.

لكن الحكومة تدخلت عبر عدد من الإجراءات، مثل تغيير قواعد الرهن العقاري كما حدث العام الماضي وغيرها، لضبط السوق ومنع الغليان تفادياً لفقاعة عقارية. ولأن السوق العقارية تخضع لمراقبة لصيقة من السلطات الاقتصادية والمالية الحكومية، فإن احتمالات المضاربات فيها أقل. ومن بين الشروط الصارمة التي تفرضها السلطات، غير النسبة المحددة من الدخل لدفع أقساط الرهن العقاري، شرط ألا يزيد مجموع مدة القرض العقاري وسن المتقدم للحصول عليه على 65 عاماً.

وفي الإجمال، أصبحت الأسعار مستقرة إلى حد كبير، فمنذ عام 2017 حتى الآن لا يصل معدل الزيادة السنوية في أسعار العقار بالصين إلى 5 في المئة. طبعاً مع التباين في بعض المدن حسب درجاتها، والمناطق داخل المدن، وأيضاً حسب نوعية العقار. وتصل مدة القرض العقاري في المتوسط 22 عاماً، وبمعدل فائدة في المتوسط 4.7 في المئة.

ويعرض تقرير ستاندرد آند بورز، للعوامل التي تحكم تقييمها لسندات الرهن العقاري الصينية لتوضح الفوائد والمخاطر للمستثمرين الراغبين الذين يعتمدون على تصنيف المؤسسة للمشتقات الاستثمارية التي يستهدفونها. وفي الإجمال، تبدو الضوابط الحكومية وقدرة السلطات الصينية على ضبط اتجاه السوق كفيلة بالحيلولة دون التقلبات الهائلة.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي